د.علي عبد داود الزكي
تمكن الذين وصلوا الى البرلمان في الانتخابات عام 2005 من التاسيس لحكومة ضعيفة متناقضة الوجوه والتوجهات يمكن ان نقول عنها حكومة ؛؛الاخوة الاعداء؛؛... انهارت امام التناحرات القيمية والثقافية والفكرية المتطرفة مقومات التماسك الاجتماعي ونشات ثقافة جديدة للعراقين اسمها الاغتراب اسمها الفرقة والاختلاف اسمها التباعد مما جعل العراقيين وخصوصا في العاصمة يعيشون وكانهم في سجنا عظيم ...لكن حكومة المالكي خصوصا بالسنتين الاخيرتين نجحت وحققت شيئا من الاستقرار الامني ..ان هذا النجاح ليس شخصي للسيد رئيس الوزراء بقدر ما هو نجاح جماعي للحكومة ..وهنا يجب الانتباه الى النجاح تم قطف ثماره للمالكي فقط ...لم يكن المالكي لينجح ويحقق ما حققه لولا جود مؤازرة حقيقة من قبل المناضلين العراقيين الذين اسندوه بقوة في حكومته ...
لقد دعموا حكومته وهي باشد حالات ضعفها ولم يدعوا الحكومة تسقط ... واسقطوا مشروع الارهاب العربي الوافد للعراق اسقطوا مشروع السعودية ورؤياها الظلامية للعراق ... فلماذا تناسى المالكي دورهم العظيم في نصره؟!!!.. يمكن ان نعد نجاح المالكي في الكثير من الامور هو نجاحا جماعيا لكل المناضلين الذين رفضوا اسقاط حكومته رغم الكبوات والعثرات الكثيرة والكبيرة التي وضعت امام حكومته. لا نريد ان نقلب اوراق الالم فيما فشلت به الحكومة .. لكن ممكن القول ان الحكومة نجحت في الكثير وفشلت في الكثيرا ايضا... مع ذلك المالكي اصبح شخصية رمزية ذات قبول جماهيري كبير فقد حقق الكثير للانسان العراقي البسيط خصوصا في المناطق الشعبية ولو ان ما حققه نسبي فقد حرر الانسان من الكثير من الالم والخوف لكنه استغل عاطفة الشعب العفوية بشدة لغرض ترسيخ سلطانه على حساب الاستراتيجية الوطنية وبناء الدولة بشكل سليم وكأن ما يهمه الكرسي فقط قبل اي حقيقة او فضيلة.. ان تحقيق الامن النسبي في بغداد وضرب الارهاب المسلح وعصابات الجريمة المنظمة كانت هي النقاط التي اعطت المالكي اسما لامعا حتى هو لم يكن يدركه ويتصوره الا بعد فوز قائمته في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة.. ان نجاحه الساحق في تلك الانتخابات جعلته يصاب بالغرور وحب التسلط وجعلت منه رمزا للتدكتر الجديد... واصبح اسم المالكي بوابة لصعود الكثير من الفاسدين والمتلونين حرباوات الزمان والمكان عبر بوابة الانتخابات..
وللاسف الكثير من الذين تسلقوا الى السلطة على اكتاف المناضلين كانوا من البعثيين والمنافقين وصلوا لمواقع رفيعة بالسلطة ووقفوا بين المالكي وبين الحقيقة الوطنية واستراتيجية التوحد الوطني للمناضلين ..وشوهوا الكثير وافسدوا الكثير ... كما ان هموم البلد الكثيرة لم تجعل المالكي ينتبه لما يسيء لمعنويات الانسان العراقي فقد اصبحت السلطة لا تحترم الانسان ولا تنصف المظومين لا تحمي الضعفاء ولا تهتم للعدال الاجتماعي . المالكي لم ينتبه لكل هذا امام فوزه العظيم الذي حققه في مجالس المحافظات بل ازدادت سلطته وازداد تدكترا ... مما جعله يخسر الكثير من اواصر انتمائه للمناضلين الذين عانوا من اجل العراق لسنين طويلة ... مما جعله يسير في وادي وهم في وادي اخر...وبدا ينظر اليهم وكانهم اضداد وليس اخوة نضال في مرحلة كان من المفروض به ان يؤسس لدولة العدل ويعتمد في بنيانها على المخلصين وليس على المتلونين لم ينتبه المالكي لخطورة المرحلة واخذه الغرور وزين له اتباعه خطوات انفصاله عن الثقل السياسي الوطني للمناضيلن..نسى ان السياسة ليست شخص وانما مؤسسة ذات ثقل وتاثير وما حققه بالامس لا يعني شيء امام تنامي احتياجات الانسان العراقي ... الغد سيولد ازمات اقتصادية واجتماعية جديدة من الصعوبة تجاوزها وحلها خصوصا ونحن بلدا ذو اقتصاد كسيحا يعتمد على النفط فقط والبطالة المقنعة تستنزف كل موارد البلد....
ان مرحلة تشكيل حكومة جديدة ليست سهلة وليس هي افتراض وانما هي عمل مخلص من اجل شفاء العراق ولا يمكن ان تبنى الدولة على اسس التناقض والاختلاف الهدام وعلى اساس الضغائن التافهة التي تفصل بين الاخوة...ان مقومات تشكيل الحكومة ليست بيد المالكي وحده كما كان يتصور.. صحيح المالكي يعد من شجعان المرحلة ومن الذين لا يخافون في الحق لومة لائم لكن ما حققه من نصر للاسف استغله المتلونون واستغلوا نجاحه الكبير ليبعدوه عن اخلص المناضلين يمكن ان ننظر الى كتلة المالكي المناضلة بشخصيات لا تتجاوز اصابع اليد... اما الاخرين فانهم مرحليون ليس لهم تاريخ نضالي والبعض منهم متسلقون طامعون بمكاسب الحكم والتسلط على المجتمع.. ان قائمة المالكي فازت بشخصا واحد فقط هو المالكي والذين يستحقوا ان يكونوا معه في هذا الفوز لا يتجاوزوا عشرة من اتباعه .. فازت قائمته بعدد كبير من المقاعد ومنحت لمن لا يستحقها... ان هذا يعد ظلما للمالكي ونكران للجميل لمن اوصل المالكي الى قمة نجاحه في المرحلة السابقة كما يمكن ان نعد ذلك سرقة من الذين ازروه ومنحوا حكومة القوة لتصمد بوجه الارهاب ووجه من اراد اسقاطها في المرحلة الماضية . كان الاجدى بالمالكي ان يمنح هذه المقاعد لمن يستحقونها الذين كان المالكي يمثل حكومة وحدتهم وحكومة قوتهم وتراصفهم ... كان الاجدى بالمالكي ان يمنح مكاسبه لاصحابه المخلصين الذين جاهدوا سنين طويلة ضد الظلم والطغيان البعثي الصدامي وذلك لكي يكون وفيا لهم قويا بهم ويكون اقوياء به ...
ان المالكي رغم فوزه باصوات كبيرة لكنه فقد اهم مقومات النجاح ليكون زعيم المرحلة القادمة وهذا للاسف شيء لم يحسب حسابه المالكي قبل الانتخابات لكنه يبدوا الان واضحا وضوح الشمس ...الحاشية التي كانت حول المالكي كانت تعمل على منعه من ان يكون منتميا الى الائتلاف الا اذا كان له نصيب الاسد في الائتلاف.. لكي يضمن المالكي التسيد في القائمة وهذا كان فيه الكثير من التجاوز على المناضلين الذين منحوا العراق الكثير الكثير في ايام النضال ضد النظام البائد... وها هي الازمة السياسية الان تعصف باتجاهات بعيدة جدا عن تصورات المالكي وتصورات حاشيته ووزراء حكومته من الذين لم ينالوا الا عشرات الاصوات فقط.... فهل ان ما حققه المالكي هذا يعد فوزا ونصرا ؟!!! رغم انه قد يكون اخر فوز يمكن ان يحققه خصوصا ان اصبحا بعيدا عن كرسي رئاسة الوزراء .. فوز المالكي ليس فوزا لقائمته وانما هو فوزا مسروقا من قائمة الائتلاف الوطني التي كان احد رجالاتها السيد نوري المالكي . من الممكن اعتبار فوز المالكي فوز لشخص تم صنعه من قبل كتلة منحته الكثير لتصمد حكومته وتنجح.. ان كتلة الائتلاف الوطني العراقي رغم فوزها باعداد مقاعد اقل بكثير من قائمة المالكي لكنهم يمتلكون ثقل سياسي كبير ويمتلكون شخصيات سياسية مؤثرة لها وزنها ممكن ان تعمل على فض ومعالجة الكثير من ازمات المرحلة القادمة .. ما حصل لا يمكن ان يتنبا به احد لكن الدروس والعبر الديمقراطية كثيرة وتجربتنا الديمقراطية لازالت في طور الطفولة ولكن للاسف ليست طفولة الديمقراطية بريئة.... وتصرفات بعض الاطراف السياسية هوجاء وغير منطقية الا بمفهومها الانفعالي الاني لكنها بمفهوم استراتيجي خاطئة ومنحدرة الى مستوى التدكتر ومستوى استلهام الرؤية الصنمية في الحكم ... لكن ان الاوان لمعالجة الالم ان الاوان لتقليل الخسائر ... قد يعمل الانسان على ان يفوز لكن اخطاءه والظروف احيانا تسبب له خسائر كبيرة لذا على الحكيم ان يستفاد من اخطاءه وان يتصرف بحكمة ليقلل الخسائر ويلملم الجراح... ان الاوان للجلوس والتمعن في مستقبل العراق ان الاوان لفتح محاور الحوار الاخوي و تناسي الالم وتناسي خلافات مرحلة الغرور والتسرع.. ان الايثار والاخوة والمصلحة الوطنية العليا فوق كل الخلافات الثانوية غير المبررة . المهم الان العمل لحفظ حقوق الامة العراقية ومنع اي انهيار لمكاسب الشعب العراقي وسد الطرق امام القوى البعثية الارهابية المدعومة بمليارت الدولارات العربية من افشال طموحات شعبنا ليرى النور والخلاص ويعيش الازدهار والرفاه .. ان العراق ذمة باعناق الشرفاء.. انها لحظة قرار صعب بين المحافظين البعثيين العملاء الذين يحملون اراء الماضي وفكره ويعملون من اجل طمس الهوية الوطنية العراقية لصالح المشروع السعودي في العراق والمنطقة وبين ائتلاف الاخوة للمناضلين... لا نريد ائتلافين وانما نريد انبثاق ائتلاف الاخوة لكل المناضلين .... ستغرق السفينة ما لم تكون هناك التفاته سريعة لذلك... لا يوجد وقت ضائع انها ساعة الصفر ... العراق ليس شخص ولن يختزل بشخص العراق امة وليس جزء من امة....
https://telegram.me/buratha