المقالات

تداعيات الانهيار الخلقي

992 21:24:00 2010-03-11

حسن الهاشمي

ريثما نصل إلى أمة محصنة من تداعيات الجانب السلبي في الحضارة الغربية، والتي تبث عبر الأثير وهي متاحة للتداول والتناقل في الكثير من التقنيات التي غزتنا في عقر دارنا، نحن بحاجة إلى وقفة مسؤولة تحصن المتلقي وتوصله إلى سبل النجاة، وكما هو معلوم إن عملية الهدم أسهل مؤونة من عملية البناء، ويكفي لفيلم أو مسلسل درامي منحرف أن يقضي على أخلاقيات أسرة بأكملها ويجعلها قاعا صفصفا، لاسيما إذا ما خلت من أمصال المناعة السلوكية الهادفة، ناهيك عما يبث عبر الفضائيات من أفلام مبتذلة وحفلات ماجنة وحوارات منحرفة، الهدف كل الهدف منها سلب العفة والكرامة والإنسانية من بني البشر، وبالتالي تسييره وفق المناهج المادية المقيتة البعيدة كل البعد عن المناهج الأخلاقية التي تقوّم السلوك وتبذر في الإنسان بذور المحبة والإيثار والكرامة التي بها يحيى وبدونها تضحى حياته كئيبة رتيبة لا هدفية من مراميها ولا ثمرة من عطاءاتها وتكون عادة مبتورة بطوارق الزمان وحوادث الأيام.وما دام الموت يتربص بنا وهو ينقضّ علينا ولو كنا في بروج مشيدة، وما دام مصير الإنسان مهما بلغ من القوة والثروة والسطوة هو الموت والفناء، فإن السعادة تكمن في الأخلاق وتهذيب الروح والنفس وليس الانحراف عن جادة الصواب، وعليه إن السعادة الحقيقية في عفة المرأة والحفاظ على شرفها وكرامتها لتكوين أسرة متماسكة تتواصى بالخير والصلاح تمهيدا لبناء مجتمع متكامل يقوم على أساس العدالة والمساواة، أما السعادة التي يعولون عليها أهل الهوى، فإنها سعادة مؤقتة يشوبها القلق النفسي والانهيار العصبي ومآلها إلى اليأس والقنوط ولو بعد حين، ولاسيما إذا ابتلي الجسد وترهلت الأعضاء وخارت القوى، فإن سعادة الهوى تتهاوى حينئذ، ولكن سعادة التقوى تتسامى وتتكامل وتتألق كلما تقادم الزمان عليها، ناهيك عما يشوبها من راحة البال واطمئنان النفس، حيث أنها تستمد قوتها من قوة غير متناهية، وهي بعيدة عن مكونات المادة الفانية التي عندما تفنى فإنها تفني معها أحلام السعادة الدنيوية، ولا يبقى في الوجود وقتئذ إلا السعادة الحقيقية المبنية على الروح والأخلاق والفضائل.المدافعة الإنسانية حيال ما يواجهه من إغراءات غريزية حيوانية وما تدفعه إلى ترع الفجور حيث الجرائم والموبقات والآثام، وإفرازات عقلائية تكاملية وما تضمه من واحة التقوى حيث صيانة النفس من كل ما من شأنه الخدش بالحياء والفضيلة، هي التي تحدد مصير الإنسان في أن يكون صبيانيا في تصرفاته أو عقلائيا في الاستفادة المثلى من مباهج الدنيا دونما إفراط أو تفريط، مع ملاحظة الجانب الإنساني لتكريس الألفة وتثبيت حالة التكافل والتواصل بين أبناء المجتمع الواحد.وفي قراءة مقارنة للنظام الأخلاقي الإسلامي والنظم الغربية الوضعية التي أوجدت حالة الانقلاب على الصعيد الأخلاقي خاصة، إن الغرب اليوم يجر الويلات من حالة الانفلات الجنسي خاصة، في حين يمثل ميزان الصلاح والتنمية للنظام الاجتماعي أوجه وخصوصا عندما انحصرت بعثة خاتم الأنبياء بالأخلاق حينما قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.ولا غرو عندما نشاهد بعض الحضارات وهي متقدمة ماديا وتكنلوجيا وصناعيا، بيد إن ما يفتك بها هو التردي الأخلاقي والانهيار النفسي، وإذا ما أجرينا استطلاعا يغور في أوساط الموجة المادية، فإنها وبقرارة أنفسها تذعن حيال مقومات الأخلاق لاسيما بعد اصطدامها بصخرة الواقع المرير من جرائم وانتحار وتشرذم، وهي نتيجة طبيعية من التحلل الخلقي والعقائدي لدى المجتمعات المادية. وعندما يقف المرء على أطلال الانهيار الخلقي يرجع إلى الفطرة الإلهية السليمة التي هي الملجأ والمأوى والمآل لكل من قرر الحياة وهو شاهد على ما آل إليه الانهيار الخلقي من مآسي وويلات لا يمكن صدعها إلا من خلال الفطرة التي فطر الناس عليها حيث البراءة والجنوح نحو العطاء المادي والأخلاقي المتعادل والمتكامل والمتعاضد، وهي التي تعمل بكفاءة عالية ولا تؤثر فيها مثل تلك الترهات والانحرافات مهما بلغت وتكاثرت.وللوقوف أمام الهجمة الإباحية الغربية لابد من استنفار القوى الإيمانية في مواجهة قوى الضلال والفساد التي تريد أن تسرق هذا الجيل وتسلب هويته وأصالته، وهنا يتعاظم دور الأسرة ودور الآباء والأمهات في هذا الإستنفار الإيماني والروحي والأخلاقي والثقافي بمساندة واستنارة العلماء والخطباء والمثقفين الملتزمين، وإن غياب هذا التعاون والتنسيق يفقد البرنامج الإيماني قدرته الفاعلة في التأثير والنجاح.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك