المقالات

حين ركع جنرالات البعث وأزلامه !! الحلقة (( 5 ))

1183 18:34:00 2010-02-22

أحمد سعيد / أستراليا

موقف المرجعية من الثورة

قرع صدام طبول الحرب ضد شعبه ، وأوكل الى جنرالاته وزبانيته تسيير الجيوش الى مدن العراق الثائرة ضده ، للقضاء على الثورة وإجهاضها ، وربما كان لمرارة هزيمته في الكويت في ذلك العام الدور الكبير في إشعال نار الحقد ضد هذا الشعب الذي لم يكن معه في تلك الحرب وفضّل أغلب جنوده الهرب وترك الخدمة ، لان المعارك هناك كانت محسومة النتائج سلفاً حتى للبسطاء من الناس ، علاوة على عدم وجود المبرر المقنع للخوض في تلك الحرب . كما أن صدام لم يكن ليتصور يوما أن يثورَ العراقيون ضده بعد كل الرعب والخوف الذي حاول أن يزرعه في قلوبهم وذلك من خلال إنتهاجه لابشع وأقذرألاساليب اللانسانية وممارسة كل صنوف البطش وألارهاب والتعذيب للحيلولة دون صدور أي تحرك من الشعب ضده خلال سنوات حكمه .وبعد أشتعال فتيل الثورة في الناصرية وأنتشارها في باقي مدن العراق الجنوبية والشمالية ، كانت هناك حاجة ماسة وملحة وكما أسلفنا في الحلقة السابقة من هذا الموضوع لوجود تأييد ودعم ديني لها من قبل مرجعية النجف يعطيها زخماً قويا وتبريراً للاستمرار والمقاومة .ولابد من أستعراض موقف المرجعية في النجف بخصوص ثورة 1991 بعيداً عن أي شكل من أشكال المكابرة أو المجاملة المذهبية حتى يتسنى لنا من تبني هذه السلسلة من السرد كمرجع واضح وصريح لمرحلة في غاية الاهمية من تاريخ العراق ، لاسيما واننا كنا قد أعتمادنا ومنذ الحلقة الاولى على الموضوعية في سرد الاحداث وعلى توثيق الحقائق من خلال شهادات الشهود والاستماع الى روايات الكثير من المشاركين في تلك الثورة العظيمة ، ولم نكن لنترك شاردة أو واردة إلا وحاولنا البحث والتدقيق فيها معتمدين على الثقاة من قيادات الثورة ورجالها في تأكييد الكثير من القصص والروايات .أما بخصوص ردة الفعل في النجف تجاه الثورة ، فأن الجماهيرهي الجماهير أينما كانت داخل العراق ، وكأن هنالك أتفاقاً قد أبرم بين مشاعر الناس في كل المحافظات وأول ما حصل في النجف أن هبت الجموع بعد توارد انباء الثورة في الجنوب ، بأتجاه مرقد الامام علي بن ابي طالب عليه السلام لتتخذ منه مقراً ومنطلقاً لحركة الثوار ، ومن ثم بادرت الجماهيرالثائرة للنيل من مرتزقة النظام وأزلامه من البعثيين ورجال الامن والمخابرات في المدينة ، وقامت بقتلهم وسحل جثثهم في الشوارع ، حتى إن أحد الشهود قد أكد لي أن جموع الناس تلاقفت المدعو يونس الشمرتي والذي وجد مختبأ في أحد أنابيب المياه خارج النجف ، والشمرتي هو أحد أزلام البعث الذين شاركو بعملية أعتقال السيد الشهيد محمد باقر الصدر رحمه الله والذي أعدم بعد ذلك الاعتقال في التاسع من نيسان عام 1980 ، فقامت الجماهير بتقطيع يونس الشمرتي بالسيوف والسكاكين .كانت الامور في النجف تسير بخلاف ما حصل في مدن الجنوب ، فقد أستمرت معارك الثوار ضد اجهزة الامن والحزب وبقية ألاجهزة العسكرية والاستخباراتية لمدة ثلاث أيام حتى تمكن الثوار من بسط سيطرتهم على النجف ، في حين أن الثوار في مدن الجنوب فرضوا سيطرتهم على المدن خلال الساعات الاولى للثورة هناك .في صبيحة اليوم الثاني من أندلاع الثورة في النجف أرسل أية الله السيد عبد الاعلى السبزواري رحمه الله (( قُتل السيد السبزواري بالسم في مدينة النجف عام 1993 من قبل رجال المخابرات العراقية )) أحد أنجاله ليلقي خطاباً في الصحن الحيدري الشريف بالنيابة عن والده يؤكد فيه على تأييده للثورة ، وكان هو المرجع الوحيد في النجف الذي أعلن ببيان رسمي دعمه وتأييده للثوار ، في الوقت الذي كانت فيه الجموع تنتظر مثل هذا التأييد أو فتوى بالاستمرار بالثورة من السيد الخوئي بأعتباره زعيم الحوزة العلمية ليس فقط في العراق ولكن في العالم كله في تلك الفترة . وفي اليوم الثالث للاحداث وبعد سيطرة الثوار على النجف ، صدر بيان غامض وغير واضح من مكتب السيد الخوئي ، يُطالبْ فيه بحماية الاموال العامة ودفن الجثث المتروكة في الشوارع والمحافظة على بيضة الاسلام ، ولم يتبنى البيان أي وجهة نظر واضحة إتجاه الثورة . وهذا ما كان مدعاة لأختلاف وجهات نظر الشيعة إتجاه موقف المرجعية من الثورة فيما بعد ، فمنهم من وصفها بالخنوع والتخاذل عن الوقوف مع الثوار ، بينما رأى الطرف الاخر أنها تصرفت بعقلانية من أجل حماية أرواح المدنيين ، لا سيما بعد ظهور سماحة أية الله العظمى المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي رحمه الله مع صدام حسين في مقابلة بثها التلفزيون الحكومي حينذاك .

كان مقر قيادة قوات القدس للحرس الجمهوري في النجف وبالتحديد في منطقة بحر النجف ، وقد أستسلم معظم الضباط بعد مهاجمة مقرالفرقة من قبل الثوار وأجروا لقاءات موسعة مع بعض قادة الثورة هناك وأوضحوا لهم تأييدهم للثورة وأستعدادهم للتعاون معها ، وتم نقلهم بعد ذلك الى حي السعد حيث كان يقيم السيد أبو القاسم الخوئي في بيت نجله الاكبرالسيد محمد تقي الخوئي رحمه الله (( قتل بحادث سير مدبر من قبل المخابرات العراقية عام 1992 )) والذي أمربنقل كل أسلحة الفرقة ومعداتها الثقيلة الى ملعب النجف تحت حراسة مشددة من قبل أتباع بيت السيد الخوئي بعد عدم الاكتراث لعرض الضباط بالتعاون ، ومُنع الثوار من أستخدام هذه الاسلحة بأوامر من السيد محمد تقي الخوئي شخصياً ، ولقد عرض بعض قادة الثورة على السيد بعد إستقرار الوضع بيد الثوار في النجف بنقل الاسلحة الثقيلة والاليات التي تم الحصول عليها الى خارج النجف من جهة كربلاء ، لان الاوضاع كانت مستقرة في النجف وكذلك في الحلة والديوانية ، وكان الثوار يتوقعون الهجوم على النجف من جهة كربلاء التي لم تتوقف المعارك فيها منذ اليوم الاول للثورة ، وأقترحوا إقامة سواتر ترابية خارج النجف لصد الهجمات ولكن الطلب قوبل بالرفض من قبل السيد محمد تقي الخوئي ورد عليهم قائلا (( نحن نعرف ما نفعل )) . وللاسف لم يتم أستخدام أي ألية من تلك الاليات أوالاسلحة التي كانت مخزنة في الملعب ، في معارك المواجهات بين الثوار والجيوش الزاحفة بأتجاه النجف ، لحين إستيلاء الجيش عليها بعد أجتياح المدينة .بعد أن يأست الكثير من قيادات الثورة في مدن الجنوب من الحصول على الدعم الديني من مرجعية النجف وبالاخص من زعيمها الاول السيد الخوئي ، لجأ البعض الى تقليد ختم المرجعية وأصدار فتوى بأسم السيد أبو القاسم الخوئي تحض الناس على الجهاد ضد نظام صدام حسين ، وبالتأكيد فقد لاقت تلك الفتوى الترحيب في قلوب البعض والتشكييك من قبل الكثيرين لعدم وجود ما يدعمها من السلوك الفعلي في النجف من آل السيد الخوئي

تظافرت جهود الثوار في معظم مدن الجنوب للعمل على الاستمرار في المواجهة بعد تمكن جيوش صدام وقوات حرسه الجمهوري والحرس الخاص من القضاء على الثورة في مدنهم ، ولذلك كان توجه هؤلاء الثوارنحو النجف وكربلاء كبيراً بالرغم من إخفاق الثورة في الجنوب إلا ان معنويات الثوار ضلت عالية وأرادو أن تكون معارك الفصل في النجف وكربلاء ، هناك حيث مراقد رموز التشيع وقادتهم وأئمتهم العظام .ومن بغداد أنطلقت قوات الحرس الخاص والحرس الجمهوري وبعض تشكيلات الجيش الاخرى باتجاه النجف وكربلاء ، وبعد صفقة الخيانة المفضوحة والتي تمت بين صدام حسين وجلال الطالباني الرئيس الحالي للجمهورية العراقية ، مكنت صدام من نقل جزء من قواته في الشمال بأتجاه النجف وكربلاء لزيادة الدعم وتعزيز القوات الزاحفة هناك . على مداخل النجف وبالتحديد في منطقة المطحنة والتي تقع خارج النجف على الطريق الرئيسي القادم من كربلاء توجه ستونَ مقاتلا من الثوار وكلهم من أهالي الجنوب ، للوقوف بوجه الجيش الزاحف بأتجاه النجف للحيلولة دون دخوله اليها ، وفي الوقت الذي كان فيه معظم المقاتلين من أهالي النجف يحيطون بمكان إقامة المرجع الديني الكبير السيد الخوئي في حي السعد .أستمر القتال في المطحنة لمدة ثلاث أيام متواصلة بلياليها ، واجه فيها هؤلاء الستون ثائراً قوات الجيش الزاحفة بكل آلياتها ومعداتها ، بشجاعة وبسالة منقطعة النظير ، ألا أن نفاذ الذخيرة والطعام وعدم وصول أي إمدادت من النجف لاولئك المقاتلين ، حال دون الاستمرار في المقاومة ودعا الى الانسحاب فجراً الى المدينة ، وقصدوا مقر إقامة السيد الخوئي والذي وجدوه خالياً من أي حماية بعد ترك أتباعه له ، فقام هؤلاء الجنوبيون بوضع نقاط تفتيش وسيطرات مسلحة تحيط بالحي لتوفيرالحماية للسيد الخوئي ، وبعد ذلك توجه قسم منهم الى الكوفة حيث كانت المعارك مستمرة هناك بينما توجه القسم الاخرللمشاركة في معارك المقبرة داخل المدينة بعد أن أبدى السيد عدم حاجته لهم وطُلب منهم مغادرة محيط داره والمنطقة بعد أقتراب القوات المهاجمة من مركز المدينة . شارك في معارك المقبرة أهالي الجنوب المقيمين في النجف وكذلك الوافدين لها من المناطق الجنوبية للمشاركة في القتال مع بعض النجفيين والبحرينين الذين كان يقودهم الشيخ البحراني أحمد الموت والذي رفض مغادرة المدينة وكان يقوم بتغسيل جثث شهداء الثورة ودفنها ، لا سيما وان كل جوامع النجف كانت مغلقة خلال تلك ألايام ولم يتوجه رجل دين واحد للقيام بالصلاة على هؤلاء الشهداء سوى الشيخ أحمد الموت والذي أستشهد في المدينة أثناء المعارك .في الكوفة نشبت معارك ضارية بين الثوار وقوات الجيش وأظهرأهالي السماوة والرميثة الذين زحفوا من مدنهم للوقوف مع أخوانهم من الجنوبين والكوفيين ، بسالة مميزة في تلك المعارك التي كانت ألاشد ضراوة في تلك المنطقة وأُستشهد غالبية مقاتليهم في تلك المعركة .بعدما كتبوا ملاحمهم البطولية على صفحات تاريخ العراق المشرف . وبذلك تمكن الجيش من دخول النجف بعد تفرق أهالي النجف وإنسحاب من نجا من الثوار الى السماوة .كانت الطائرات تحوم في سماء النجف وهي تطلق نداءاتها من خلال مكبرات الصوت وتدعو المواطنين الى التوجه الى فندق السلام القائم وسط المدينة ، وقد توجه ما يقارب السبعة الاف شخص وأغلبهم من الاطفال والنساء والشيوخ الى الفندق المذكور وتم إعدامهم جميعاً خلال ساعات قليلة من وصولهم وبذلك تمكنت قوات الجيش من أخماد الثورة هناك . نكمل لكم الاحداث في الحلقة القادمة أن شاء الله

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جعفر السماوي
2010-02-23
السلام على الكاتب و السلام على شهداء الثورة المباركة و على كل من شارك بصدق و نية خالصة لله تعالى. هذه الثورة هي من اهم الثورات في عصرنا و من ارقاها موقفا دينيا و سياسيا بل حتى عسكريا.شكرا لكل من خاض في احياء هذه الثورة و نبتهل للمولى القدير ان يوفقك في عملك هذا
زيــــــد مغير
2010-02-22
للتذكير ..تم اعتقال السيد الخوئي قدس سره من قبل المجرم صابر الدوري وتم نقله الى بغداد بعد ضرب النجف بالصواريخ , دخل صابر الدوري الى سيده بطيحان التكريتي وقال له , (جئتك بهدية ..فقال بطيحان وما هي ؟؟ قال صابر الدوري جئتك بامامهم ) ..نرجو من المسؤولين أن لا ينسوا هذه الجريمة من قبل المجرم الجبان صابر الدوري اضافة لجرائمه ضد أبناء العراق الصابر ..وكل قادة بطيحان التكريتي جبناء دون استثناء سلطان هاشم وطالع الدوري لأن بطيحان يكره الشجعان والشرفاء فكان اعتماده دائما ً على من يتصف بالجبن والخسة .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك