قلم : سامي جواد كاظم
للحسين عليه السلام مواقف وحكم واقوال تفتح لنا افاقا لم نلتفت اليها من حياة الحسين (ع) ولعل ذلك لعظمة واقعة الطف ولكن هذا يحتم علينا الانتباه اصلا الى اسباب واقعة الطف فاننا نجد ان السبب الرئيسي هو ما يحمل الامام الحسين عليه السلام من مبادئ عظيمة يترجمها بالقول والفعل والتقرير على ارض الواقع وهذا يهز عروش الظلمة فكانت واقعة الطف ،وعلى اتباع اهل البيت عليهم السلام البحث في ابعادها .للاسف الشديد اني غالبا ما اقرأ كتب تتحدث بقلة عن هذه الروايات التي تخص الحسين عليه السلام ملتفتين الى الجانب الاخلاقي دون الجوانب الاخرى التي تغير مسيرة الامة لو تمعنا فيها جيدا وطبقناها بشكل عملي صحيح ضمن مفردات حياتنا فاننا سنقرا السلام على الظلم والطغيان .ومن روائع الحسين (ع) هذه الرواية لاذكر نصها ومن ثم نعقب عليها الرواية تقول :قيل للحسين (ع) ان اباذر يقول الفقر احب الي من الغنى والسقم احب الي من الصحة ، فقال(ع) رحم الله تعالى ابا ذر اما انا فاقول من اتكل على حسن اختيار الله تعالى له لم يتمن غيرها اختاره الله عز وجل له .ـ احقاق الحق : 11ـ 591.......الدروس الاخلاقية في هذه الرواية مفروغ منها ولكن ابعادها زائدا المخفي من تشعبات هذه الرواية هذا يستحق وقفة .ابو ذر رضوان الله تعالى عليه عندما قال الفقر احب الي من الغنى والسقم احب الي من الصحة هذا يعد درس اخلاقي رائع للذين اصابهم الفقر والسقم حتى لا يتزحزح ايمانهم بالله عز وجل ، والامر الاخر ان حديث ابي ذر مما لا شك فيه انه موجه للامويين الذين حاولوا جاهدين اغرائه بالمال فكان يرفض ذلك وان نفيه ومرضه لم يضعف قوة ايمانه .المهم لدينا في جواب الحسين عليه السلام اول درس يجب الالتفات اليه ان الحسين عليه السلام اذا ما ذكر الله اتبعها بكلة تعالى او عز وجل وهذا درس لنا اذا ما ذكرنا الله تعالى يجب ان نلحقها بصفاته التعظيمية ولا يجب ان نقول مثلا رحم الله والديك او الله يرحمه بل الصحيح قول الله تعالى او الله عز وجل .الدرس الثاني ان اختلاف راي الحسين عليه السلام عن راي ابي ذر (رض) جاء ليضع اساس قوي يجب ان يلتزم به المسلمين فان اختلاف الراي بينهم هو بسبب اختلاف منزلتهم فراي الحسين ليس كراي ابي ذر ، فالحسين عليه السلام كلامه حجة ويلزمنا الالتزام به وقد يؤدي الى تاخر المجتمع الاسلامي اذا ما التزم براي ابي ذر مثلا .ولرب سائل يقول ان رسول الله (ص) اشار الى صدق حديث ابي ذر واختلاف الراي مع الحسين عليه السلام يعني التناقض ، وهذا لا صحة له لان ابا ذر ذكر صفة يحب ان يتصف بها ولم يذكر رواية عن معصوم او وصف لمعصوم ، وكما اسلفت قد يكون كلامه ترويض لنا بعدم التذمر من حكم الله .الحسين يريد منا السعي والعمل للافضل والتمني بالامل الشرعي الذي يخدم الاسلام وعدم الركون الى قضاء الله تعالى من غير فعل فهذا يكرهه الاسلام وحقيقة كان لي انتقاد لعبارة تنسب الى غاندي يمتدح فيها الحسين عليه السلام عندما قال ( علمني الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر ) قد يكون هنالك خطأ في الترجمة ولكن لابد من التنويه ان الحسين عليه السلام لا يقبل لنفسه ولا لنا بان نكيف انفسنا لنكون مظلومين بل لابد من الحرص على حقنا حتى لا نُظلم والا ما سبب استشهاده واستشهاد عياله وصحبه اليس هو رفض للظلم والذي احد وجوهه الذلة ؟!!، وفي نفس الوقت نحذر من ان نظلمُ الاخرين فالامام علي عليه السلام بعد ماظُلم قال الحمد لله تعالى لانني مظلوم ولست بظالم .وهنا الحسين عليه السلام يحثنا على الغنى والصحة مع الايمان بحكم الله عز وجل اذا جاء الحكم خلاف التمني .الدرس الثالث والرائع الذي يعلمنا كيف يكون الانتقاد الا وهو عدم التهجم على راي الاخرين حتى وان كان مخالفا لنا بل علينا احترامهم واظهار الايجابية من خلال راينا مع عدم التعرض والتجريح لراي الاخر .ولو لاحظنا الانتقاد اليوم هو عكس درس الحسين عليه السلام فالذي يريد انتقاد المخالف فانه يبحث عن سلبياته ويشنع بها على عكس قول الحسين عليه السلام فالاجدر به ذكر ايجابياته التي من خلالها يؤشر بطريقة غير مباشرة لسلبيات الاخرين من غير افتضاحها وانتقاصهم.
https://telegram.me/buratha