محمود الربيعي
مقدمة الموضوع
هل من علاقة بين قيام القائم عليه السلام وقيام الحرب العالمية
في البداية نود أن نفهم حقيقة العلاقة بين عصر الظهور وقيام الحرب العالمية، فهل هناك فصل زمني بينهما، أوأن يتقدم احدهما على الآخر؟ وهل هناك علة سببية أو حاجة لقيام مثل هذه الحرب وهل لها علاقة بمسالة ظهور الإمام المهدي عليه السلام؟
للإجابة على هذه الأسئلة نقول أن: ليست هناك علاقة شرطية أوعلاقة جدلية بين ظهور الإمام عليه السلام وبين قيام الحرب العالمية بشكل عام، فلكل منهما خصوصيته الخاصة، فقيام القائم عليه السلام يرتبط بحالة إمتلاء الأرض ظلما وجوراً، وأما قيام الحرب العالمية بين الدول فيعتمد على الخلافات التي تنشأ فيما بينها وعلى الإرادات التي تحكمها كما حدث ذلك بالنسبة للحربين العالميتين الأولى والثانية بعد حلول عصر التكنولوجيا الحديثة وظهور الإختراعات والإكتشافات العلمية التي خدمت الآلة العسكرية والتي سمحت للدول أن تنتج أدوات الحرب المختلفة القادرة على إلحاق الضرر بالخصوم والأعداء بشكل كبير.
هل الحرب العالمية ضرورية لظهور الإمام المهدي عليه السلام
لانعتقد أن للحرب العالمية ضرورة قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام، ولكننا نعتقد بإمكانية حدوثها في وقت معين وقد تقع في أكثر من مرحلة، كما قد تسبق الظهور جملة من الحروب المتجزئة، وقد تحدث حرب عالمية كبرى أيضا قبل الظهور خصوصا بين الدول الكبرى من دون وجود علاقة بينها وبين عصر الظهور إلا بالقدر الذي يهيئ لهذا العصر، ولكن أمر حدوثها بعد الظهور ممكن أيضاً حيث لابد للإمام عليه السلام أن يقوم بجملة من الفتوحات الكبيرة أو المواجهات التي تتطلب جهدا عسكريا كبيراً لغرض تحقيق الإستقرار لدولته ومشروعه العادل.
طبيعة الإختلافات بين الحروب المتجزئة والحروب الكبيرة.. الظروف والتوقيتات
ومن نظرة موضوعية للتأريخ نجد أن الحروب بين الدول لاتتوقف عادة فهي مستمرة الحدوث بسبب الإختلافات خصوصا بين الدول المتجاورة أو بين دولة وأخرى بسبب الخلافات على المصالح، بل وحتى لو كانت هناك مسافة جغرافية كبيرة بين بعض الدول كما يحدث عادة في حالات تدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الصغيرة.
الحروب التي تسبق الظهور المبارك
ولقد جاءت في بعض الروايات أخبار عن حروب وإقتتال في الكثير من الدول عندما تحدثنا عن السفياني واليماني والخراساني، وحروب داخلية في الشام عندما جاء ذكر الأصهب الأبقع، وفي العراق في محل ذكر الشيصباني، كما ذكر في الروايات عن وجود تحركات واسعة للقوى العسكرية في المنطقة والعالم بشكل متفرق كنزول الترك الى الجزيرة.
الحروب التي تصاحب ظهور الإمام المهدي عليه السلام
كما جاء في الأخبار أيضاً الحديث عن إقتتال وقتال يجري على الأرض أثناء وجود الإمام المهدي عليه السلام وهو يمارس فيه أدواره القيادية ويشرف على إدارة العمليات العسكرية مع قياداته العسكرية والميدانية كشعيب بن صالح وقتاله مع جيش السفياني، و في معركة تحرير القدس.
الحروب في عصر إمامة المهدي عليه السلام ( حروب المواجهة المهمة )
طبيعة فتوحات الامام المهدي عليه السلام
ونقصد بذلك حروب التطهير، وحروب الفتح، ومايتعلق بعملية إستتباب الدولة المهدوية العادلة العالمية الكبرى، وعمليات بسط السيطرة على مختلف الدول التي تقف في مواجهة الإمام عليه السلام كجيوش الروم ( أوروبا) والصين والترك (الروس) وبالخصوص المعركة النهائية التي تدعى بمعركة تحرير القدس.
وتشير بعض الاحاديث الى أنه في فترة وجود الإمام المهدي عليه السلام في العراق تقع الحرب العالمية التي يهلك فيها عدد كبير من سكان العالم. "بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان عجل الله فرجه" تاليف السيد مصطفى ال حيدر الكاظمي قدس الله روحه والمتوفي في حدود سنة 1336 هجرية.
الجغرافية العسكرية لحركة الإمام المهدي عليه السلام
ونعني بذلك قيام الإمام المهدي عليه السلام بحركته العسكرية التي يطهر بها أو يفتح بها العالم لأجل بسط العدل في جميع أرجاء الأرض.
أولاً: الخزر ( بحر قزوين ).
هي المنطقة المجاورة لبحر الخزر المعروف ببحر قزوين من الشمال... الذي يحكم أغلب شواطئه الآن دولة الاتحاد السوفياتي، وقد أختصت إيران بقسم من شواطئه الجنوبية.
ثانياً: يفتح القسطنطينية (إستانبول) الجزء الاووربي من تركيا.
جاء في كتاب عصر الظهور للشيخ الكوراني " يحتمل أن يكون المقصود بالقسطنطينية في أحاديث المهدي عليه السلام، عاصمة الروم التي تكون في زمان ظهوره عليه السلام، والمعبر عنها في بعض الروايات بالمدينة الرومية الكبيرة، والتي ورد أنه عليه السلام وأصحابه يحاصرونها ويفتحونها بالتكبير" .
ثالثاً: جبال الديلم ( جنوب الاتحاد السوفييتي ).
وجبال الديلم إيران وطبرستان وقد تشير أيضا الى مجموعة الدول التي تقع جنوب الاتحاد السوفيتي.
رابعاً: الإتحاد السوفييتي بما فيه الدول المنضوية تحت لواءه... الخ.
بما فيه من الروس والترك.
خامساً: الترك ( ويقصد بها عموما روسيا ).
الروس ( الترك ): روسيا وأووربا الشرقية.. يشمل بالإضافة الى ترك تركيا وإيران قبائل التتار والمغول والبلغار والروس وغيرهم.
سادساً: الهند ( ويشمل الباكستان ) وكابل شاه ( أفغانستان ).
سابعاً: الصين ( الصين واليابان ).معروفة.
ثامناً: السند ( إندونيسيا وفيتنام ولاووس وغيرها ).
السند هي التسمية قديمة لهذه البلدان.
تاسعا: ينزل بيت المقدس والعرب عندئذ قليلون.
بيت المقدس معروف.
ففي "الإرشاد" للشيخ المفيد، أن الإمام أبا جعفرعليه السلام قال: (كأني بالقائم على نجف الكوفة، قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عليه السلام يسيطر على كل الأقاليم والممالك: ومنه الحديث المروي عن الإمام الباقرعليه السلام في شأن الإمام المهدي: (....يفتح الله له الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل شاه والخزر...).
فقد أخرج النعمانيّ في الغيبة بسنده عن أبي حمزة الثماليّ قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: (لو قد خرج قائم آل محمد (عليه السلام) ...) إلى أن قال: (يفتح الله له الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل شاه والخزر ... ).
وقد جاء في موقع الدراسات الشيعية من أنه: أخرج الطبرسيّ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث عن القائم (عليه السلام). . قال: (ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم... الحديث) . فما المراد بالروم والصين والديلم والهند والسند والقسطنطينية وكابل والخزر في الرواية السابقة ؟ثم ألا يدلُّ ذلك على حصر ملك الإمام (عليه السلام) بهذه الأماكن المذكورة؟!
الجواب : المراد بالروم في الرواية، طبقاً للفهم المعاصر لصدورها، معناه الشامل للإفرنج كلهم أعني أوروبا عموماً. وقد يشمل قارة أمريكا أيضاً، لا أنهم، من عنصر بشري مشابه، أي أنهم من الأفرنج بالمعنى العام.
والمراد بالصين المعروفة في شرق آسيا... الشاملة للقسم المحكوم للشيوعيين اليوم والقسم المحكوم لأمريكا وللصين الوطنية، والشامل لليابان أيضاً.
والمراد بالديلم أو جبال الديلم، المناطق التي تقع الآن في جنوب الإتحاد السوفيتي، والتي تحتوي معظمها على أكثرية مسلمة.. فإن نسبة الديالمة في التاريخ إلى تلك المنطقة. وقد تسمى بمنطقة ما وراء النهر في بعض التواريخ.
والمراد بالهند هي الهند معروفة وهي تلك البلد التي تقع في آسيا، إلا أن المقصود منها ما يشمل الباكستان أيضاً، لكون ما يصدق عليهم اسم الهند لغة بطبيعة الحال.
والمراد بالسند هو ما يسمى اليوم بجنوب شرقي آسيا، بما فيها أندونيسيا وفيتنام ولاوس وغيرها.
والمراد بالقسطنطينية، مدينة إستانبول، التي هي الجزء الأوروبي من تركيا، وهي ترد عادة في لسان الروايات كأقوى مدينة في العالم القديم، بحيث يكون فتحها نقطة استراتيجية مهمة في حركة القيادة العالمية. وإنما تكتسب أهميتها باعتبارها إحدى المداخل الرئيسية لأوروبا من الشرق.
ومن هذا المنطلق ورد في الروايات بشمول الفتح الإسلامي لللقسطنطينية، وبات منتظراً عدة قرون، حتى تحقق على يد العثمانيين، وبذلك اكتسبوا أهمية كبيرة بصفتهم المطبقين لذلك التبشير الإسلامي.
والمراد بكابل شاه عاصمة مملكة الأفغان الحالية. وفتحها يعني فتح المنطقة كلها بطبيعة الحال وشهرتها على (كابل) وأُضيفت إلى الشاه أما باعتبار أنها الاسم القديم لها، أو باعتبار عاصمة دولة ملكية... والشاه هو الملك عندهم.
الإصلاحات التي يقوم بها الإمام المهدي عليه السلام
أولاً: تصفية الأوضاع بالقتل، وهدوء الكوفة بعد إضطرابات شديدة ودخول المهدي عليه السلام الى نجف الكوفة.ويعني ذلك بدء مرحلة تحقيق الأمن وبناء أمن عالمي يخدم البشرية في مرحلة تأسيس دولة العدل التام.
ثانيا: يبني المسجد الكبير الذي له ألف باب ليصلي الجمعة ويخطب بالناس.ويعني ذلك الإهتمام بالصلاة والجانب العبادي ولتتاح الفرصة لسماع خطبه من على منبر الجمعة.
ثالثاً: كما يهدم مساجد كثيرة لها شرف: ويعني بذلك محو أوجه النفاق من على سطح وجه الأرض.
رابعاً: ويحفر نهر إلى النجف: مما يدل على إهتمامه بالمشاريع الزراعية والعمرانية كنموذج.
خامساً: ويقيم القناطر والارحاء: وهي دلالة على إهتمامه بجوانب الإعمار والبناء.
سادساً: ويوسع الطرق، ويكسركل جناح في الطريق: وذلك يعني إهتمامه بتطوير المواصلات.
سابعاً: يبُطِل الكُنُفَ والميازيب الى الطرقات: أي يمنع الأذى عن المواطنين بتطبيق القوانين العامة التي تخص الصالح العام ويحافظ بذلك على كرامتهم.
ثامناً: كما يقوم بتغييرات كثيرة تحقق السعادة للمجتمع في ظل الدولة العادلة وتحقيق حكم الله في الأرض.
خاتمة
ويتبين مما تقدم إمكانية حدوث حروب متفرقة، أوعالمية تمهد لمرحلة الظهور المبارك، وإمكانية إستمرار تلك الحروب الى مابعد ظهوره عليه السلام وحتى يستتب الوضع في العالم بشكل نهائي، بعد القضاء على العبادة الصنمية للأحزاب والجماعات والأفراد ولكي لايعبد في الأرض غير الله.
https://telegram.me/buratha
