عباس المرياني
لعب سماحة السيد عبد العزيز الحكيم (طيب الله ثراه) دورا كبيرا في صنع تاريخه العراق الحديث خاصة بعد سقوط صنم بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 وما تلاها من إرهاصات كبيرة تمثلت في جدلية اختيار نوع الحكم وكتابة دستور دائم للبلاد ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية وتشكيل التحالفات الوطنية التي تقود العملية السياسية في البلاد .وقد استطاع عزيز العراق من بناء منظومة العراق السياسية الحديثة وفق تصورات وطنية عمدها بصبره وصموده ومثابرته وإيثاره هو ومن معه .ومنذ اختيار النظام البرلماني كنظام حكم سياسي للعراق استطاع السيد الحكيم(قده) من تشكيل الائتلافات والقوائم الكبيرة التي تعتمد فلسفة الانتماء الى العراق وتفتح الأبواب أمام الجميع من اجل المشاركة الفعلية في صنع القرارات وهذا ما جعلها قوية وممسكة بقصب السبق في كل المراحل التي اشتركت فيها هذه القوائم. ففي عام 2005 شكل الراحل الائتلاف العراقي الموحد واستطاع ان يحصد اغلبية مقاعد البرلمان العراقي(140) مقعد ثم انتخابات عام 2006 حيث حصل الائتلاف العراقي الموحد على 128 مقعدا وفي كل المناسبتين تشكلت الحكومة على اساس توافقي وطني لانه كان يؤمن ان العراق لايمكن ان يدار من جهة واحدة بل يدار من خلال مشاركة جميع ابناءه.ولم يمنع المرض العصي عزيز العراق من التفكير الجدي في اعادة تشكيل الائتلاف الوطني العراقي للمرحلة الحالية على اسس وطنية والتحضير للانتخابات النيابية مطلع عام 2010م وقد خاض رحمه الله طريقا صعبا مليئا بالمصدات والاشواك ولم يناصره اخوة وشركاء الامس همه في صعوبة المرحلة القادمة وما اعدته دول الجوار من عدة بالمال والارهاب من اجل تغيير المعادلة المنطقية في حكم الاغلبية السياسية والعودة الى المربع الاول واعادة البعث الى الواجهة السياسية لان وهج السلطة أعمى بصيرتهم وجعلهم ينظرون الى الحكم غاية ووسيلة والمحافظة عليه فوق كل المصالح الأخلاقية والشرعية ولم تنفع معهم كل المحاولات الجدية.فكان لا بد من المضي قدما في تشكيل الائتلاف الوطني باكبر عدد من الكتل والكيانات والاشخاص لانه رحمه الله يعتقد بان الكتلة او الجبهة القوية هي الجهة القادرة على انتاج برلمان قوي يمكنه من سن القوانين بالسرعة القصوى وبالتالي الوصول بالبلد الى بر الامان. وكان كلما اشتد به المرض وعاجلته ايدي المنون كلما ازداد اصرارا وسرعة في تشكيل الائتلاف وقد تحقق له ما اراد فقد شاءت الاقدار ان يتم اعلان الائتلاف الوطني العراقي قبل ان تغموض عيونه ويلتحق بركب اجداده واخوته وشهداء ال الحكيم قبل يومين من وفاته.ويعتبر الائتلاف الوطني اليوم وفي نظر المراقبين والمتابعين حجر الزاوية الاساس في العملية السياسية وانه سيكون فرس الرهان في تشكيل الحكومة العراقية القادمة وقد لا حت تباشير جدية هذا الائتلاف في مبادرته الوطنية التي اقرها مجلس النواب في ميزانية عام 2010م وشعوره العالي بالمسؤولية اتجاه محافظاتنا العزيزة وابنائها الكرام والرغبة الصادقة في خدمة المحرومين والمستضعفين . ولم يقف الامر عند هذا الحد في امتلاكه قصب السبق بل لانه الوحيد بين الكيانات والائتلافات القادر على التعامل مع الجميع والتفاهم والتحاور معهم وهي ميزة يفتقدها الجميع وهي ثمرة جهد وتضحيات قدمها عزيز العراق واخوانه في السمو على الصعاب وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والفئوية.واذا كانت ذاكرة الايام والانسان تصاب بالعطب والنسيان لمن احسن اليها وسطر مجدها بناءا على مواقف مسبقة وحقد دفين وجهل بالحقائق يبقى للتاريخ حق في تمجيد وخلود المضحين والصادقين يتجدد على مر العصور والازمان.
https://telegram.me/buratha