المقالات

بالموازنة وحدها لايكون الرفاه /

774 14:50:00 2010-02-06

حافظ آل بشارة

بسرعة انتشر خبر تصويت مجلس النواب على موازنة 2010 التي يسيل لها اللعاب ، 70 مليار دولار ليس مبلغا هينا ، وربما تصل الى 100 مليار بسبب تدوير اموال من السنوات الماضية ، كنا في سيارة عالقة في الازدحام في قلب بغداد عندما اذاع المذياع خبر التصويت على الموازنة حتى ان المذيع كان صوته يتهدج وهو يذكر الرقم ، من زجاجة السيارة العالقة في الازدحام يمكن متابعة مسرحية تراجيدية كاملة على الرصيف المقابل تعرض مجانا وبشكل يومي ، المسرحية ذات علاقة بالموازنة التي تساوي عشر اضعاف موازنة بلد مجاور للعراق! المسرحية ابطالها عشرات من عمال البناء الذين يقفون صفوفا بانتظار صاحب عمل لتدبير رزق هذا اليوم ، بعضم يحملون الفؤوس والمجارف والمعاول والخيط والشاهول والمالج هؤلاء هم جيوش البطالة الوطنية ، وبشكل متداخل يعج المكان ايضا بنخبة من الشحاذين والشحاذات ، من الرجال والنساء والاطفال بعضهم يجلس على الرصيف وينظر في فراغ وبعضهم يقتحم رتل السيارات العالقة في الازدحام طالبا المعونة ، عندما كان المذيع يذكر الرقم (سبعون مليار) عبر الراديو قاطعته شحاذة شاحبة الوجه تحمل طفلا كالشبح يهيمن على كيانه الذبول اطلت علينا براسها قائلة ( لخاطر هليتيم هاذ ) وجاءت كلمتها الاخيرة ممتزجة مع كلمة المذيع (سبعون مليار) ، فلم تعد لدينا قدرة للتمييز بين المذيع والشحاذة ، فهل ان الشحاذة هي التي ذكرت الرقم ام ان المذيع هو الذي كان يحمل طفلا شبحيا عبر الاثير ، ماذا تغير في العراق مع مجيء الموازنة رقم 7 ضمن موازنات مابعد نظام صدام ، ابسط قواعد الاقتصاد تقول ان الاموال وحدها لا تكفي لمكافحة الفقر والبطالة وتحقيق الرفاه بل ان قيمة النقود اعتبارية وتتوقف على ماتختزنه من قدرة على توفير السلع والخدمات ، فقد تستثمر النقود في شراء السلع والخدمات وقد تستثمر في انتاجها والفرق كبير بين الحالين وهو فرق بين من تجعله النقود مستهلكا كسولا ومن تحوله الى منتج مثابر ، وعندما يكون الانسان منتجا ومستهلكا في الوقت نفسه سيكون ايضا مدخرا ومستثمرا ليقدم اداء اقتصاديا متكامل العمليات فيتوقع ليس فقط تحقيق الرفاه بل التحول الى قوة اقتصادية تؤثر في التوازن السياسي ، لن تكون ميزانية العراق مفيدة حتى وان اصبحت ترليون الا اذا تحولت الى وسيلة لتنفيذ تنمية اقتصادية حقيقية كثمرة للتنمية السياسية التي نجحت في بلدنا الى حد بعيد ، لكن التنمية لاتنفذ الا من خلال دوائر الدولة اولا قبل تدخل القطاع الخاص والشركات في مرحلة لاحقة ، أي الاجهزة الادارية القوية والمنظمة وذات الاطار الثقافي الملائم الذي يجعل العاملين يتحملون مصاعب العمل لاجل قيم واهداف معنوية ، وليس لدى العراق اجهزة ادارية وطنية موالية للشعب والتجربة السياسية الجديدة ، كيف يتحمل اعباء التنمية جهاز اداري موروث من النظام البائد هيمنت عليه روح الفساد والرشوة واللاابالية ؟ من يراجع دوائرنا الان يشعر فورا انه امام مجتمع اداري مفكك ومنهك ومحبط ، بعض الموظفين هم عبارة عن صدام صغير باستعلاءه وانانيته وفساده وانعدام دوافعه للعمل وهو زعلان دائما ولا نعرف ماذا يريد ، بل ان البعض حاقد على من يراجعه بدون أي مقدمات وبلا سابق معرفة ، هذه القاعدة الادارية الفاسدة لا تصلح كجهاز تنفيذي للتنمية ، كما ان محاولات تعيين عناصر نزيهة لتصلح الفساد فشلت اغلبها لان النزيه عندما يدخل الى هذا المحيط الفاسد يحاربه الجميع فاما ان يعزل او يصبح مثلهم بعد حين ، مشكلة العراق ليست مشكلة اموال ، بل هي مشكلة خطة تنمية مناسبة وجهاز اداري جيد لتنفيذها ، الغرب علمونا كيف نستخرج النفط وعلمونا كيف نبيعه وعلمونا كيف نضع خطط التنمية الاقتصادية فهل سنطلب منهم ان يعلمونا النزاهة وفي جنسياتنا مكتوب (مسلم) وفي جنسياتهم مكتوب (بلا دين ) ، البلا دين يعلم المسلم النزاهة اليست هذه من علامات الظهور ام من علامات القيامة ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك