محمود الربيعي
المقدمة التعريفية
أم وهب بنت عبد، سيدة من النمر بن قاسط، وهي زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، من بني عليم.
المقدمة التأريخية
في اعلام النساء يذكر ان ام وهب بن حباب الكلبي كانت من ربات الفروسية والشجاعة والحمية الاسلامية، ومجاهدة من المجاهدات، وقد حضرت ارض كربلاء يوم عاشوراء وشهدت ما جرى على آل الرسول من مصائب ومحن وشاركتهم حين بعثت ولدها وهب بن حباب ليقاتل بين يدي امامه وسيده ومولاه ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه، وكانت تشجعه وتحرضه على نصرة الحسين ولا ترضى له بدون الشهادة، وبعد أن اسلم على يد الامام الحسين كانت امه معه، وقبل ان يبرز قالت له: قم يا بني فانصر ابن بنت نبيك فأجابها افعل ذلك يا اماه ولا اقصر، فلما عاد بعد ان قتل جماعة من قوم عمر بن سعد سألها: ارضيت يا اماه؟ فأجابته: لا حتى تقتل بين يدي مولاك الحسين، فاخذت امه الرأس وقبلته وقالت له: الحمد لله الذي بيض وجهي بشهادتك بين يدي ابي عبد الله، ثم عدت على قاتله فقتلته، وشدت ام وهب بعد ذلك بعمود الخيمة على القوم فقتلت منهم رجلين، وهي تقول لهم: اشهد ان اليهود في بيعها والنصارى في كنائسها خير منكم. فناداها الحسين: ارجعي يا ام وهب، فان الجهاد مرفوع عن النساء، فرجعت كئيبة وهي تقول: الهي لا تقطع رجائي، فقال لها الحسين عليه السلام: لا يقطع الله رجاءك يا ام وهب، انت وولدك مع رسول الله وذريته في الجنة. ثم كانت مع آل رسول الله في السبايا بعد عاشوراء.
رؤية وتحليل
يتبين من المقدمة التاريخية أن أم وهب هي إمراة نصرانية كان ابنها في عمر الشباب وأسلم على يد الإمام الحسين عليه السلام.ونحن نجد أن إحياء ذكرى شهداء الطف واجب إنساني عالمي ينبغي على جميع الأحرار وعشاق الحق والحرية أن يجتهدوا في سبيل المشاركة في إحياء ذكراهم كل سنة، وأن يتعرفوا على جزء من تاريخ تلك الشخصيات التي دافعت عن الإمام الحسين عليه السلام وعن الإسلام ودعت الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطالبت بالإصلاح في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد ان دب فيها الفساد، كما نستخلص جملة من الأمور وردت في سياقها التأريخي وددنا أن نظهرها على شكل نقاط متتابعة لتشكل حلقة من حلقات حياة الخالدين يوم الطف الذين وقفوا طالجبال الراسية في مواجهة الباطل وأصحابه، في يوم عاشوراء يوم أنتصر الدم على السيف.
أولاً: إن أم وهب تجيد الفروسية، وكانت شجاعة تتصف بخصال نادرة أحداها الحمية والنخوة في الدفاع عن الحق.
ثانياً: أشتركت أم وهب في حاضرة الطف، وكانت تشجع ابنها وهب على القتال ونصرة الإمام الحسين عليه السلام، وكانت تطلب منه أن يكون شهيداً في هذه المعركة المشرفة، إذ تعتبر ذلك شرف لكل من يقف الى جانب الإمام الحسين عليه السلام، وبالفعل فقد كان مطيعاً لنداء والدته فقاتل حتى أستشهد.
ثالثاً: رغم أن زوجته بعاطفتها الفطرية أرادت أن تثنيه وتَرُده عن القتال، لكن أمه قالت له إن الجنة أفضل لك من الحياة الدنيا في نصرة الإمام عليه السلام.. وهي تدعوه لتحصيل الشفاعة بين يدي الإمام وطلبت منه أن لايفرط فيها فأستجاب لها إبنها وهب وأختار أقوى الندائين إذ لبى نداء أمه وذهب يقاتل الأعداء حتى نال الشهادة.
رابعاً: وعندما نال الشهادة حمدت أمه الله عز وجل ووجدت ان ابنها قد بيض وجهها بين يدي ابي عبد الله، وهذا النمط من النساء نادر وغير عادي، وهو نوع خاص يفوق ماعليه كثير من الرجال.
خامساً: أخذت أمه الرأس وقبلته وقالت له: الحمد لله الذي بيض وجهي بشهادتك بين يدي ابي عبد الله.
سادساً: عادت أمه على قاتله فقتلته، وشدت أم وهب بعد ذلك بعمود الخيمة على القوم فقتلت منهم رجلين، وهي تقول لهم: اشهد ان اليهود في بيعها والنصارى في كنائسها خير منكم.
سابعاً: إصرار تلك المرأة الشجاعة على أن تقاتل الأعداء بعد استشهاد ولدها، لذا سارعت لقتل قاتله اولاً وأفلحت، ثم قتلت بعمود رجلين آخرين، وهل من مثلها ينسى.. لاوالله ابداً فهؤلاء هم الخالدون بيننا، وهم الخالدون في جنات النعيم " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " من سورة 3 آل عمران الآية 169.
نسال الله تعالى ان يرزقنا شفاعتها وشفاعة جميع شهداء الطف الذين وقفوا الى جانب الإمام الحسين عليه السلام يعزرونه وينصرونه إنه نعم المولى ونعم النصير.
https://telegram.me/buratha