الدكتور رائد المالكي
اعتذرت المرجعية العليا قبل ايام لاحد الشخصيات النجفية المحترمة الذي استأذنها في نقل رسالة الاطار التنسيقي اليها ، تلك الرسالة التي تضمنت طلب قادة الاطار اخذ رأي المرجعية بشأن (9) تسعة اسماء رشحوها لمنصب رئاسة الوزراء.
وكان الاطار قد طلب من السيد عبد الهادي الحكيم نقل رسالته المشار لها الى المرجعية العليا، فابلغهم السيد عبد الهادي بانه يرى ضرورة اخذ رأي المرجعية في نقل رسالتهم المكتوبة والموقعة واحاطتها علما بمضمونها ابتداءا.
فاعتذرت المرجعية عن قبول نقل الرسالة، وتضمن اعتذارها ايضا رفضا لتدخلها في اختيار رئيس الوزراء وذكرت بعدم تدخلها في السابق بهذا الموضوع.
وبغض النظر عن ما يحمله هذا الرفض من رسائل ابرزها عدم السماح باستغلال اسم المرجعية العليا في تشكيل حكومة تتولى الاحزاب رسم تفاصيلها بالاليات المعروفة وفي مقدمها المحاصصة وما يمكن ان ينتج عنها من فساد مضافا الى كون ذلك يتعارض مع منهج المرجعية العليا في التعامل مع القضايا السياسية وتدخلها فقط في احوال الضرورة.
فان هذا الرفض من شأنه برأينا ان يطيل امد الخلاف على ترشيح رئيس الوزراء كونه يصعب اكثر على الاطار التنسيقي حسم خياراته بين اسماء متعددة وربما يضاف لها اخرين.
لكن القدر المتيقن ان باب المساومة سيكون اوسع وان بعض المرشحين سيقدمون عروضا سخية لبعض القوى الطامحة في كسب المزيد من الغنائم مقابل الحصول على دعمهم، وربما يمتد ذلك للقوى الموجودة خارج الاطار مثل الكورد الذين اكدوا عدم اعطائهم اي موقف محدد لاي من المرشحين والاكتفاء بالاستماع لهم.
وقد تسمح الخلافات والمساومات لتدخل قوى خارجية اقليمية ودولية وهو امر يجب على الاطار التنسيقي الشيعي تجنبه والحذر منه، ولا نعلم هل هنالك قرار داخل الاطار يمنع على اعضائه نقل ملف اختيار رئيس الوزراء او الاستعانة بشأنه بقوى خارج دائرة ( المنتظم الشيعي) داخليا وخارجيا.
وعودا على بدء فان موقف المرجعية العليا برفضها التدخل في اختيار رئيس الوزراء ينطوي على حكمة كبيرة اعتدناها في كل مواقف المرجعية وهو ينسجم تماما مع موقفها من المشاركة في الانتخابات الاخيرة، فالمرجعية احتكمت الى قناعة الشعب في ذلك بصرف النظر عن النتائج كجزء من منهجها في تربية الامة وتنمية وعيها وقدرتها على النهوض حتى لو تعرضت لبعض الاخفاقات في مسيرها الطويل.
وهذا الموقف ذاته ربما تريده المرجعية ان يكون مع الطبقة السياسية والنخبة المتصدية للسياسة فعليها ان تتحمل المسؤولية في اختيار القيادات الحكومية الادارية والوظيفية للدولة، بعد ان وضعت لها في وقت سابق خارطة طريق تضمنت فيما تضمنته التوصية بخمسة امور مهمة تضمنها بيان المرجعية المؤرخ في (١ جمادي الاولى ١٤٤٦ ه ، الموافق ٤ / ١١/ ٢٠٢٤ م ) وهي :
١-اعداد خطط علمية وعملية لادارة الدولة اعتمادا على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنم المسؤولية .
٢- منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها.
٣- تحكيم سلطة القانون.
٤- حصر السلاح بيد الدولة.
٥- مكافحة الفساد على جميع المستويات.
لذا اقول للاطار التنسيقي وقياداته، اذا اردتم فعلا ارضاء المرجعية العليا والشعب باختيار رئيس الوزراء ، فحسبكم بمن تتوافر فيه القدرة على تحقيق هذه الامور والمتطلبات الخمس، ومن تشهد له سيرته بذلك ولم يعرف عنه المشاركة في الفساد والسكوت عليه وفي خرق القوانين والسماح بالتدخلات الخارجية وتقديم التنازلات.
هذا ان اردتم فيما قصدتكم برسالتكم رضا المرجعية ورضا الشعب العراقي ، وستسألون عما تفعلون.
https://telegram.me/buratha

