محمود الربيعي
توطئة
في هذه المقالة محورين
المحور الأول: ويدور حول دور (دَلْهَمْ بنت عمرو) زوجة زهير بن القين في معركة الطف، مع رؤية وتحليل.
المحور الثاني: ملحق متمم للحديث التأريخي عن حياة الشهيد الخالد زهير بن القين، مع رؤية وتحليل.
المقدمة التأريخية
ومن شبكة هجر الثقافية: تروي كتب السير كتاريخ الطبري، وتاريخ الرسل والملوك أن زهير بن القين البجلي كان يساير الإمام الحسين عليه السلام بعد رحيله من مكة المكرمة، وأنه لم يكن شيء أبغض إلى زهير من أن يسايره في منزل فإذا سار الإمام الحسين عليه السلام تخلف زهير بن القين وإذا نزل الإمام الحسين عليه السلام تقدم زهير حتى نزل زهير في منزل لم يجد بدا من أن ينازله فيه فنزل الإمام الحسين عليه السلام في جانب ونزل زهير في جانب فبينا زهير و أصحابه جلوس يتناولون ما لديهم من طعام لنا إذ أقبل رسول الإمام الحسين عليه السلام، و سلم ثم دخل فقال يا زهير بن القين إن أبا عبدالله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه قال فطرح كل إنسان ما في يده حتى كأن على رؤوسهم الطير.. فوجهت زوجة زهير دلهم بنت عمرو امرأة عتابا إلى زوجها زهير بن القين وقالت: أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت.. وكان لكلام هذه الزوجة المؤمنة أثره فقد استجاب زهير بن القين و حضر عند الإمام الحسين عليه السلام فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه قالت فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم وحمل إلى الحسين، ثم قال لأصحابه من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد إني سأحدثكم حديثا غزونا بلنجر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم فقال لنا سلمان الباهلي أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم فقلنا نعم فقال لنا إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم منكم بما أصبتم من الغنائم فأما أنا فإني أستودعكم الله قال ثم والله ما زال في أول القوم حتى قتل. إنتهى.
رؤية وتحليل
أولاً: لعبت دلهم بنت عمرو دوراً مهماً كإمرأة صالحة يمكنها مشاركة الرجل في صنع القرارات المهمة في حياتهما المشتركة .
ثانياً: يعتبر رأي (دَلْهَمْ) دليل على رجاحة عقلها وسلامة منطقها وقوة حجيتها، وظهر ذلك من خلال عتبها وتسائلها حين شجعت زهير على اللقاء بالإمام الحسين عليه السلام، وطلبت منه الإصغاء إليه عليه السلام، وإتخاذ القرار بعد السماع وإعطاء فرصة للاطلاع على فكر ومواقف الإمام الحسين عليه السلام مما يدل على أنها تمتلك قناعة شخصية بمنزلةِ الإمام ومكانَتَه الرفيعة ولِيَقينِها بأن مثل هذا اللقاء سيغيّر الكثير من التصورات الخاطئة في ذهن زهير، ولِعِلْمِها بأن زوجها من العقلاء الذين لاتنقصهم النباهة في معرفة الحق من الباطل مما دعا زهير الى إتخاذ قرار سريع للإلتحاق بالإمام الحسين عليه السلام، وتقديم الغالي والنفيس من المال والنفس في سبيل نصرة ذلك الحق، خصوصاً بعد مَرَّ به شريط الذكريات الذي دعاه بالأمس الى نصرة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصيب في يوم عاشوراء فلاحاً عظيماً مابعده فلاح.
ملحق تأريخي عن سيرة زهير بن القين البجلي في الإسلام
وهو تكملة للمقدمة التأريخية للحلقة السابقة عن حياة الشهيد زهير بن القين وردت في موقع سماحة الشيخ مرتضى معاش وهو موثق في نظرنا جاء فيه ورأينا أن من الضروري إضافة هذه الأخبار الى تلك المقدمة:
ورد في زيارة الناحية: السلام على زهير بن القين البجلي القائل للحسين وقد أذن له بالإنصراف: لا والله لا يكون ذلك أبدا أأترك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو لا أراني الله ذلك اليوم.
كان زهير رجلاً شريفاً في قومه نازلاً فيهم بالكوفة بالشجاعة، له في المغازي والحروب الإسلامية لا سيما في حرب باب الأبواب سنة 32 في زمن عثمان وله مواقف مشهورة ومشهودة، وكان زهير بن القين فصيحاً بليغاً ويذكر أنه خطب في جيش عمر بن سعد خطبتين وفي الخطبة الثانية ناداه رجل من خلفه يا زهير إن أبا عبد الله عليه السلام يقول لك أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ فذهب إليهم.
وروى أبو مخنف: عن حميد بن مسلم قال: حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه وقال علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال حميد بن مسلم: فصاحت النساء والأطفال وخرجن من الفسطاط والخيام فصاح به الحسين عليه السلام يابن ذي الجوشن تطلب أنت النار لتحرق بيتي على أهلي أحرقك الله بالنار ثم حمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه فشد على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها وقتل زهير بن القين أبا عنزة الضبابي فكان من أصحاب شمر بن ذي الجوشن وذوي قرباه وتبع أصحابه الباقين فتعطف الناس عليهم فكثروهم وقتلوا أكثرهم وسلم زهير بن القين، قال أهل السير: واستمر القتال بعد قتل حبيب بن مظاهر فجعل يقاتل زهير قتالاً شديداً لم ير مثله قط إلى أن رجع فوقف أمام الحسين عليه السلام وودعه وعاد يقاتل فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه، وفي المناقب: لما صرع زهير وقف عليه الحسين عليه السلام فقال لا يبعدنك الله يا زهير ولعن الله قاتليك، لعن الله الذين مسخوا قردة وخنازير.
رؤية وتحليل للملحق الخاص بحياة زهير بن القين في الاسلام والطف
أولاً: تميز زهير في حياته العامة بالشجاعة والشرف وعرف بأنه كان محارباً في الغزوات والحروب الإسلامية.
ثانياً: أظهر زهير حماسة في الدفاع الإمام الحسين عليه السلام، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثالثاً: تميز زهير بالفصاحة والخطابة وأستثمرها بصورة مُشَرِّفة في معركة الطف.
رابعاً: شَبَّهَهُ الإمام الحسين عليه السلام بمؤمن آل فرعون في نصح قومه وتبليغهم.
خامساً: يتمتع زهير بالروح الفدائية ورفعة القيم الإنسانية التي يحملها في نفسه.
سادساً: أظهر زهير صموداً وإستبسالاً في مواجهة العدو.سابعاً: دعا له الإمام الحسين عليه السلام، ودعا على قاتليه ولعنهم أشد اللعن.
رحم الله شهيدنا زهير بن القين، ورحم الله زوجته ورزقنا الله شفاعتهما إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين.
https://telegram.me/buratha