حامد جعفر
يروى ان خازن أبي مسلم الخراساني كان فاسد الذمة , ولكنه لم يكن سارقا, اذ انه كان يبدل العملة من حجاجية وهي التي ضربها الحجاج الثقفي , وكانت مكروهة لانها ناقصة , باخرى يوسفية ضربها بعده يوسف بن عمر , وكانت عالية الجودة, فيربح بذلك ربحا كبيرا , كالذي يبدل اليوم دولارا بدينار ...اردت من هذا المثل ان اجعله مدخلا الى موضوع النزاهة ومدراء النزاهة ومحتاليها في وزارات الدولة ودوائرها في أيامنا هذه .
عندما كنت في بغداد التقيت باحد الاصدقاء وتحدثنا عن أنتشار الفساد في دوائر الدولة وتلاشي القدرة على القضاء عليه ومعالجة اسبابه , فروى لي رواية عجيبة عن أحد كبار المرتشين وكان يعرفه شخصيا ويعرف مدى فساد ذمته وقذارة يده عندما كان موظفا بسيطا في الدولة.. ومرت الايام , وأذا بهذا الموظف المرتشي يصبح مديرا للنزاهة في الوزارة ..!!قال هذا الصديق : عجبنا من ذلك ايما عجب , وقلنا الم تصل انباء هذا المرتشي الى أسماع المسؤولين الذين عينوه بهذا المركز الخطير..!! وعندها شعرنا باليأس يخيم على قلوبنا وأن لا أمل بمستقبل مشرق يعود فيه المجتمع الى سابق عهده من عدل وانصاف وقوة ونزاهة..
أيام زمان , كنا نرى المفتش البسيط في وزارة النقل يحاسب سائق الحافلة ,التي كنا نسميها أمانة , على تأخره لبضع دقائق وهو يزمجر غاضبا لشعوره بالمسؤولية في خدمة الناس ودائرته التي وظفتة مفتشا.. أين نحن اليوم من ذلك الزمن..!! وكنا نسمع بين حين واخر بالقاء بعض الموظفين في غياهب السجون لانهم اختلسوا بعض الدنانير من أموال الدولة تحت جنح الظلام ... واليوم يسرق كبار الموظفين الملايين بل المليارات من الدنانير نهارا جهارا ولا يعترض أحد وكأنهم يقومون بعمل مشروع لا لبس فيه..!! ونتساءل: هل تغيرت مفاهيم المجتمع وتبدلت قيمه واختلت موازينه..؟؟ أم انه يئس بعد أن بح صوته وضعف جسده فقبل بواقعه المرير..
اذن مدير عام النزاهة مرتش كبير..!! مبروك للعراقيين بواقعهم الجديد.. ماذا سيكون حال عمل هذه النزاهة ..؟ ان هذا المدير سيغض الطرف بالتأكيد عن أتباعه من الموظفين الفاسدين ممن يتقاسم معهم ارباح الرشوة والسرقة.. اما النزهاء حقا من الموظفين ممن يخشون الله في عملهم فسيصب جام غضبه عليهم ويكون مصيرهم أسود ويتهمهم زورا بالرشوة والفساد والمحسوبية , وبالنتيجة ستكون هذه الدوائر مأوى للصوص والنهابين على حساب عامة الناس من الفقراء والمساكين..
نتمنى في مستقبل الايام أن تنتهي هذه الحال المريضة وأن يعين الشرفاء المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك والسمعة الحسنة بالوظائف المهمة وعلى رأسها النزاهة وأن لا يظل الحال السئ على ما هو عليه والا سينطبق علينا امر الله تعالى:( أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) .
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha