محمود الربيعي
المقدمة التعريفية
الحر بن يزيد الرياحي اليربوعي التميمي
ذكرته كثير من المصادر، وتكرر ذكره في الزيارة الرجبية حيث ذكر في أولها وفي أواخرها، والرياحي: بطن من يربوع، من تميم. عدنان (عرب الشمال). كوفي: يبدو أنه إلى الشباب أقرب، قال عز الدين الجزري في أسد الغابة: هو الحر بن يزيد بن ناجية بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم اليربوعي الرياحي.
المقدمة التأريخية
موقعه في الجيش الأموي
يعتبر الحر من الشخصيات البارزة في الكوفة، وأحد أمراء الجيش الأموي في كربلاء ويقود فيه ربع تميم وهمدان.. إلتقى مع الإمام الحسين عليه السلام عند جبل ذي حسم، وهو يقود ألف فارس وجهه عبيد الله بن زياد أميراً عليهم لإعتراض الإمام الحسين عليه السلام.. تاب قبل نشوب المعركة، ولحق بمعسكر الإمام الحسين عليه السلام، وقاتل وقتل معه.
موقعه الإجتماعي وموقفه السياسي والعقائدي
كان الحر شريفا في قومه جاهلية وإسلاما، وكان الحر ممن خرج لقتال الإمام الحسين عليه السلام لكنه مال إلى الإمام الحسين عليه السلام وتاب وقبل توبته الإمام الحسين عليه السلام.
الخيار العقائدي الحاسم للحر بعد التردد
وفي رواية أبي مخنف: أن الحر قال لقرة بن قيس هل سقيت فرسك اليوم قال لا فما تريد أن تسقيه، قال قرة: فظننت والله أنه يريد أن يبعد نفسه فلا يشهد القتال، فقال الحر: أنا ذاهب لأسقيه وأخذ يدنو من مخيم الحسين عليه السلام، فقال له المهاجر: إن أمرك لمريب والله ما رأيت في موقف قط مثل هذا ولو قيل من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي أرى منك، فقال له الحر: إني أخير نفسي بين الجنة والنار فو الله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وأحرقت، ثم ضرب فرسه قاصدا إلى الحسين عليه السلام.
الحر يصطحب ولده ليقاتل الى جانب الإمام الحسين عليه السلام فيكون شهيداً قبل أبيه
وذكر أبو مخنف: أن الحر لما عاد إلى الإمام الحسين عليه السلام أتى بولده معه الذي استشهد قبل الحر وذكر أيضا أن الحر أول من قتل من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في المبارزة.
الحر يقاتل بضراوة قتال الأبطال
لما تقدم الحر إلى الإمام الحسين عليه السلام وقال يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان فأذن له الحسين عليه السلام بعد كلام يطول شرحه فبرز وقاتل قتالا شديدا وقتل نيفا وأربعين رجلاً، وفي رواية أربعين رجلاً.
الإمام الحسين عليه السلام يؤبن الحر بعد إستشهاده ويعظم مقامه
ثم شدت جماعة على الحر فقتلوه فاشترك في قتله أيوب بن شرح ورجل آخر من فرسان أهل الكوفة فلما صرع وقف عليه الحسين عليه السلام ودمه يشخب فجعل يمسح الدم والتراب عن وجهه وهو يقول بخ بخ يا حر أنت الحر كما سمتك أمك وأنت الحر في الدنيا والآخرة. إنتهى النص التأريخي
توطئة
لقد وضعت المقدمة التأريخية بعد أن فرقتها بشكل متسلسل وعلى شكل فقرات ووضعت عنواناً لكل فقرة من فقرات المقدمة لتأخذ سياقها الحديث بشكل بارز يضفي لنا بعداً توضيحياً لحياة الحر ومسيرته الجهادية يوم الطف.
رؤية وتحليل
في يوم الطف كان هناك قادة وقدوة
تمر البشرية دائما بمخاضات عسيرة تنتج عنها حالات ولادة نوعية، ومعركة الطف أنجبت قادة ميدانيين تركوا بصماتهم في تأريخ الأمم ليستقرء منه الأحرار في العالم آثار القادة والقدوة في معركة قل نظيرها في التأريخ.
أول مقبرة جماعية في عصر الدولة الإسلامية كانت في كربلاء يوم الطف
كان لواقعة الطف أول مقبرة جماعية في التأريخ الأسلامي وقد أشار الى ذلك مقرر حقوق الإنسان السيد الدكتور صاحب الحكيم حيث قتل في هذه المعركة سبط نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمجموعة الصالحة من أصحابه.
يوم الطف كان يوم الثبات ويوم إبداء المواقف الشجاعة
وفي يوم الطف أستحلت المحارم وأنتهكت حرمة الإسلام بقتل خيرة خلق الله، أولئك الذين أستشهدوا ليخلدوا في صفحات تأريخ الأمة الصادقة وليسطروا ملاحمهم بأحرف من ذهب بعد أن أظهروا رفضهم لحكم الطاغوت ولم يستكينوا ولم يذعنوا، وكانت رغبتهم الموت أحراراً ووقوفهم كالجبال الشامخة في وجوه الجاهلية ورياحها الصفراء.
الخيار الحُر للحُر في الوقت الصعب
ومن هذه الملحمة البطولة برز رجل من بين الرجال إسمه الحُرْ، وقد كان حرا فعلا حينما أتخذ الإمام الحسين عليه السلام له إماماً وقائداً، وكان له ناصراً ومؤيداً.
تشخيص الحُر السريع لطبيعة المعسكرين المتواجهين
كان الحر بن يزيد الرياحي قائدا عسكريا في جيش عبيد الله بن زياد وكان يتميز برجاحة العقل وتفتح الذهن لذلك تحدث الى الامام الحسين عليه السلام الذي أستطاع أن يحرك جذوره الطيية ونزعاته الخَيِّرَة فَبَصَّرَهُ بالحق ليتخذ في المعركة موقفاً عقائدياً قوياً أمتاز بحسن الإختيار في الظروف الصعبة والمعقدة رغم أنه كان يرى في مجموعته المغرورة المستبدة كثرة الأتباع في الوقت الذي كان الإمام الحسين عليه السلام لايمتلك إلاّ نفسه وأهله وبعض الأصحاب الذين لهم مميزات الإنتماء الى الاسلام وحب الحق والدفاع عن المظلومين والمستضعفين فكان الحر نِعْمَ الناصر الذي شَخَّصَ الحالة بسرعة ومَيَّزَ بين طبيعة المعسكرين.
الموقف الصعب والإختيار الصعب كان تعبيراً عن إنتصار الذات في نفس الحُر
إن موقف الحر بن يزيد الرياحي يعبر عن إنتصار الذات وإختيار الطريق الصعب والخيار الذي لابديل عنه في مواجهة الطغاة وهو يرى أنَّ الحقَ مع الإمام الحسين عليه السلام وعليه أن يرتحل من المعسكر الجائر الى المعسكر الذي يقدم نفسه فيه ضريبة للحق والحرية.
https://telegram.me/buratha
