شاكر حسن
ابتلت بعض دول العالم بأمراض سياسية واجتماعية خطيرة. ومن هذه الامراض هي الطائفية والعنصرية . فبعض الدول ابتلت بالعنصرية مثل جنوب افريقيا سابقا، وبفضل جهود المناضلين الشرفاء والمخلصين تم القضاء على هذه الظاهرة الخبيثة، وتأسيس مجتمع ديمقراطي تعددي خال من العنصرية. وابتلت دول أخرى كأيرلندا الشمالية بمرض الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت. وبعد جهود كبيرة ومفاوضات شاقة تم القضاء على هذه الظاهرة . وكذلك ابتلى لبنان وما زال بالطائفية .
الا ان العراق الحبيب، ومع الأسف الشديد، ومنذ تأسيسه عام 1921 عانى ويعاني بالإضافة الى هذين المرضين الخبيثين وهما الطائفية والعنصرية، من مرض خبيث آخر وموديل جديد لا يوجد له نظير في أية دولة من دول العالم الأخرى، الا وهو مرض المناطقية (الجهوية) أو يمكن ان نسميه بمرض التعصب المناطقي. حيث نرى أن بعض المناطق أو المدن في العراق يحمل جميع أو اغلب سكانها لقب نفس اسم المنطقة أو المدينة، ويتعصبون بشكل غير طبيعي لبعضهم البعض على حساب المصلحة العامة ، ويصبح مكان الولادة واللقب هو نفسه .
وانتعش هذا المرض الخبيث بصورة مرعبة بعد سيطرة صدام التكريتي على الحكم في العراق، حتى أصبح التكريتي وغير التكريتي يلقب بهذا اللقب للاستفادة من الامتيازات الكبيرة التي يحصل عليها حامل هذا اللقب "المقدس". وانتشر هذا المرض الخبيث أو بالأحرى توسع بين بقية المناطقيين الآخرين من عانيين وراويين ومشاهدة وسامرائيين ... وهكذا.
وقد يتساءل البعض بأن هناك أيضا عراقيين آخرين يحملون لقب منطقة أو مدينه عراقية معينه كالبصري والبغدادي والكركوكلي والكربلائي ، فأقول لهم : ان هذه الألقاب الأخرى محدودة جدا وتتكون عندما يسكن شخص ما في غير مدينته، فيقال عنه: هذا البغدادي وهذا البصري ... وهكذا. أما ان يلقب جميع او اغلب سكان منطقة او مدينة معينه بنفس اسم منطقتهم أو مدينتهم ويتعصبوا لسكانها على حساب بقيه الشعب في دوائر الدولة , وليس على حسابهم الخاص ، فهذا هو قمة التمييز والتفرقة والتعصب، ولا يقبلها لا دين ولا ضمير ولا عقل .
لقد اصبحت دوائر الدولة او اغلبها وقف للمناطقيين , حيث اصبحنا نرى كل دائرة تحت سيطرة حاملي لقب هذة المدينة او تلك وخاصة خلال حكم قادة انقلاب 17 - 30 تكريت , الطائفية والعنصرية والمناطقية حتى النخاع .
وقد يعترض البعض على هذا الادعاء فأقول له وبكل ثقة: هل بقية سكان المناطق او بقية افراد الشعب العراق، لهم نفس الامتيازات والمناصب الحكومية التي يتمتع بها هؤلاء المناطقيين , التكارته مثلا ، وخاصة خلال حكم البعث الصدامي؟ لا اعتقد ان هناك اي فرد من افراد الشعب العراقي من لا يعرف هذا الحقيقة الواضحة .
وأخيرا نرجو ونتأمل من جميع أفراد الشعب العراقي الحبيب، وخاصة المثقفين والمخلصين منهم، ومن جميع المناطق والقوميات والمذاهب والأديان، العمل بكل همة وتفاني في سبيل خلق عراق حر ديمقراطي خال من جميع أنواع التمييز، يكون فيه ولاء الجميع للعراق الحبيب. عراق الاخوة والمحبة والمساواة.
شاكر حسن
https://telegram.me/buratha