حسن الهاشمي
قلنا وما زلنا نؤكد أن الأموال التي ترد العتبة الحسينية المقدسة سواء التي تلقى في الشباك المبارك أو التي تعطى لقسم الهدايا والنذور في العتبة هي من الأموال الموقوفة ولا تصرف إلا لما أوقفت من أجله، ولو تسأل واهبيها لماذا تبرعت أو رميت بها في الشباك لقال لأجل تعمير وإدامة الأضرحة المباركة، ولو سألتهم هل يجوز اعطاءها للفقراء والأيتام وصرفها لإعمار المحافظة وهو أعم من الإقتصار في إعمار الأضرحة فقط، لكان جوابهم إننا إذا أردنا أن نساعد الفقراء يمكن أن ندفع تلك الأموال للمؤسسات الخيرية أو ندفعها للمراجع أو وكلائهم أو نوزعها نحن على الفقراء ولو من الحقوق الشرعية كما يجيز بذلك بعض المراجع العظام، وعندما نرمي أو نتبرع بها للعتبة فتعد هذه أموال خاصة موقوفة لإعمار الضريح ولخدمة زواره والقائمين على حمايته وادامته وتطويره، وهذا هو موافق للعقل والنقل وهو ما أكد عليه جميع المراجع ومن ضمنهم المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى سماحة السيد على الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) الذي يقول في هذا الشأن برسالته العملية منهاج الصالحين:( مسألة 1256 ): المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة إذا لم يقصد الناذر له مصرفاً معيناً يصرف في مصالحه، فينفق منه على عمارته أو إنارته أو لشراء فراش له أو لاداء أُجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك من شؤون المشهد، فان لم يتيسر صرفه فيما ذكر وأشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرف في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارئ آخر. ( مسألة 1257 ): المال المنذور لشخص صاحب المشهد ـ من دون أن يقصد الناذر له مصرفاً معيناً ـ يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له كأن ينفق على زواره الفقراء أو على مشهده الشريف أو على ما فيه إحياء ذكره ونحو ذلك.ولو شاهدنا الأضرحة المباركة لما بعد السقوط نجد أنها تدار من قبل المرجعية الدينية العليا حسبما نص عليه الدستور العراقي من أن الأمناء المشرفين على إدارتها وبعد ترشيحهم من قبل ديوان الوقف الشيعي يجب أن يحظوا بموافقة ومباركة المرجعية الدينية العليا وهو حاصل لجميع العتبات العامة والخاصة لأضرحة الأئمة وذراريهم والأولياء الصالحين في العراق، وهذا يكفي أن الأيادي التي تدير تلك الأضرحة أياد نظيفة تقوم بواجباتها الدينية خير قيام. أما الأصوات النشاز التي تخرج علينا بين الفينة والأخرى، فهي أصوات إما مغرضة هدفها تشويه سمعة مراجع الدين ووكلائهم التي تشهد الوقائع والأحداث والأعمال التي أنجزوها في فترة ما بعد السقوط بنزاهتهم وورعهم وتعاليهم عن زبارج الدنيا الفانية، أو وقوعهم ضحية الإشاعات المغرضة التي تهول للمبالغ التي ترد العتبات من خلال الشباك أو التبرعات وتروج بأنها بالمليارات يصرف النزر القليل منها على العتبات والباقي يوزع على الوكلاء ومن يلوذ بهم وغالبا ما يثير تلك الشائعات أزلام النظام البائد والمنتفعين منه الذين فقدوا امتيازاتهم وما كانوا يحصدون عليه سابقا من تلك التبرعات ويصرفونها لأغراضهم الشخصية دون أن يضعوا ولا لبنة واحدة في الإعمار والتطوير، أو من بعض ضعاف النفوس الذين استغلوا حالة الإنفتاح والديمقراطية وابداء الرأي في العراق الجديد فأخذوا يلفقون التهم على هذه الجهة وتلك من دون وازع من دين أو ضمير ومن دون رادع قانوني أو شرعي.ولو أخذنا العتبة الحسينية المقدسة مثالا نجد أن الأمانة العامة فيها وهي ممثلة عن المرجعية الدينية العليا في الوقت نفسه أنها قد طبقت فتاوى العلماء بهذا الصدد وبحذافيرها، حيث أن الإعمار والتوسعة جارية على قدم وساق، والأموال التي تردها وبحسب سماحة السيد أحمد الصافي 90% منها من ديوان الوقف الشيعي و10% منها من ايرادات الشباك والهدايا والنذور، كلها تصرف في المشاريع الخدمية والثقافية والهندسية والأمنية، وما تشهده من تطور واسداء للخدمات هو خير دليل على ذلك. ولا أظن أن المستقصي المنصف بحاجة إلى جهد لكي يصل إلى قناعة بأن القائمين عليها هم من النزهاء الأتقياء فها هي سجلات الإيداع والصرف السنوي في العتبة الحسينية المقدسة متاحة لكل الوزارات والدوائر ومنظمات المجتمع المدني ومجالس البلدية والمحافظة والأقضية والنواحي وحتى الأشخاص، فالشفافية موجودة لكل مراحل الإعمار والتطوير وهي متاحة لكل من يريد التأكد من ذلك، فإنه إضافة إلى ما ذكر وما هو واقع من اعمار وتطوير وتقديم للخدمات هناك أقسام ولجان تعمل على تقديم المساعدة المالية للزائر الذي يفقد نفقته ويتم ارجاعه لبلده على نفقة العتبة معززا مكرما، علاوة على ما يردها من فائض من كتب الأدعية والزيارة يتم توزيعها على الجوامع والحسينيات أو حتى البيوت التي تخلو منها، وتوزيع آلاف وجبات الطعام على الزائرين في المناسبات المختلفة وكذلك توفير السيارات الصغيرة والكبيرة لنقل الزائرين بالمجان من القطوعات إلى المرقد المقدس وربما إلى محافظاتهم لاسيما في الزيارات المليونية، وغيرها من الخدمات الجمالية والإستثمارية التي لا يسع المجال لذكرها وهي مدونة في إصدارات العتبة من قبيل دليل الإنجازات ودليل العتبة وكذلك إصدارات تذهيب المنارتين وإنشاء الطابق الثاني وتسقيف الصحن والحاقه بالحرم المبارك، وتوسعة الحائر الحسيني ذو الطوابق الأربعة وغيرها من المشاريع التي تعكس مدى التطور الذي شهدته العتبة وعلى كافة الأصعدة منذ تسلمها من قبل المرجعية الدينية العليا بعد السقوط لحد هذه اللحظة.
https://telegram.me/buratha