ابو هاني الشمري
لايخفى على احد بأن اعضاء حزب البعث رغم معرفتهم التامة بأنهم منبوذين من قبل ابناء العراق ولكنهم بالمقابل يعملون ليل نهار ولا يكلّون طرفة عين ابداً من اجل ايجاد موطئ قدم لهم مرة اخرى داخل اروقة الحكومة العراقية وبرلمانها ... هذا السعي الحثيث قد اثمر عن عودة مايقارب الـ 32000 عنصر بعثي داخل مفاصل دولة العراق الجديدة وهذا رقم ليس بالهين اذا ماعلمنا بأنه مرشح للمضاعفة في الفترة القادمة بسبب الضغوطات التي تمارس على الحكومة الحالية من قبل جهات دولية واقليمية وحتى من داخل الحكومة الحالية بواسطة تلك الخلايا البعثية التي تم زرعها في جسد هذه الدولة الفتية.السيناريو البعثي للعودة الى حكم العراق من جديد تغير كثيرا عن السيناريوهات السابقة التي اوصلته الى سدة الحكم, فبينما كانت تتم سابقا بشكل بسيط عن طريق مجموعة ضباط تحرك عدد من الالوية لتسيطر على القصر الجمهوري ووزارة الدفاع وتذهب قوة اخرى لتسيطر على مقر الاذاعة والتلفزيون ومن هناك يتم قراءة البيان رقم واحد.. اصبحت هذه الطريقة غير مجدية في العراق الجديد.لقد علم البعثيون ومن معهم من القوى الاقليمية التي تريد عودة البعث مرة اخرى او على الاقل عودة قوى جديده غير القوى الشيعية الكردية التي تمثل اغلبية سكان العراق كما ظهر بعد دخول القوات الامريكية الى العراق وأزاحة حكومة البعث المتمثلة بقائدها(الضرورة!) صدام...فقد كانت مفاجأة صدمت اغلب حكام وابناء المنطقة العربية بعد انكشاف حقيقة النسب الموجودة للسكان على الارض العراقية .. ولهذا وجدوا ان تحريك قوات عسكرية لاحتلال القصر الجمهوري او وزارة الدفاع او اعلان بيان اسقاط الحكومة الحالية او اغتيال قائدها لايمكن ان يؤدى الى السيطرة على البلد مرة ثانية لاعتبارات كثيرة منها ان مناطق وسط وجنوب العراق يسكنها سكان شيعه بشكل شبه مطلق ولا يمكن لهؤلاء السكان ان يقبلوا بعودة البعثيين لحكمهم مرة اخرى ..اضف الى ذلك ان المحافظات الثلاث التابعة للاكراد لايفكر فيها اي بعثي ولايمكنه ان يضعها في حساباته على الاطلاق ... لذلك فقد تم وضع سيناريو جديد وهو مطبق منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف على الارض بل ويتسارع هذه الايام بشكل اكبر ... هذا السيناريو اشتمل على مايلي:-كخطوة اولى تم احداث ضجة كبرى مدعومة اقليميا بأن السنة العرب تم تهميشهم وانهم معزولون تماما بل ومضطهدين ومطاردين في كل مكان (انا هنا حينما اذكر المكون السني فهو ليس بالضرورة رأي العراقيين وانا منهم ولكن هذا مافعله البعثيون بالضبط لاجل العودة الى الحكم مرة ثانية) .. ولقد نجحت الخطة الاولى بشكل منقطع النظير بعدما قام البعثيون بتفجير مرقد الامامين العسكريين (ع) وما تلاها من تداعيات تم استغلالها بشكل منظم لوجستيا من خلال عمليات القتل والتهجير بين مكونات الشعب العراقي جميعها, واعلاميا لتبيان مظلومية جهة واحدة من ابناء العراق وهي المكون السني ... ساعدهم الجانب الامريكي وضعف الحكومة آنذاك والاعلام المعادي على الانتقال الى المرحلة الثانية من الخطة والمتمثلة بعدم التعرض للقوات الامريكية مقابل اشراكهم في العملية السياسية وارجاع ضباط الجيش البعثي والكثير من قادته السابقين الى مفاصل الدولة تحت مسمى جديد اطلق عليه (المصالحة الوطنية) وتم تشكيل وزارة لهذا الشأن اسمها وزارة الحوار الوطني ليس لها وزارة مشابهة على وجه الكرة الارضية!!بعد الخطوة الثانية ومن خلال استغلال موضوع المصالحة الوطنية الذي اعاد آلاف البعثيين الى مفاصل الدولة جائت الخطوة الثالثة بأعادة عصابات القتل والذبح البعثية التي دخلت تحت مسمى الصحوات الى مفاصل مهمة في القوى الامنية والعسكرية الحكومية...لقد سارت الخطوات الثلاث المذكورة اعلاه بشكل سلس وتم تمريرها على العراقيين جميعا وبجهد لايذكر ... يساعدهم على ذلك التحرك العربي المحموم وبالخصوص من قبل الجامعة العربية على دعم هذا المشروع البعثي الخطير والغير خافي الهدف .الخطوة الرابعة التي ينفذها البعث تسير حاليا بشكل رائع وبدأت تؤتي ثمارها ... هذه الخطوة مدعومة من قبل الحكومة الحالية من حيث تدري او لاتدري !! سيناريو هذه الخطوة يعتمد بشكل كامل على شقين كلاهما يعتبر العناصر البعثية التي تم زرعها داخل الدولة الحديثة هي العنصر المهم لتطبيق هذه الخطوة وكما يلي:اولا: يتم توجيه العناصر البعثية الموجودة في مفاصل القيادة وفي الدوائر الخدمية بالتخريب قدر المستطاع في تلك المفاصل عن طريق منع او عرقلة اصدار اي قانون يفيد العراقيين اما بواسطة البعثيين داخل البرلمان او عن طريق تأخير او ايقاف تنفيذ اي قانون مفيد من قبل نائب الرئيس البعثي طارق الهاشمي وهو ماحدث منذ سنوات ويحدث حاليا بالضبط ... فلو اردنا معرفة مقدار القوانين التي تفيد العراق والتي تم تمريرها من البرلمان رغم انف البعثيين المعارضين لها لوجدنا انها دخلت درج نائب الرئيس وانتهى امرها الى يومنا هذا...اضافة الى توجيههم بايذاء المواطنين وتأخير معاملاتهم اوايقاف تنفيذ القرارات التي صدرت والتي تخدم الشريحة المضطهدة وايقاف تنفيذها بشتى الطرق وكذلك عرقلة الخدمات الضرورية التي تمس حاجات الناس الاساسية ونشر ظاهرة الرشوة بشكل لايمكن تجاوزه تماما كما كانت في عهد البعث السابق بل واكثر من ذلك.... يساعدهم على ذلك وجود العناصر الفاسدة التي تمثل الحكومة الجديدة والغير كفوءة والتي تم منحها تلك الوظائف مع الايقاع بهذه العناصر غير البعثية لغرض استغلالها دعائيا ضد الحكومة الحالية على انها حكومة فاسدة وتأتي بأناس فاسدين وغير كفوئين لادارة البلد وبذلك يتم التخلص من هؤلاء اولا ومن ثم نشر فكرة ان البعثيين السابقين كانوا اصحاب خبرات ومهنيين في عملهم وبالتالي يمكنهم تصحيح الاخطاء التي يقع فيها الموظفين الحاليين على امل عودة اكبر عدد منهم مرة اخرى... هذا من جانب ومن جانب آخر احداث تذمر شعبي ضد الحكومة الحالية كونها هي المسؤول الاول عن تعيين هؤلاء الموظفين الجدد!.ثانيا: يتم استغلال العناصر البعثية الموجودة داخل مفاصل الاجهزة الامنية بأحداث الخروقات الامنية المطلوبة لتمرير المخططات التي تصل اليهم من قادتهم المتواجدين في الدول العربية المجاورة وتنفيذها بالحرف الواحد... وقد اثبتت الوقائع على الارض قيام هؤلاء الضباط والمراتب البعثيين بتسهيل تمرير تلك العمليات الاجرامية بل والمشاركة في بعضها وما حوادث التفجيرات الاخيرة وخصوصا يوم الاربعاء الدامي الادليل واحد على مقدار تغلغل تلك العناصر داخل الاجهزة الامنية .. اضف الى ذلك عملية القاء القبض على مجموعة من الضباط وبرتب كبيرة قبل شهر تقريبا اعترفت بانها تتلقى الاوامر مباشرة من شيخ الارهاب البعثي والخبث الطائفي حارث الضاري...ان الخطوة الرابعة المتمثلة بتخريب اقتصاد وادارة البلد واشاعة روح التهرئ وعدم الاهتمام بشؤون المواطنين وخدماتهم اضافة الى تسهيل عمليات التفجير والقتل والخطف لاشاعة فكرة ان البلد لايمكن ان يستقر بوجود هؤلاء الحكام الجدد وهو مابدأ يظهر جليا في تصريحات اغلب الناس البسطاء ... وعلى مايبدو فأن هذه الخطوة قد وصلت الى مراحل متقدمة مخدومة بشكل لانظير له من الاعلام العربي والبعثي المتواجد في دول الجوار والذي بدأ يركز على قضية اساسية ترفد الخطوة البعثية الا وهي ان اغلب البعثيين هم اصحاب خبرات ومهنيين ولا يمكن الاستغناء عنهم من اجل بناء العراق وبناء قواته المسلحة وكأن لسان حالهم يقول بأن العراق لايوجد فيه شخص مهنى وخبير سوى البعثيين ويجب على الحكومة ارجاعهم شائت ذلك ام ابت !! ... هذا التوجه الاعلامي الخطير هو الذي اوقف تنفيذ حكم الاعدام بسلطان هاشم (لانه ضابط مهني كان ينفذ اوامر صدرت اليه من قيادته العليا) رغم انه ازهق آلاف الارواح البريئة وأن قرارا صدر من محكمة دستورية ولايمكن نقضه او التلاعب به الا انه يبقى مهنى لانه ضابط بعثي يجب الحفاظ عليه كثروة قومية لايمكن الاستغناء عنها وسوف لن يجود الزمان على العراق بشخص بدله !! وسلطان ليس الوحيد بل هناك آلالاف ممن يروج الاعلام لفكرة اعادتهم الى مفاصل الدولة لغرض الاسفادة من خبراتهم كما يدعون ... علما بأن هناك مبالغ طائلة تصرف على عصابات البعث المتواجده داخل وخارج السلطة الحالية من قبل انظمة الاجرام الخليجية لغرض دعم عصابات الخطف والتسليب واستمرارها في منهجها التخريبى ومن ثم احداث اكبر قدر ممكن من الاستياء الشعبي ضد الحكومة والنظام الجديد ..ولقد حدثني احد القادة الميدانيين وبشكل مباشر وشخصي بأنهم حينما هاجمو وكرا لاحدى تلك العصابات في منطقة الدورة (عرب الجبور) تحركت عليهم عصابات كثيرة من نفس المنطقة وحاصرتهم وبعد ان تحركت قوات جديدة وفتحت عنهم الحصار دخلوا الى ذلك الوكر فوجدوا من ضمن ما وجدوه مع الاسلحة والمعدات صندوقا خشبيا من صناديق الشاي(الفل) اي بقياس مترx مترx متر ومكتوب عليه شركة الراجحي!!! ولما فتحوه وجدوه مليئأ بالدولارات ... هذه القصة حقيقية وليست ضربا من الخيال تبين مدى الدعم الذي يتلقاه هؤلاء لتخريب العراق بينما تقوم حكومتنا العتيدة بالمقابل باعادة تعيينهم في كل مفاصل الدولة لتسهيل عملية تخريب البلد الذي هو مخرب بالاصل من جرائم البعثيين السابقة وكذلك من خلال تعيينها لمدراء ورؤساء فاسدين وغير كفوئين رغم ان البلد يعج بالكفاءات النزيهة التي يمكنها ان تحدث ثورة كبرى في تطوره وبشكل سريع... فهلا يوجد رجل رشيد يوقف هذا الخطر الذي سيتمكن من العراق ان بقي يسير بخطته بهذا الشكل الذي اوصلنا الى حد بتنا نخاف عليه ليس من الانقلاب ولكن من الانتهاب البعثي وبمساعدة الحكومة وقوانينها والذي اصبح يلاحظه الناس ولسان حالهم يقول ((كيف يؤتمن الخائن)) ولانعلم هناك خونة اكثر من البعثيين الذين خانوا بلدهم وشعبهم بل خانوا حتى شعاراتهم التي رفعوها وآمنوا بها.
https://telegram.me/buratha