قاسم العجرش
هذا مفهوم جديد وضع قيد التداول قبل وقت ليس طويل، وهو يختص بتوصيف لمردودات غير سلعية، فالفكر ليس سلعة، أنه نتاج أنساني ، والتنمية والنمو من المصطلحات ذات الصبغة الاقتصادية في دارج الاستعمال إلا أن المصطلح استعير في ميادين أخرى متعددة. التنمية والنمو ( GROWTH ) تعني التزايد التدريجي المستمر في عملية من العمليات سواء منها ما يتعلق بميدان البيولوجيا أو في ميدان الاقتصاد أو مناشط الثقافة أو معالجات الفكر. وفي ميدان الفكر تستهدف التنمية الفكرية التأثير على آليات النشاط الفكري وعلاقات قواه الدافعة بغرض تجويد أداء العقل المفكر وجعله يبلغ أعلى درجات التفكير المعياري البناء, ذلك أن الحركة الفكرية الجادة تمتلك إمكانية تغيير المفاهيم الخاطئة أو تطويرها إلى الأحسن على أقل اعتبار, وذلك بالارتكاز على عملية ذهنية تتطور عبر مراحل من الانشغال الجاد نحو تشكيلة أرقى للفكر والروح والشعور تقود إلى الحقيقة التي هي بنت البحث والتفكير.ولدريءغوائل غازيات الثقافة التغريبية والاستهداف الفكري، يجب أن ندرس كيف تنعكس العوامل والقوى الثقافية الأخرى على أوساطنا الاجتماعية وتنميطها ثقافياً, إلا أن تنمية الجهد الفكري إلى حد ما قادرة على إحداث التماسك الداخلي لبنيتنا الثقافية والاجتماعية.
ومن خلال التنمية الفكرية المستمرة يمكننا التكيف والتجديد والتوازن بدون أن نستلب بشكل كلي.والتنميـة الفكريـة هي رهـان المستقبـل،ففي النظم التكنولوجية للغد، سوف تتعامل الماكينات السريعة، المرنة، الذاتية، التنظيم مع الأشياء المادية. أما الرجال فسيعالجون الأفكار والبصائر. وسيتزايد باستمرار أداء الماكينات للمهام الروتينية، والرجال للمهام الفكرية والخلاقة. وبدلا من أن يتكدس الرجال والماكينات معاً في مصانع عملاقة ومدن صناعية، سيتفرقون على سطح الكرة الأرضية، وتربط بينهم وسائل اتصال حساسة وفورية لدرجة مذهلة. وسيتحرك العمل البشري من المصانع والمكاتب الحاشدة إلى المجتمع المحلي والبيت.
وسوف تزامن الماكينات، كما حدث لبعضها بالفعل، إلى أجزاء من بليون من الثانية، أما الرجال فلا. سوف تختفي صفارة المصنع، وحتى الساعة، (الماكينة الرئيسية لعصر التصنع الحديث) كما سماها لويس ممفورد منذ جيل مضى، سوف تفقد الكثير من سيطرتها على الشئون الإنسانية كعناصر متميزة عن العناصر التكنولوجيا الخالصة. وفي نفس الوقت ستتحول المنظمات اللازمة لإدارة التكنولوجيا من البيروقراطية إلى الأدهوقراطية. من الثبات إلى الزوال، ومن الاهتمام بالحاضر إلى التركيز على المستقبل.
وفي مثل هذا العالم تتحول أكبر تسهيلات عصر التصنيع قيمة إلى معوقات. إن تكنولوجيا الغد لا تتطلب ملايين الرجال السطحيي التعليم المستعدين للعمل المتساوق في أعمال لا نهائية التكرار، ولا تتطلب رجالا يتلقون الأوامر دون طرفة عين، مقدرين أن ثمن الخبز هو الخضوع الآلي للسلطة. ولكن تتطلب رجالا قادرين على إصدار أحكام حاسمة. رجالا يستطيعون أن يشقوا طريقهم وسط البيئات الجديدة. ويستطيعون أن يحددوا موقع العلاقات الجديدة في الواقع السريع التغير. إنها تتطلب رجالا من ذلك النوع الذي وصفه س.ب. سنو بأنهم ( يحملون المستقبل في عظامهم) فهل سننتج مجلس نواب به مثل هؤلاء الرجال؟! لا أعتقد ذلك،بالمدى المنظور على الأقل، فليس لدينا ألا خلالات العبد!!!
https://telegram.me/buratha