المقالات

لذلك لاتنجح التوافقية في العراق

747 14:44:00 2009-12-04

علاء الموسوي

لم يأت اختيار التجربة التوافقية للديموقراطية الفتية في العراق بمعزل عن الظروف الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها ، وان كانت تلك الظروف وليدة الحاضر وليس الامس جراء تعاقب الانظمة المتخلفة والدكتاتورية على حكم المجتمع العراقي حديثا.لايوجد اشكال سياسي على طبيعة اختيار التوافقية كعلاج سياسي لممارسة الحكم في مجتمع تعددي تحكمه الفوارق الاثنية والطائفية .الا ان المشكل هو في عملية تشخيص الجانب التعددي والانقسامي بين المجتمع ذاته، والطبقة السياسية الحاكمة، فضلا عن الافتقار الى النخب السياسية الواعية والمتفهمة لشروط تطبيق التجربة التوافقية واساسياتها في الحكم الديموقراطي.الديموقراطية التوافقية ليست وصفة سياسية جاهزة ليتم اختيارها نسبة الى امكانية تطبيقها ونجاحها في دولة ما. ذلك لان اساس الديموقراطية التوافقية هو التفاعل السياسي مع معطيات المشهد السياسي الذي يحكم تلك الدولة ، وبالتالي التعامل بحنكة سياسية مسبقة تتناغم مع تطبيق النموذج التوافقي للديموقراطية في الحكم.فنجاح التجربة التوافقية مثلا في سويسرا والنمسا لم تكن بسبب حاجة المجتمع التعددي في تلك الدول فقط، وانما لوجود نخب سياسية واعية ومدركة لضرورة تحقيق الانسجام والتآلف السياسي بين المؤتلفين داخل قبة التوافقية في البرلمان، وذلك لان دور القيادات السياسية عنصر حاسم ومهم في الديموقراطية التوافقية، وهو ماتفتقره التجربة التوافقية في العراق بالذات.المقومات الاساسية لتحقيق التجربة التوافقية لم تعد مستساغة وفاعلة في المشهد السياسي العراقي، لسببين رئيسين، اولهما : عدم وجود كفاءات قيادية تفرزها الاحزاب لتمثيلها في المناصب الحكومية التي تقتضي التوافقية خضوعها لمعيار التمثيل النسبي (المحاصصي) بين الاحزاب المتنافسة. وهو ماخلف وزارات مشوهة لم تحقق اي نسبة نجاح يذكر له في بناء دولة مدنية خدمية تحقق الرفاه الاقتصادي للمواطن العراقي.ثانيا: اختيار التجربة التوافقية في المشهد السياسي العراقي لم يأت كحاجة اساسية تم تشخيصها للمجتمع، وانما جاءت كتجربة بديلة عن عدم امكانية تحقيق النظام الفيدرالي في العراق، على الرغم من مشروعيته في الدستور. الامر الذي ادى الى اصابة المشهد السياسي العراقي بتضارب المصالح في النظام السياسي الواحد، بين تطبيق الفدرالية في اقليم كردستان وادخال حكومتها في الوقت ذاته باللعبة التوافقية التي اصبحت عنصر معطل لآمال ومصالح المتنافسين الاخرين.يضاف الى ذلك كله وهو الاهم، ان اللعبة التوافقية لن تنجح ولن تؤدي دورها المرسوم له في مجتمع تعددي مثل العراق، بسبب هامشية المركز العراقي وقوة الوجود الاقليمي داخل مجتمعه السياسي، وهو مايعاني منه العراق ولبنان في بوصلة واحدة وعلى حد سواء.فالتوافقية اصبحت حاجة اقليمية داخل المجتمع العراقي قبل ان تكون حاجة محلية، وهو مانلاحظه من اتصاف النخب السياسية بالاختلاف والتناحر حول رؤية المصالح المشتركة، بعكس المجتمع الذي يمثل اروع صور التلاحم الوطني عبر تأريخه القديم والحديث. الامر الذي ينفي وجود احد اركان مفهوم تطبيق التجربة التوافقية التي تشترط وجود مجتمع منقسم على نفسه، ويعاني من تناحر داخلي بين مكوناته. ماحصل من اخفاقات سياسية طيلة السنوات الست الماضية، ومايعانيه المشهد السياسي حاليا من تلكوء واضطراب، نتيجة تقديم مصلحة الفرد على الكم، وتقديم الرؤية الاقليمية على الاكثرية المحلية، هو بسبب تطبيق توافقية من زاوية منفردة عن النظر الى العراق ككل موحد.فالتخوف من حكم الاغلبية لم يفصح عنه المجتمع العراقي بتاتا، وانما الهاجس الاقليمي الطائفي هو الذي اوجد هذا التخوف وفرضه على النخب السياسية في العراقي من حيث تشعر بذلك او لاتشعر، وهو ماجعل وسيجعل العراق التوافقي اسير مخططات الاجانب بدلا من سيادة الشعب في القرار واختيار النظام السياسي الافضل والملائم لحاجته الوطنية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك