المقالات

في ليلة العيد نزلت دموعي مدرارا

997 09:22:00 2009-12-04

د. ناهدة التميمي

حاولت جاهدة ان اوهم نفسي في ليلة العيد باني سعيدة وفرحة بقدومه .. استذكرت كل طفولتي عندما كنا نسهر مع جدتي الى اشراقات الفجر الاولى وتباشير الصباح وهي تصنع كليجة العيد ابتهاجا بقدومه وفي الفجر تذهب الصواني مرصوصة بالكليجة الى الفرن لشيها .. تذكرت في ليلة العيد كيف كنا نجلس او ننام حابسي الانفاس بانتظار انبلاج الفجر للاحتفال بالعيد واستلام العيدية وكيف كنا نبيت ليلتنا صاحين وثياب العيد جنبنا او في الدولايب نتمم عليها في كل لحظة ونملي النظر من الوانها البهيجة والاحذية البراقة من الروغان الابيض او الاسود او الاحمر فتبهجنا وتزيدنا حماسا لاستقبال فجره والانطلاق الى المراجيح والمتنزهات العامة التي كانت تحفل بها الكرخ القديمة ..

هذه الافكار والاجواء شحذت همتي وذكرياتي العذبة فاسرعت الى اقرب سوبر ماركت وابتعت كيكة للاستعاضة عن الكليجة.. وفستق ولوز وبندق وجوز وبقلاوة من متجر تركي قريب وهيات نفسي ولو كذبا لكل مظاهر الفرح لان القلب ادماه ماجرى للعراق والموت الذي يحاصره ذبحا وتفخيخا وتهجيرا وتشريدا وفقدان للاعزاء في حرب العبث التي شنتها الطوائف على بعضها فتركت وشما غائرا وندوبا في القلب مازالت عصية على الالتئام المهم حاولت ان اعيش اجواء الفرح وكنت قد غسلت كل قطعة ملابس او اغطية اوافرشة استعلمناها عملا بمقولة جدتي رحمها الله استقبلوا العيد وكل شيء في البيت نظيف جدا ولاتدعوا قطعة ملابس متسخة او مستعملة الا وغسلتموها لتتجدد حياتكم بالامل والخير .. لبست ملابس جديدة وتعطرت وجلست امام التلفاز انتظر واترقب ام كلثوم لتصدح ( الليلة عيد ) وتشجينا ولتأذن رسميا بالدخول باجواء العيد لان ليلته لاتكتمل الا بهذه الاغنية الجميلة التي ارتبطت في ذاكرتي بالبهجة والفرح الطفولي وهذا ما اعتدنا عليه منذ نعومة اظفارنا كانت اول محطة صادفتني هي العراقية وكان مراسلها في زيارة الى ميتم وملجا للاطفال .. وبينما هو يلتقي اطفال حلوين بعمر الورد يفيضون براءة وجمال اذ كانوا باسمين وهم يقصون حكاياهم المحزنة عليه وعلى المشاهدين.. قالت حسناء صغيرة ان ابيها قتله الارهابيين وهو عائد من محله في الليل فاتوا بها الى هنا ولاتعلم شيء عن اهلها.. وقالت اخرى ان الارهابيين دقوا عليهم الباب ليلا وعندما فتحوا الباب قتلوا ابيها وهربوا ...

في هذه الاثناء انفجرت طفلة كانت واقفة بعيدا عنهم قليلا ببكاء مر ومؤلم .. هذه الطفلة ذات الاربع او الخمس سنوات كانت نحيلة وشاحبة وقد بدا عليها الذل والانكسار والالم .. وعندما اقترب منها المراسل وسالها عما يبكيها قالت بمرارة ابي الشاب الذي مرض فجاة بالكنكري فقطعو ا ساقيه ولكنه بعدها بفترة قصيرة مات وتركنا بلا معيل او مأوى فتشردنا ولااعرف اين اخوتي ولكن جيء بي الى هنا.. طبعا هي عبرت بكلماتها ومصطلحاتها الطفولية وهي تجهش وتختنق بالبكاء.. هذه الطفلة لم تستطع ان تنسى ذل اليتم ووطأة المرض وبلاء الفقر والحاجة التي ابعدتها عن اخوتها ودفء اسرتها مرغمة.. بكيت مع هذه الطفلة كثيرا مما افسد ليلتي وفرحتي بالعيد .. وقلت واقول باعلى صوتي متى يصدر قانون يحمي الطفولة ويكفل الايتام والاسرة التي تفقد معيلها ومتى يكون لدينا نظام صحي ورعاية اجتماعية تحمي الجميع من جشع الاطباء وتحمي الاسرة اذا كانت الام غير قادرة على اعالة اطفالها حتى لايتشردوا ويشعروا بوطاة اليتم لان الاطفال هم رهان المستقبل .. متى ..!!!لماذا لايعرف الانسان في بلدي انه مريض بمرض خطير الا بعد ان يستفحل المرض ويفوت الاوان ذلك لانه يخاف مراجعة الاطباء والعيادات التي لايقوى على تكاليفها هذا ما احزنني وابكاني وافسد فرحتي في العيد.. قلت رحماك ياربي حتى الفرح الكاذب لم اظفر به ..!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عماد العوادي
2009-12-04
والله لم اتمكن حبس دموعي وانا اقرأ هذا المقال علما اني لم اشاهد هذه المقابلة التلفزيونية شكرا د- ناهدة على هذه الألتفاتة نحو من قسى عليهم الدهر والعراقين من البعثين وامثالهم وأظم صوتي الى صوتك من اجل ان تهتم حكومتنا المنتخبة بهؤلاء المحرومين وان تضع البرامج والخطط الكفيلة بمنع حصول هكذا حالات
فائز
2009-12-04
والله يأختنا في كل يوم نشاهد من هذه المآسي في الفرات والعراقية وحتى البغدادية التي تتاجر بهم وربما الشرقية وآخر ما شاهدناه عطش الفهود في الناصرية ..وهلم جرا!! أين البرلمانيون المسئولون عن مناطقهم أم إنهم فقط في المنطقة الخضراء أو في خارج القطر!!.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك