منى البغدادي
الانتخابات بشكل عام ممارسة ديمقراطية حضارية متطورة تعكس رقي النظم السياسي وانطلاقتها في بناء دولة وثقافة المؤسسات. صناديق الانتخابات هي الالية الوحيدة لتداول وتناقل السلطة والحكم وتشخيص الاصلح لقيادة البلاد ولم نمتلك الية اخرى للوصول الى تحديد الاصلح والافضل الا عن طريق الانتخابات. وقد لا تأتي الانتخابات بالاصلح دائماً ولم تجلب لنا الافضل بالضرورة ولكننا لا نمتلك اسلوب لمعرفة الافضل والاصلح الا عن طريقها وعلى فرض انها لم تأت بالافضل والاصلح بسبب اسلوب الدعاية الانتخابية والتأثير على الرأي العام ومؤثرات العقل الجمعي ولكنها أي الانتخابات ضمانة لتأكيد قناعة الشعب بممثليه وحكامه وفي حال اثبت اداؤهم السياسي بانهم غير مؤهلين وكفوءين فان الشعب هو المسؤول على تغييرهم في الانتخابات الاخرى.
وقد يقال لماذا التأكيد على ضرورة المشاركة في الانتخابات وما جلبت لنا الانتخابات سوى نواب لا يفكرون الا بمصالحهم وقادة لا يفكرون بمصالح شعبهم كما هو موقف النقض الذي مارسه الدكتور طارق الهاشمي؟ اذا كان ذلك صحيحاً فان الاصح ايضاً ان الغاء واهمال الانتخابات باعتبارها اهم مفردات العملية الديمقراطية وممارساتها سيؤدي بالتأكيد الى ايجاد بدائل اخطر واسوء دفعنا ثمن اداءاتها في العهد السابق. ان البديل الاكيد عن غياب الديمقراطية هو النظام الديكتاتوري الاستبدادي الغاشم ومهما كانت الديمقراطية وتداعياتها ومضاعفاتها الجانبية فهي افضل بالتأكيد من كل خيار اخر.
الشعوب التي تؤمن بالممارسة الديمقراطية والعملية الانتخابية وتختار قادتها وممثليها عن طريق صناديق الاقتراع هي امم متحضرة ومتطورة وراقية لا تسمح بوجود ديكتاتور يعيدها الى الواقع المأساوي ويؤخر تقدمها ويعيق تطورها ويشيع في وعيها مكامن الخوف والرعب والاستعباد.
ان خيار الانتخابات هو الخيار الانفع والذي لا يرقى اليه أي خيار اخر وليس ثمة بديل عن الانتخابات ولابد من الحضور والمشاركة للتعبير عن هويتنا وحريتنا وخيارنا بالتغيير واما الانعزال والتردد والتراجع عن المشاركة فيعني ضمور الحس الوطني وانكفاء الشعور بالمسؤولية الشرعية والاخلاقية والسياسية في بناء البلاد وفق الاسس الصحيحة ضمانة للحاضر والمستقبل. أي رفض للواقع الديمقراطي والعزوف عن المشاركة الانتخابية يعني فسح المجال للديكتاتورية والاستبداد بسد الفراغ ولا احد فينا ينكر او لا يتذكر تلك الحقبة السوداء الظالمة والمظلمة التي عشنا فصولها في العهد السابق.
من يريد الحرية والازدهار والانعتاق من الاستعباد والاستبداد فليشارك بقوة في الانتخابات ويقف بوجه كل محاولات التثبيط والضغوط التي يمارسها اعداء العراق ضدنا ونحن قد جربنا جرائهم وحرب الابادة التي مورست ضدنا فلماذا لا نقف بوجه تلك المحاولات ونثأر لكرامتنا وشرفنا وشهدائنا عبر الحضور الفاعل في الانتخابات وتفويت الفرصة على اعداء العراق كل العراق.
https://telegram.me/buratha