اسد الاسدي
ليس دفاعاً عن ايران ولا مبرر لدفاع عنها ولسنا ناطقين رسميين باسمها وهي دولة لها مصالحها كما لبقية الدول مصالح ونفوذ في العراق والمنطقة. نريد الدفاع عن الحقيقة والموضوعية والنقد دون الازدواجية في المواقف والعواطف فنقف بمسافات واحدة مع الجميع وقد تختلف هذه المسافات بحسب مواقف وعلاقات الدول معنا فقد نبتعد عن بعض الدول بسبب بعدها عنا ونقترب عن اخرى بحسب قربها منا وهذه الاطر العامة للعلاقات الدولية المبنية على المصالح والتعاون المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
زمن الوصاية والقيمومة قد ولى بلا رجعة ولا مجال للاملاءات الدولية فان سياسة القطبية الثنائية قد انهارت بانهيار الاتحاد السوفياتي السابق وان سياسة المحاور الدولية لا وجود لها في العراق. لا يمكن ان نستعدي الاخرين او نقاتلهم بالنيابة او نفتح جبهات استعدائية لدول الجوار وقد نغض النظر احياناً لاسباب تتعلق بالتهدئة وامكانية التفاهم والتوطيد بدل التصادم والتصعيد. وحكم الامثال فيما يجوز او لا يجوز واحد لا يمكن ان يستثنى او يتجزىء والعلاقات مع الاخرين تتحد بعوامل ومبادىء عامة وخطوط ثابتة فمن يقف معنا نقف معه ونكون سنداُ له ومن يحاول الاساءة الينا لا يمكن ان نبادل الاساءة بحسن الظن والتعاون والسكوت.
ويبدو ان استعداء ايران اخذ نمطاً طائفياً او قومياً محلياً ودولياً وبنفس الوتيرة السابقة التي كان الطاغية صدام المقبور يعزف عليها من اجل اثارة الحس القومي والكراهية والعداء بين الشعوب والقوميات والاديان والمذاهب.لا نريد ولن نسمح لاي دولة مهما كانت التدخل في شؤوننا ولن نفرط بسيادتنا ووطنيتنا من اجل الاخرين ولكن علينا ان لا نتعامل مع الجوار الاقليمي بروح طائفية مقيتة ونغض الطرف عن تدخلات سافرة في شؤوننا ومحاولات اجهاض العملية السياسية عبر دعم الارهابيين والصداميين بالمال والرجال والفتاوى.
والمفارقة ان سفير الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وتركيا يصولون ويجولون في البرلمان ويحضرون اصعب نقاشاته وتشريعاته وقد شوهد السفير الامريكي حاضراً في جلسات مجلس النواب لمتابعة مناقشة وتصويب قانون الانتخابات وهو لم يكن ضيف شرف ومراقباً ومتفرجاً بل كان يتدخل في طبيعة نقاشات القانون ويحاول التحرك على بعض الكتل والكيانات من اجل اقناعها ببعض الافكار او الاصغاء اليها. ولم نسمع او نشاهد ان احداً من اعضاء مجلس النواب قد اعترض او اعرب عن امتعاضه لحضور السفير الامريكي بينما لو كان السفير الايراني حاضراً ليس داخل البرلمان العراقي بل في خارجه لانقلبت الدنيا واعتبر ذلك احتلالاً صفوياً وتدخلاً سافراً في الشؤون العراقية.
وفي الانتخابات السابقة دعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعض المراقبين والسفراء الاجانب لمتابعة وحضور بعض مراكز الانتخابات في العراق وقيل ان القنصل الايراني في البصرة شوهد يتجول في شوارعها لمشاهدة الحشود المليونية المشاركة في عملية التصويت وقد ضجت فضائيات مسمومة وهي تتباكى على العراق وانتخاباته وتستنكر تجول القنصل الايراني في شوارع البصرة بينما لم تتباك او تعلن عن غضبها او عتبها لحضور السفير الامريكي في البرلمان وفي جلسات مناقشة اعقد قانون يتعلق بمستقبل الانتخابات بل هناك معلومات سربها مقربون من الدكتور طارق الهاشمي بان قرار النقض كان باشارات من السفير الامريكي.
ويبدو ان العقدة العراقية من العلاقة بايران مازالت تؤشر على ثقافة البعث في تصوراتنا ومرتكزات وعينا فقد تشاهد العراقيون يفخرون بلجوئهم الى اوربا وحصولهم على الجنسية البريطانية او الامريكية بينما نتخوف من الحصول على الجنسية الايرانية على فرض اعطائها رغم ان ايران لا تتسامح او تسمح بمنح العراقيين الجنسية الايرانية بحسب اوامر وزارة الداخلية الايرانية وقد يتردد الكثير من العراقيين بعدم الكشف عن لجوئه السابق في ايران رغم ان ايران هي الدولة الوحيدة التي فتحت حدودها للعراقيين في العهد السابق اثناء الحرب العراقية الايرانية وبعدها ولم تغلق حدودها امام الحشود المهاجرة اثناء انتفاضة شعبان / اذار 1991 بينما لم تسمح الدول الشقيقة باستقبال أي عراقي مهاجر او معارض.واللافت في هذا السياق ان الكثير من السياسيين العراقيين لا يتردد بالحديث مع الصحفيين باللغة الانكليزية بينما لا يتحدث بعض العراقيين مع الايرانيين الا بوجود مترجم رغم انه يتكلم الفارسية بشكل اقوى من العربية.
لا نريد التحسس من العلاقة بايران كما نفخر بعلاقتنا بالاردن والسعودية وتركيا فان ايران الدولة الوحيدة الداعمة للعملية السياسية والحكومة المنتخبة وهي الدولة الوحيدة التي سمحت لتنظيمات عراقية معارضة ومسلحة بالتواجد على اراضيها ليس في زمن الحرب المفروضة ضدها بل بعدها وفي ظروف تحسن علاقاتها من النظام البائد وتطبيق اتفاقية الجزائر التي لا تسمح بعض بنودها بايواء معارضة بلد ضد البلد الاخر. لن ندافع عن ايران ولكن ندافع عن الحقيقة وليس لنا ادنى علاقة بايران ولن نقدم مصالجها على مصالحنا كما هي لا تقدم على مصالحها اية مصلحة اخرى ومثلما هي تريد الاستقرار والازدهار لبلدها فعلينا ان نفكر باستقرار وازدهار ورفاهية شعبنا.
https://telegram.me/buratha