المقالات

إعادة كتابة التاريخ أهم ضمانة لبناء العراق الجديد (3)

780 14:35:00 2009-12-01

عامر هادي العيساوي

رغم أن جميع الساسة الذين ولدوا من رحم الضباط العرب ينتمون إلى مدرسة واحدة إلا أن صراعاتهم الداخلية كانت مريرة وقاسية ومليئة بالدسائس والمؤامرات والأحابيل والأنانية المفرطة0 لقد كان الجميع طلابا للسلطة وهم مستعدون للعبور على جثث زملائهم إلى مبتغاهم,لقد كان السؤال الوحيد الذي لا يفارق أذهانهم(كيف أصبح دكتاتورا في العراق) ومن نماذج هؤلاءياسين الهاشمي: التحق بالكلية العسكرية في اسطنبول عام 1899 وتخرج ضابطا عام 1905,تنقل في مختلف الوحدات العسكرية العثمانية قي سوريا وتركيا ودافع عن الدردنيل جنبا الى جنب مع كمال أتاتورك وحارب في النمسا مع القوات الألمانية المتحالفة مع الدولة العثمانية ضد الجيوش الروسية, تولى قيادة الفرقة الرابعة والعشرين المرابطة في سوريا,انتهز الأوضاع المتفجرة في العراق وحاء اليه من تركيا عام 1922 وعين متصرفا في لواء الناصرية ثم أصبح بعد ذلك رئيسا لوزراء العراقومنهم حكمت سليمان وهو شقيق احمد باشا الذي اجبر السلطان عبد الحميد الثاني على التنازل عن العرش بعد أن اقتحم اسطنبول على رأس جيش كبير قادما من سلانيك وذلك عام 1909,أكمل دراسته في اسطنبول وبقي في تركيا حتى عام 1921 حيث انتهز الأوضاع المتفجرة في العراق فالتحق بالمشتغلين بالقضية العربية حتى أصبح رئيسا للوزراء0 ومنهم أيضا بكر صدقي الذي وصل إلى رتبة فريق في الجيش العثماني وقد عرف بالتهتك والاستهتار والإباحية والقسوة والإجرام وسوف نكتفي بما يقول هو عن نفسه في مقال كتبه في جريدة البلاد بعنوان( احد المشتغلين بالقضية العربية)0(ومع هذا كله نرى بعض الوصوليين يذيعون عن الفريق بكر صدقي العسكري انه ليس عربيا ولا يعطف على العرب ,أما إذا وضعنا عروبته وعروبة كبار زعماء العرب في الميزان لرأينا في دم بكر صدقي من العروبة أكثر مما في دم الزعيم المغفور له إبراهيم بك هنأن وشكري بك القوتلي وعبد الرحمن الشاهبندر وغيرهم من زعماء العرب)0 ويلاحظ على منطق الرجل مدى السطحية والانفعال ولم يخبرنا عن الميزان الذي سيستخدمه لتشخيص دمه العربي من دماء غيره من غير العرب ولم يخبرنا أيضا من إي العرب هو ؟ومنهم أيضا علي جودت الذي أصبح في أب 1934 رئيسا للوزراء ,لقد كانت الضروف مؤاتية له لتنفيذ مشروعه لإعلان جمهوريته فقد كان قد توفي قبل اقل من عام مؤسس الدولة العراقية الحديثة المغفور له فيصل الأول وترك وراءه ابن العشرين عاما الفتى غازي ليصبح ملكا على العراق وفقا للدستور0لقد كان الملك غازي فتى غرا نجح المشتغلون بالقضية العربية بتحويله الى ألعوبة بايديهم0 وبمرور الزمن أصبح الملك غازي محاصرا ومعزولا ومخذولا لا حول له ولا قوة بين أعداء يظهرون له الولاء ويبطنون الحقد والكراهية وبين رجال مخلصين لخط والده راحوا يبتعدون عنه شيئا فشيئا, وقد عبر هو عن هذه الحقيقة حين قال (إنما انأ سجين محترم)0 لقد أصبح الملك غازي من اشد المتحمسين للاشتغال بالقضية العربية ولم يكن يعلم أنها لم تكن إلا غطاء من اجل إزاحته وإسقاط المملكة التي أسسها والده , لقد كانوا يسمونه في مجالسهم(الزعطوط)والمتهتك وعاشق الخمور0 باشر علي جودت فورا بتنفيذ مشروعه فحصر كافة السلطات بيده وعين أزلامه في كافة المواقع الحكومية الحساسة بغض النظر عن الكفاءة او الاخلاص0 لقد كان يعمل بحماس وهو ينتظر ذلك اليوم الذي يعلن فيه إلغاء الدستور وتحديد صلاحيات الملك لكي يصبح دكتاتورا في بلاد ما بين النهرين0 ولم يلتفت علي جودت لاحتجاجات الطامعين أمثاله أمثال ياسين الهاشمي وحكمت سليمان ورشيد عالي الكيلاني وبكر صدقي وغيرهم ,لقد شعر هؤلاء بان جودت سوف لن يتردد عن البطش بهم فقرروا اللجوء إلى العمل السري فانشؤوا حزبا سياسيا تحت اسم الإخاء وراحوا يجتمعون في بيوتهم بشكل دوري0 ولكن علي جودت أصر على تجاهلهم كما أصر على تجاهل مجلس النواب الذي كثرت هو الأخر اعتراضاته وانتقاداته فما كان منه إلا أن حل مجلس النواب ودعا إلى انتخابات جديدة0 وحين جرت الانتخابات عام 1935 استبعد من المجلس عدد كبير من رؤساء العشائر الكبيرة الموالية للنظام الملكي وانتخب مكانهم رؤساء العشائر الصغيرة ليكونوا نوابا بعد أن تعهدوا له بالولاء0شعر أقطاب الإخاء بان معارضتهم لم تعد تجدي نفعا فقرروا اللجوء إلى المكر والدسائس كعادتهم دائما حين تنقطع بهم السبل 0 وهكذا نجح أقطاب الإخاء في إقناع عدد من رؤساء العشائر العربية الكبيرة في الفرات الأوسط بضرورة التمرد لان علي جودت يخطط لإسقاط الملكية وإقامة جمهورية يكون هو فيها زعيما اوحدا0 تعاهد الطرفان على القتال صفا واحدا حتى سقوط الطاغية وبدا العصيان في الرميثة وامتد إلى مناطق الديوانية الأخرى وحين حاول علي جودت قمع المنتفضين لم يتعاون معه الجيش بإيعاز من أقطاب الإخاء وبكر صدقي بشكل خاص فاضطر علي جودت على تقديم استقالته0كلف بعد ذلك ياسين الهاشمي بتشكيل الوزارة وأعطى وزارة الداخلية إلى شريكه رشيد عالي الكيلاني فقرر هذا الثنائي نزع أسلحة العشائر التي هي أسقطت لهم وزارة علي جودت فتخيلوا درجة الخسة والانحطاط والقابلية على الغدر واللعب على مختلف الحبال من اجل تحقيق المطامع الشخصية0 وحين رفضت العشائر العربية نزع أسلحتها بعد أن وجدت نفسها قد خدعت أوعز الهاشمي إلى بكر صدقي الذي رفض الانقضاض على الثوار في زمن علي جودت للتوجه من اجل تأديبهم حفاظا على هيبة الدولة0 جهز بكر صدقي جيشا كبيرا مسندا بالمدفعية والطائرات وتقدم نحو الرميثة فاحتلها ثم انتقل إلى المدن الواحدة تلو الأخرى واحتلها جميعا واعمل السيف في رقاب أبنائها وعاث في الأرض فسادا وقتل المئات واحرق المزروعات وصادر الأراضي وأعطاها إلى صغار الشيوخ المستعدين لبيع ذممهم وملا السجون بالأبرياء وأرعب النساء والأطفال ولولا تدخل الفريق جعفر العسكري رحمه الله لأسرف صاحبنا بالتقتيل ولسالت الدماء انهارا ولوصل ضحاياه إلى الآلاف وبذلك أصبح بكر صدقي في نظر المشتغلين بالقضية العربية بطلا قوميا دوت شهرته في الافاق0 يقول موسى علي الطيار وقد كان يشغل آنذاك منصب أمر السرب الأول في القوة الجوية (اصدر ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني أمرهما إلى الفريق بكر صدقي بتولي قيادة الجيش فسير الجيش بتاريخ 9/5/1935 وتم تعبئته في المحلات الإستراتيجية وأعلنت الإحكام العرفية فاحتلت الرميثة وبعدها سار بالجيش بمساندة القوات الجوية حتى استطاع بعد معارك دامية إلقاء القبض على الذين شقوا عصا الطاعة وصودرت أملاكهم وزج بعضهم في السجون وأعيد الأمن إلى نصابه وبذا دخل الفريق بكر صدقي التاريخ وذاع صيته في الأفاق كقائد جسور0 ويقول إبراهيم الراوي(ثم قامت حركة تمرد أخرى فاقت كل مثيلاتها منذ تشكيل الحكومة العراقية وحتى يومنا هذا إي فاقت كل تمرد قام به العرب والأكراد واليزيديون والاثوريون والبرزانيون فقد اشترك فيه معظم عشائر الديوانية والدغارة والرميثة والعمارة والمنتفك وهم الذين دوخوا بريطانيا في ثوراتهم التي دامت طوال الخمسة أشهر ولكن بطل روايتنا بكر صدقي قضى على هذه الثورة الشاملة في أيام معدودات فذاع اسمه كشيوع اسم روميل في شمال إفريقيا في الحرب العالمية الثانية)وذلك نموذج من بطولات المشتغلين بالقضايا العربية من دعاة القومية الزائفين وهذا غيض من فيض وما زال الحبل على الجرار والآتي أعظم وادهى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك