حميد العتبي
سم الله الرحمن الرحيم
قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: «كلكم لآدم وآدم من تراب».
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
خلق الله الكون وفق منهج التنوع بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات والجماد والملائكة والأفلاك والمجرات واللغات والألوان والألسن والأديان.
وهذا الاختلاف والتنوع ـ سواء كان فطرياً كالأعراق والقوميات والشعوب والألوان (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) و (اختلاف ألسنتكم وألوانكم)، أو كان اختيارياً واكتسابياً كانتخاب الدين والفكر والثقافة والسلوك ـ ضروري لاعتبارات عدة.
أولاً: الاختبار الإلهي، باعتباره يخدم حكمة الله سبحانه وتعالى في ابتلاء البشر بالنعم التي أسداها، أمثال نعمة العقل والقوة والمال.
ثانياً: إدراك عظمة الخالق، فالإنسان عبر التنوع يدرك عظمة الخالق وجمالية الكون.
ثالثاً: إثراء التجارب، فعبر هذا التنوع يستطيع الإنسان الاستفادة من نقاط قوة الآخرين واجتناب نقاط ضعفهم في بناء الصرح الحضاري.
رابعاً: معرفة قيمة التعايش: فعبر التنوع يستطيع الإنسان أن يدرك معنى التعايش والتسالم وهو الفطرة والطبيعة البشرية المبنية على التفاعل لقضاء الحوائج وحل المشكلات، باعتبار أن منطق العقل والدين يدعوان إلى الانسجام والاحترام المتبادل، وإن حكمة الله تعلى اقتضت جعل الخيرات في الكون تحت تصرف الجميع (والأرض وضعها للأنام)، ومن العسير على الإنسان والتقوقع والإنزواء خاصة مع تلاشي الحدود وانتشار العولمة وجعل العالم قرية واحدة على حد تعبير عالم الاجتماع الكندي (مالك لوهان) الذي صاغ هذا الاصطلاح أثناء الحرب الأمريكية الفيتنامية، قال: ستخسر أمريكا الحرب، لأن هذه الحرب تحولت إلى حرب تلفزيونية، والتلفزيون بدوره قد حول العالم إلى قرية عالمية، وسكن هذه القرية لم يسمحوا للولايات المتحدة على مواصلة قصف فيتنام إلى ما لا نهاية.
https://telegram.me/buratha