سالم كمال الطائي
إنَّ حزب البعث الصدامي المندحر "هو وجماهيره العريضة"!! أمام زحف قوات التحالف بقيادة الأميركان؛ تلاشى بكل توابعه ومرتزقته في بضعة أيام وفَرَّ القائد الضرورة أيما فَر.. فَرَّ ولم يَكُر.. لأنه لا يعرف الشيمة والعزيمة بل الاختباء والهزيمة.
انسحب "الرفاق" مهرولين بعد أن تركوا سلاحهم مباحاً للنهب والسلب "ويا روح ما بعدج روح"! واختبئوا في جحور مظلمة؛ ولاذوا بأهلهم وعشائرهم.. وغيروا ملامحهم وزيفوا أوراقهم.. وهرب آخرون خارج الحدود إلى أرض "العمام" والجدود!! وعندما اطمئنوا بعد هدوء العاصفة "التي ليس لها من واصفة"!! واستقبالهم من قبل "الأشقاء هناك.. أعداء الأمس القريب" وأخذوهم بالأحضان هم وما سرقوه من أموال الدولة والشعب وأعطوهم الأمان.. وتناسوا أحقاد أيام زمان!؛ - بعد الصحوة من الصدمة-! أخذوا يجمعونهم في تشكيلات "جهادية"؛ "تحريرية"!!؛ بيافطات ولافتات مختلفة العناوين موحدة الأهداف! ثم بدئوا بأبناء الشعب العراقي قتلا وذبحاً وتدميراً؛ الشعب الذي لم تستمر فرحته بخلاصه من حكم الاستعمار الوطني! بزعامة "ابن الشوارع" وعصابته الشريرة وطائفيته الواضحة ونزعته القومية الزائفة المدمرة؛ ومما قوى في عضدهم هو مساندة "الأشقاء"! لهم وتدريبهم وتزويدهم "بالمقاتلين" المغفلين والجهلة من حثالة المجتمعات العربية! وقد أسس هؤلاء - بعد "جهاد" دامٍ شرير؛ قاعدة لانطلاق "فوج" جديد على الساحة السياسية العراقية؛ تكتل وتنظم خلف واجهات "وطنية"! وائتلافات مشبوهة عميلة وشخصيات الفوج الاحتياط لحزب البعث الصدامي؛ ثم شرعوا في التحضير للهجوم المنتظر تساندهم التفجيرات الأخيرة وعمليات القتل والاغتيالات والخطف والسلب والنهب والاعتداء على المواطنين عن طريق بعض عناصر الجيش والشرطة والأمن المختبئين بين فصائل القوات المسلحة بواسطة التعيينات العشوائية "والرشوائية" لتبدأ المرحلة التالية من التشكيك و التسقيط والتحفز؛ واستطاعوا أن يجعلوا الناس يترحمون على نظام المافيا الصدامية؛ فتسمع هذه الأيام تلك العبارات التي تتهجم على الوضع الراهن وتترحم على وضع صدام الظالم! وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة لتهيئة مرحلة الهجوم الحاسم بعد التفاهم مع الأميركان والحصول على الضوء الأخضر منهم ووعدهم بالعمل على تحقيق أهدافهم في المنطقة بمجرد سيطرتهم على الوضع وعودتهم إلى مراكزهم التي فقدوها بسبب الأميركان أنفسهم!!
هذا الوصف أو السيناريو يتعلق بالقوى المعادية للعملية السياسية الجارية ويتزعمه أعوان النظام الساقط!, أما القائمين بالعملية السياسية اليوم والذين هم في سدة الحكم سواء كانوا نتيجة الانتخابات أو برغبة قوات التحالف بزعامة الأميركان!! هم اليوم يتخبطون في مساراتهم ويختلفون فيما بينهم - ما عدا الأكراد - وقد وصل بهم الحال إلى الاتجاه -أيضا- نحو التخندق والتمترس والتحشد, ثم بدأت بينهم عملية التشكيك والتسقيط والتحفز والأيام القادمة تنذر بشر مستطير إذا لم يتلافوا هذا الوضع المحتقَن وعدم التوافق أو التفاهم على تطبيق أقل قدر ممكن من الديمقراطية التي ينادي بها الجميع ويخالفها مبادئها وأسسها الجميع!؟
أولئك وهؤلاء اليوم - مع الأخذ بالاعتبار نوايا وأهداف الطرفين- يطرحون أوراقهم على "مائدة" المحتل مع الأسف للواقع المرير الذي يضطر القوى الخيرة التي تعمل لمصلحة الوطن والشعب أن تشارك بهذا الطرح بين الحين والآخر للحفاظ على المكاسب النسبية التي حصل عليها المظلومون من الظالمين بعد إزاحتهم وهزيمتهم في أول معركة حقيقية تعرض لها النظام الصدامي الفاسد وسقوطه إلى الأبد!!
إن سياسة التشكيك والتسقيط والتخندق والتمترس التي سوقتها القوى المعادية للعملية السياسية قد نجحت إلى حد بعيد في نقل هذا المرض إلى القوى الخيرة العاملة في الساحة السياسية والتي وضع الشعب العراقي ثقته فيها لخلاصه وإنقاذه من مما يعانيه من المشاكل والعقبات, في حين نرى القوى المعادية تمارس العكس في تحركها فهي اليوم تتجمع وتتوحد وتتحفز للانقضاض على "أعدائها"!! ولم يبقى لها سوى موافقة "المندوب السامي" الأميركي بإعطائهم الضوء الأخضر للهجوم بعد أن تعهد هؤلاء القتلة بتنفيذ وإطاعة أوامر المحتل الذي طالما تشدقوا في معاداته ورفضه؛ وهم اليوم مستعدون أن يأتوا على دباباته!! كما جاء صنمهم المقبور"صدام" عليها في سابق الزمان!!؟
في هذه الأيام الحزينة والكئيبة _رغم حلول العيد السعيد!_, التي يمر بها بلدنا العراق وشعبه المعذَّب الذي ينتظر الفَرَج و يتطلَّعُ إلى المَخْرَج! من تلك الأزمات السياسية المتلاطمة التي يفتعلها الذين ينعتون بـ "السياسيين"!! وهم لا يفهمون من السياسة غير مفاهيم خلفها النظام الديكتاتوري الساقط! ولا ندري ماذا نحلِّل ونفكك!؛ فهذا يفبرك وذاك يشكك والناس يدفعون ثمن تخبطهم وصراعاتهم الطائفية والحزبية بعيدين كل البعد عن العدل والإنصاف والديمقراطية وتطغى على نشاطاتهم الأنانية والمصالح الشخصية والطائفية والحزبية؛ الوضع الذي أدى إلى حالة خطيرة من التمترس والتخندق والتحفز كل مجموعة ضد أخرى؛ ومما يؤلم أن كل هؤلاء كانت تضمهم جبهة واحدة في بداية المسيرة؛ إلا أنهم تفرقوا وتخاصموا بعد أن ثبت كل منهم أقدامه على أرض من رمل وطين؛ وفقا لمفاهيم ومواقف خاطئة ؛ فهم جميعهم اليوم في خطر وإن كارثة دامية تنتظر الجميع إذا لم يتداركوا الأمر وبأسرع وقت..قبل أن ننحدر إلى هاوية البلقنة أو اللبننة أو الصوملة والعياذ بالله. وهناك بعض القوى والأشخاص تتوهم أنها بمساعدة البعثيين الصداميين تستطيع تزعم قيادة البلد وتصفية المتصدين لهم؛ إلا أن هذا الوهم لا يتحقق لأن البعثيين الصداميين وطبعهم المعروف بالغدر والخيانة سوف ينقضون بالنهاية على هؤلاء ويمحقونهم بلا رحمة وستعم الكارثة.. وقد أعذر مَنْ أنذر.
https://telegram.me/buratha