د. كاظم الجنابي
غالبا ما تاتي القرارات الفاشلة والضارة بالمجتمع بديباجة جميلة تخفي خلفها عيوبا و مواقفا واجراءات ضارة وهدامة، وهذا ماحدث في الكثير من القرارات والقوانين والتشريعات التي تخص حياة مجتمعنا، وكان اخرها النقض الرئاسي لقانون انتخابات البرلمان لعام 2010. فالواجهة والديباجة تشير الى الدفاع عن الدستور وحق المواطنة بالمساواة، والنتيجة هي عكس ذلك وتم ادخال البلد في ازمة جديدة تضاف الى ازماته الاخرى.
من المعروف ان القوانين والتشريعات التي تحتوي على الكثير من الاستثناءات تشير الى معضلتين، الاولى هي عدم النضج الكامل لتلك القوانين والتشريعات لتمكنها من تغطية المجالات التي صدرت لاجلها، والمعضلة الثانية هي وجود تناقضات كبيرة في المجتمع المعني يصعب وضعه تحت مظلة قوانين موحدة واضحة، وكلتا المعضلتين يعاني منهما المجتمع العراقي.
تم تحديد عدد مقاعد البرلمان القادم بواقع 323 مقعد بناء على قاعدة مقعد لكل مائة الف مواطن و اعتمادا على بيانات وزارة التجارة والتي تمثل افضل مايمكن اعتماده في ظل غياب تعداد سكاني واحصائيات دقيقة، كما وتم توزيع مقاعد البرلمان على المحافظات ال 18 حسب عدد سكان كل منها واعتمادا عن نفس قاعدة بيانات وزارة التجارة والمتمثلة بالبطاقة التموينية. والمعروف ان معظم العراقيين المهاجرين والمهجرين خارج العراق حاليا هم من المشمولين بالبطاقة التموينية وخصوصا اولئك الذين غادروا العراق بعد عام 2005 ومن جميع المحافظات ، وبالتالي فان اعدادهم قد اعتمدت في حساب حصة المحافظات التي ينتمون اليها من مقاعد البرلمان، وهذه الحصص للمحافظات ثابتة بغض النظر عن اعداد الذين يشاركون في الانتخابات القادمة ومهما كان القاسم الانتخابي .
الباطل الاول جاء على لسان المحكمة الاتحادية التي تمثل اعلى سلطة مشرفة على تفسير مواد الدستور العراقي والتي اصدرت رايها وقرارها بعدم دستورية النقض المقدم من رئاسة الجمهورية. النقض الرئاسي "شرع" بغير حق باستقطاع نسبة 15% من حصص المحافظات جميعا (48 مقعدا)، توزع بواقع ثمانية مقاعد على الاقليات الدينية والباقي يمنح هبة الى بعض المحافظات، اي ان بعض المحافظات تحتفظ بحقها الاصلي من عدد المقاعد وتضاف اليها باقي نسبة 15% المستقطعة من المحافظات الاخرى، اي ان عراقيي المهجر سيتمتعون بحقين الاول هو تاثيرهم بعدد مقاعد محافظاتهم والثاني بالكوتا المقترحة من مجلس الرئاسة.
الحل الامثل لهذه الازدواجية والمعضلة هي بتصويت عراقيي المهجر كما هو حال عراقيي الداخل، الجميع يدلي بصوته تحت مظلة واحدة، والحل بعيد المدى هو التفكير في الغاء ازدواجية القرارات والتاثير السلبي للقوى والشخصيات السياسية التي تستغل فسحة السلطات والصلاحيات الممنوحة لها للتاثيرعلى مقدرات البلد.
العراق هو البلد الوحيد من بين دول العالم الذي تتعدد فيه مراكز القوى والقرارات الى درجة مقرفة، والبلد الوحيد الذي يتميز بوجود ثلاثة رؤساء دولة في ان واحد.
https://telegram.me/buratha