زهراء الحسيني
رحل عنا عزيز العراق ونحن احوج ما نكون الى حزمه وشجاعته وصرامته وحكمته فكان لن يهدأ له بال وهو يرى الاخرين يعبثون بمقدرات الوطن ومصائر المواطن. كان هادئاً في مواضع الازمات ويعمل بهدوء وشجاعة دون انفعال او ارتجال ولكنه كان حازماً وحاسماً وكلما مرت البلاد بازمات وتوترات شمّر عن ساعديه ليلوي انوف المعاندين بحكمته ويحسق رؤوس المتآمرين بشجاعته وكان متسامحاً وسمحاً لكنه كان شديداً من اجل كرامة العراق ووحدة العراقيين وشرف الوطن.قاد المسيرة في اعقد فصولها وابشع مفاصلها الطائفية فاستطاع فك الاحتقانات الطائفية ونزع فتيل الفتن والتوترات وكان حريصاً على حفظ حقوق جميع العراقيين بكل خصوصياتهم ومكوناتهم.يتعاطى مع حماس وانفعال الشارع العراقي بحكمة عالية ونظرة بعيدة المدى فلم يتفاعل مع الانفعال او يتواصل مع السجال بل يمارس دوره القيادي في عقلنة الانفعالات وتهدئة التوترات ولا ينتظر الفعل لينفعل بل يسبق الفعل ليصنعه.كان مسؤوليته الرسالية ومصير الجماهير ومسير العملية السياسية امانة في عنقه فكان للمظلوم عوناً وللمظلوماً خصماً فطالما وقف في دوامة الازمات وصخب الانفعالات رابط الجأش وماسكاً بيديه المباركتين مسارات الحدث بتوازن عال لا يرقى اليه الاخرون ونافضاً بيديه غبار الضياع والظلام عن وجه العراق.
في اصعب ظروف العراق حراجة وفي اخطر مرحلة من مراحل العراق المعاضر كان العراق كله ثكنة عسكرية فمخازن السلاخ العراقي الهائل تحولت الى بيوت المواطنين بكافة انواعها وهي تحتاج الى أي فتيل لحرق العراق من ادناه الى اقصاه فدنت لحظة وقوع العراق على حافة الهاوية اثناء اغتيال اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب(قدس) وفي اقدس لحظة مكانية وزمانية تراق دماء امام جمعة النجف شهيد المحراب مع العشرات من المصلين قرب مرقد امير المؤمنين ليطل العراق على ابواب ابشع فتنة طائفية وحرب اهلية سلاحها الغضب التعميمي والانفعال العام كافضل فرصة خطط لها اعداء العراق من عصابات القاعدة فكان عزيز العراق وهو صاحب العزاء بين خيارات عديدة لا تبعده عن الموقف الشرعي والوطني والاخلاقي ولعل تركه الامور تسير بسياقاتها الطبيعية ليعبر المحزونون والغاضبون بطريقتهم الخاصة وهو لم يتحمل نتائج ما يمكن ان يحصل من غضب الجماهير وانفعاله وهو ليس مسؤولاً عن ضبط كل مشاعر الشارغ الثائرة.وبين هذه الخيارات لم يكتف عزيز العراق بالانتظار لكي تؤول الاحداث الى اية نتائج متوقعة فهو يعلم ان مسؤول امام الله وشعبه وضميره على مصير العراقيين جميعاً فوقف وقفة الاسد ماسكاً جراحاته ليوجه مسارات الغضب باتجاه التهدئة والوحدة ونزع فتيل الازمات وتفجير غضب الجماهير باتجاهات بعيدة عن الثارات والانتقام والتعميم والخلط فنجح في حماية جميع العراقيين دون ان تكون دماء شهيد المحراب يوم الجمعة فرصة لسفك دماء الاخرين دون ذنب او وزر.هكذا كان حكيم العراق وهو يتعاطى مع الحدث العراقي وفي اصعب مسلسل طائفي خطط لها اعداء العراق لاحراق واغراق البلاد في حرب طائفية لا تبقى ولا تذر.
واليوم ونحن نعيش ازمة دستورية ونقض قانون الانتخابات وفي وضع خطير يداهمنا التوقيت الخطير لموعد الانتخابات توجهت الانظار والافكار للقائد الذي طالما وقف في مثل هذه الازمات ليعلن موقفه الوطني الغيور ويوقف المعاندين عند حدودهم والمتلاعبين بمصير البلاد والعباد. تذكرناك ابا عمار وانت راحل عنا الى محطة الرحيل الاخيرة وكانت قلوبنا تستعيد فينا ذكريات البطولة والشهامة والغيرة العلوية ولسان حالنا جميعاً " واحكيماه"
https://telegram.me/buratha