احمد عبد الرحمن
كانت تركيا المحطة الاخيرة في الجولة الاقليمية الثانية لرئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي سماحة السيد عمار الحكيم.ولايمكن القول ان محطة ما من محطات جولتي السيد الحكيم كانت اكثر اهمية من الاخرى، فبدءا من المنامة ومرورا بالدوحة وعمان وانتهاء بأنقرة، بدا واضحا ان كل خطوة، وكل محطة كملت وتممت الاخرى.ولاشك ان هاتين الجولتين احدثتا حراكا كبيرا في فضاء العلاقات بين العراق ومحيطيه العربي والاقليمي، وازالتا قدرا غير قليل من سوء الفهم، ورسمتا المسارات الصحية والصائبة لعلاقات تقوم على اساس المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة.ولعل سياسة العراق الخارجية تميزت بعد الاطاحة بنظام صدام بفضل حكمة كبار الزعامات والقيادات السياسية في البلاد بقدر كبير من الحكمة والعقلانية، بحيث انها افضت الى حلحلة الكثير من العقد وتذويب الكثير من الخلافات والاختلافات، وازالة جزء كبير من مخلفات وتبعات سياسات العهد البائد التي اتسمت بالعدوانية والتهور وارتكاب الحماقات ضد العراقيين وجيرانهم واشقائهم من قبل نظام البعث الصدامي المقبور.بيد انه رغم الانجازات والمكاسب المتحققة في هذا المجال، مازالت الحاجة ماسة وملحة لبذل مزيد من الجهود من جانب العراق ومن جانب جيرانه واشقائه واصدقائه، لردم الهوة، وتجسير العلاقات، وتوفير الظروف والمناخات الملائمة لترجمة مبدأ التعايش السلمي الى واقع عملي على الارض.فما خلفه النظام البائد مثل تركة ثقيلة، وما هو مطلوب من جهود حقيقية، ونوايا صادقة، ومساعي جادة، كبير وكثير جدا، ولاخيار للعراق والاطراف والقوى العربية والاقليمية سوى التوجه الحقيقي للبحث عن نقاط التوافق والالتقاء وتجنب وتفادي نقاط التقاطع والافتراق.
والسيد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراق ذهب الى اشقاء العراق واصدقائه حاملا هذه الرؤية، وساعيا الى طرح كل الامور بكل صراحة وشفافية ووضوح، انطلاقا من حقيقة "ان سياسة الانفتاح الايجابي التي ينتهجها العراق الجديد نجحت في تبديد ِالكثير من المخاوف ِالتي احدثها سقوط النظام الديكتاتوري".ولاشك ان التجارب المؤلمة السابقة اثبتت ان انتهاج الاساليب العدوانية، واللجوء الى القوة لاستحصال الحقوق ولمعالجة المشاكل والازمات، يعد اسوأ الخيارات واكثرها كارثية على الجميع، على العكس من انتهاج الاساليب الدبلوماسية الهادئة والعقلانية والحكيمة، التي من شأنها ان تقرب بين المتباعدين، وتبدد فرص اندلاع الحروب والنزاعات والصراعات العبثية، وتساهم في تجسير العلاقات بين الاخوة والاشقاء والاصدقاء بدلا من تجريفها.واذا اريد للعراق ان يكون قويا ومستقرا ومزدهرا، فلايمكنه ان يكون كذلك اذا لم يكن محيطه العربي والاقليمي قويا ومستقرا ومزدهرا، والعكس صحيح.
https://telegram.me/buratha