كريم العاقول
اكدنا مراراً ان مفهوم الطائفية اتخذ منحى خطيراً وفسر بمعاني ومدلولات خاطئة لاغراض طائفية ولابد من تحديد المعني الصحيح لهذه المفردة النتنة التي كنا ومازلنا نشدد على رفضها ومحاربتها في العراق الجديد.قبل كل شىء علينا ان نفهم المقصود من الطائفية بمفهومها الصحيح والدقيق لكي لا نحرف ونزيف الكلم عن مواضعه ونحجب المعني المطلوب والمراد الجدي لهذا المفهوم.الطائفية باختصار شديد هي ممارسة اقصائية والغائية مذهبية من خلال قمع وردع ومنع المذاهب والطوائف على حساب مذهب معين او طائفة محددة وهذا التهميش احياناً يكون فكرياً واحياناً تصفوياً رمزياً او جسدياً.ومن يمارس الطائفية ينبغي ان يمتلك ادواة القوة والقمع والاضطهاد او يمتلك اساليب التشويه والتسقيط والتحريف.ومحاولة بث الفرقة والتشرذم والفتنة بين مذاهب الوطن وطوائفه هي محاولات طائفية وحتى ابراز مذهب معين على حساب المذاهب الاخرى وتقييد حرياتها بالتعيبر والتفكير عن عقيدتها وشعائرها وطقوسها هو من ابرز انماط الطائفية.واما الاخطاء القاتلة التي وقعنا بها والمغالطات الخطيرة التي تكرست في وعينا عن مفهوم الطائفية فهي تبادر المفهوم الطائفي لمعاني بعيدة تماماً عن الطائفية وخلط واضح وتعميم غبي لمدلولات الطائفية في متبادراتها الذهنية.ونحاول الاشارة العابرة الى بعض هذه المغالطات التي تعبر عن تسطيح في الوعي وتفريط بالبساطة ومنها ان الانتماء الى طائفة معينة هو من الطائفية وهذا من اسوء المتبادرات الذهنية لمفهوم الطائفية وهو يعني بان كل البشر طائفيين بالضرورة والا فلم نتصور ان انساناً لم ينتم الى طائفة او يدافع عن طائفته.والانتماء للطائفة والدفاع عنها امام الشبهات والافتراءات لا يمت للطائفية بشىء الا اذا حاول الاساءة الى طوائف الاخرين وتزييف وتحرييف عقائد وافكار الاخرين من اجل اثبات احقية طائفته وبطريقة بعيدة عن البحث العلمي والبرهان والدليل الفكري.والمغالطة الاخرى التي وقع بها الكثيرون هي تصور ان مجرد وجود وتعدد الخصوصيات المذهبية يعني طائفية بينما الخصوصيات حالة ايجابية والتعددية حالة مقبولة ومعقولة ولا تمت الى الطائفية وان توزيع ابناء الوطن الواحد ضمن خصوصياتهم دون ان يؤدي ذلك الى تمييز او تفريق في الحقوق والاستحقاقات ليس من الطائفية بشىء.فليس المشكلة الطائفية هو التعددية المذهبية او تسمية الاشياء بمسمياتها فان هذا سني وذلك شيعي دون تمييز عملي او ترتيب اثر على هذه التسميات في الواقع فهذه ليست من الطائفية ابداً.ونستغرب ان يتحرج الاخرون من تحديد الخصوصية المذهبية وتوهمهم بان مجرد ذكر هذه الخصوصية سيكون مجالاً بوصمهم بالطائفية.ولذا من الاخطاء الكبيرة ان يتحرج العراقيون كثيراً عندما يريد ان يذكر هذه الخصوصيات المذهبية الواقعية فتراه يتلعثم احياناً ويقدم مقدمات اعتذارية للمتلقين ثم يقول عفواً ان السني او الشيعي وكأنما مجرد ذكر هذه الخصوصيات جريمة وخيانة وطائفية.وثمة صيحات تفوح منها رائحة البعث والطائفية رددها اخرون بحسن نية وبساطة وهي شعارات " لاسنة ولا شيعة هذا الوطن ما نبيعه" عجباً وكأن وجود خصوصية السنة والشيعة تعني بيعاً للوطن وهو كلام خطير ولكننا نقول "نعم سنة وشيعة وهذا الوطن ما نبيعه" ما هذا الترابط الخطير بين وجود السنة والشيعة وبيع الوطن فهل الوطن سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة الطائفية ولماذا عندما تبدأ الجماهير بمعرفة خصوصياتها والتحذير من الهجمة الطائفية الاقليمية ضدنا تتعالى اصوات مغرضة بمنعنا من التحذير والتأشير على المؤامرة الدولية والاقليمية ضدنا حتى اصبح مفهوم الطائفية يثار كلما وردت كلمة الشيعة بينما يتآمر علينا الاخرون ويحاولون استئصالنا ونحن خائفون مرعوبون بالمطالبة بحماية الشيعة من الخطر الاقليمي القادم.والاسوء من ذلك ان يتقول البعض بانه لم يفهم سابقاً معني الطائفية وليس هناك سني وشيعي في الحقبة الماضية ونسى او تناسى هؤلاء بان الواقع السابق كان يكرس الطائفية بابشع صورها وان هناك شعبة خاصة في الامن العامة تسمى بشعبة مكافحة الرجعية الدينية والنعرات الطائفية ثم من كان يجرؤ على القول بان النظام السابق كان يضطهد طائفة محددة او مذهب معين.فمن يزعم بان الوضع السابق لم يشهد هذه التوجهات الطائفية فهو في غباء مفرط وان مجرد ذكر مظلوميته او المطالبة بحقوقه يعني الاعدام او السجن المؤبد فهل يوجد اقبح واوقح مثل هذه الطائفية وممارساتها. ومن الثقافة الطائفية التي وقع بها بعض اخواننا من ابناء السنة هي حساسيتهم المفرطة من الحديث عن ظلم النظام السابق للشيعة واعدام ومطاردة علمائهم ومرجعياتهم الدينية.وربما تحسس البعض الى حد ان تحمس بالوقوف والتعاطف مع النظام السابق اثناء الحديث عن الظلم الذي لاقاه الشيعة في العراق وهنا نود التذكير والتحذير من الوقوع في هذا الفهم المشوش والفكر المربك ولابد ان يعي اخواننا السنة ان الطاغية صدام عندما ركز على محاربة الشيعة وهذه حقيقة لا غبار عليها فاننا لا نريد توريط احد او اتهام اخرين بهذه الحرب الظالمة على هذا المكون الذي يمثل الاغلبية من ابناء العراق.ولابد ان ينتبه الاخوة السنة والشيعة على ان استهداف مكون بعينه من قبل النظام السابق لا يعني بالضرورة اتهام المكون الاخر فان النظام السابق قد اضطهد الاحرار والشرفاء والثوار من السنة ايضاً ومن يزر سجن ابو غريب الاحكام الخاصة ويشاهد اقسام الميم الثاني او المدرسة يرى بوضوح العدد الكبير من اخواننا السنة الذين عشنا معهم في اصعب مراحل العراق حراجة وبشاعة.
واما اذا قلنا ان النظام السابق قد كثف قمعه واضطهاده على فئة معينة وهم الشيعة فهذا لا يعني ان يكون بقية السنة في قفص الاتهام وذلك لاسباب عديدة منها ان صدام المقبور لا يمثل موقف وفكر المذهب السني كما ان عدم استهداف السنة بنفس الطريقة التي تم بها استهداف الشيعة لا يضع السنة امام مساءلة واتهام كما ان لا احد منا يتمنى ان ينال السنة ما نال الشيعة من ظلم واضطهاد وتصفية ثم هل نحمل السنة اخطاء صدام المقبور وهم تحملوا جزءاً من هذه الاخطاء القاتلة.ليس من الصحيح ان يظل الاخوة السنة في موضع الاتهام بسبب اخطاء لم يرتكبوها وجرائم لم يفعلوها بمجرد ان النظام السابق ركز بقمعه على الشيعة.
https://telegram.me/buratha