المقالات

بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد: التربية والتعليم إعادة تأهيل أم ترميم؟

856 15:35:00 2009-10-06

قاسم العجرش

بسياساته الخرقاء وتعبويته المنمطة باتجاه شمولية الحزب الواحد التي افضت في الأخير الى فردانية شخص، أحال نظام البعث العملية التربوية والتعليمية الى ركام من الارتباك المؤسسي المقصود ونمط على أسس ومعايير تحولت الى فلسفة تربوية خاصة، واقتصاره قطاع التربية والتعليم على البعثيين فقط بما كان يعرف بالإغلاق التربوي للبعث، حول المدارس ومعاهد التعليم الى مؤسسات مكملة لمنظومة حزبه، وتحولت الصفوف الدراسية إبتداءا من الصف الأول المتوسط الى خلايا حزبية بعثية،مسؤولها مرشد الصف الذي هو أحد أعضاء منظمة المدرسة الحزبية، وأعضائها الطلاب، وكان التلاميذ الصغار في الأبتدائية، بل حتى في رياض الأطفال، يجبرون على الولاء لرئيس النظام الذي بات أسمه الرسمي القائد الضرورة قبل طاعة الله تعالى، وقُدم حب صدام وطاعته ونيل رضاه على ما يقتضي من مثل ذلك للوالدين، وصار أسم الطاغية (بابا) صدام، مع أنه لا يكنه من الأُبوة شيئا بدليل أنه أنتج ولدين، الأول أخرق (صبي) عراقي، والثاني نسخة دموية من الحجاج الثقفي، وخلفت سياسات النظام الصدامي لنا مناهج تعليمية لا تتوافق مع واقعنا ولا مع متطلبات العصر، ومنها أن أُجبر أبناء الوسط والجنوب وبغداد على أن يقرأوا في درس التاريخ ما يخالف معتقداتهم ومعتقدات ذويهم، وحفظنا قصائد لشعراء مغمورين لمجرد كونهم بعثيين، وأهملنا خيرة شعراء العربية المعروفين، وتعين على الطلاب أن يدرسوا درسا أسمه الثقافة القومية يتعلمون فيه فكر البعث السقيم...بعض هذه المخلفات من قاذورات التعليم الصدامي أُزيلت على عجل بعد زوال نظام البعث في نيسان 2003، وكانت الإزالة شكلية في أغلب الأحيان، لكن جوهر العملية التربوية، واسس النظام التربوي لم تتغير، وما زلنا نعالج المشكلات التي يواجهها التعليم بذات الطرائق التي كانت سائدة في زمن القهر الصدامي، فالمناهج الدراسية لم تتغير بعد والعملية التربوية مازالت تجر خطاها جرا، ومازال الإرتباك المؤسسي هو سيد المشهد، ومخرجات التعليم ليست وفقا لطموحات شعبنا، والتعليم في نهاية المطاف يعني تأهيل الطلاب لإشغال الوظائف الحكومية ليس إلا، ونتذكر أن بدايات التعليم الحديث في العراق كانت حسنة إن لم تكن صحيحة، بدليل أن قادة الرأي والفكر والمجتمع الذين تأهلوا تحت ظلال تلك البداية، كانوا أرفع منزلة وأعلى كعبا من الأجيال اللاحقة، وخريج الدراسة الأعدادية في زمن الخمسينات كان يتخرج وهو مزود بـ (المعارف) العديدة التي تؤهله لأن يكون عضوا نافعا وفاعلا في المجتمع، ولذلك أستحقت الوزارة التي تدير عملية التربية والتعليم إسم (وزارة المعارف)، إن السبب الحقيقي لضمور نتائج ومخرجات التعليم بشقيه التربوي لغاية الثانوية والتعليم العالي، هو أن أدوات التربية والتعليم صممت وفقا لمتطلبات النظام البعثي الذي يبغي من خلالها خلق وبناء أجيال مضمونة الولاء له، ولم يكن يهمه تزويد الطلاب بالمعارف والعلوم ، إلا بالمقدار الذي يحقق أهدافه، وهو مقدار محدود بمحدودية الأهداف، ويشبهه بعض المختصين بنظام تسيير الحصان الذي يجر عربة، فقد وضع على جانبي عينيه قطعت سميكة من الجلد (حنديري) حتى يضمن السائس أن تسير العربة الى أمام فقط، وكان الجسم التعليمي الصدامي هو (الحنديري) الذي ضمن بواسطته صدام ونظامه أن يضع التربية والتعليم في خدمة أهدافه، أن السبب في عدم حصول تغيير جوهري في قطاع التربية والتعليم ،هو في بقاء جٌل الجسم التعليمي الصدامي قابضا على ذلك القطاع ، وإذا كان نظام صدام الذي كان يمجده صباح مساء قد زال، إلا أن الجسم التعليمي مازال يعمل بمتبقيات تلك العقلية ووفقا لفلسفة التعليم السابقة بالرغم من رياح التغيير القوية، إن الحاجة ماسة لإعادة النظر بأهداف التربية والتعليم وفلسفته باتت ضرورة ملحة، ليست تقتضيها متطلبات العصر فقط، بل لأن بناء العراق بعدما أحيل ركاما يحتاج الى عناصر بشرية مؤهلة تعليميا ومهنيا لتحقيق الأهداف الجديدة، وما كان كافيا أو صالحا في السنين الفائتة لم يعد كذلك ، ونحن بحاجة مؤكدة للعودة الى (المعارف) كمؤسسة منتجة للرجال المؤهلين تأهيلا قياديا، وليس إلى مؤسسات تربوية تخرج طلابا شبه أميين، ومن تالمؤكد إننا بحاجة الى ثورة في هذا القطاع الحيوي نؤهل فيها الجسم التعليمي بعناصره البشرية والمادية على أسس فكرية جديدة غير التي مازالت سائدة، تأهيلا يمحي آثار حقبة الآثام والقهر والانحراف التربوي البعثية، وتعيد العملية التربوية التعليمية الى مسار أغراضها المنشودة، وكل وقت يمضي ونحن خارج هذا السياق هو وقت مهدور من مستقبلنا، ولا نبخس الجهود التي بذلت في مجال العمل التربوي منذ تغيير نيسان الكبير في 2003،

ولكن تلك الجهود إنصبت مع الأسف على الترميم وليس التغيير، وهنا العلة في تواضع النتائج الميدانية، إن مطالبا جدية بعملية تغيير جذرية وشاملة باتت ضرورة ملحة، عملية تغيير تتجاوز الماضي وتمحي آثاره، وتضع البديل المناسب والملائم لمتطلباتنا الجديدة موضع التطبيق، وهذا لا يتم بشراء مئات آلاف أجهزة الحاسوب فقط على سبيل المثال حتى يقال عنا أننا نواكب العصر، بل بتحويل المفاهيم التربوية الى مفاهيم عصرية إبتداءا من أنظمة الأمتحانات ومدة الدرس، وعدد الوحدات التعليمية لكل درس، وكيفية إدارة التعليم على المستويات الدنيا، وتخفيف الجسم الساند المترهل الذي لا يباشر عملية التعليم، فقد وصل هذا الجسم حدا مخيفا بالأعداد، فقبالة كل معلم أو مدرس يعمل فعلا في العملية التعليمية، هناك موظف يعمل في الأجهزة الساندة في المديريات والدوائر التربوية، ومعلوم أنه كلما كان عدد الموظفين المساندين للعمل الأساسي كبيرا، كانت النتائج اكثر تواضعا بسبب تحول الأجهزة الساندة الى أغطية ثقيلة تمنع اداء الوظائف!إن المهمة شاقة وطويلة وتحتاج الى صبر وثبات وهو ما نأمل أن نضع أقدامنا على عتبته قبل فوات الأوان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
اميري علي
2009-10-07
الى من يهمه الامر في مدينة الصدر يطلبون من الطلاب تحضير الدروس وهم لم يوزعو عليهم كتب المنهاج الدراسي اين زوير التربية لو ملتهي بالانتخابات والله لقد اخزيتمونا وكانكم تتقصدون ؟ الناس ملت من كثرة ترميم المدارس وتبذير الاموال اعطوها حقها والله هذا الشعب مايستاهل هكذا يعامل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك