المقالات

المشروع الوطني والمشروع الأمريكي والمصالحة في العراق

829 14:26:00 2009-10-01

عبد الله الجيزاني

المتابع المنصف لمجريات أحداث العملية السياسية في العراق يلحظ بسهولة وجود صراع بين مشروعين هما المشروع الوطني والذي اتفقت عليه معظم قوى المعارضة من خلال مؤتمر لندن ومؤتمر صلاح الدين وفي جميع اللقاءات بيت أقطاب هذه المعارضة،حيث تضمن هذا المشروع على تشكيل حكومة تدير أمور البلد بعد سقوط النظام مباشرة ومن ثم إجراء انتخابات لتشكيل مجلس تشريعي يتولى كتابة دستور دائم للبلد،وأكد هذا المشروع على ضرورة مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي في إدارة أمور البلد وتقرير مصيره،وأيضا عالج هذا المشروع جميع مخلفات النظام السابق وفق اطر قانونية بعيدة عن التسييس ليحصل كل ذي حق على حقه،ويمكن أن نؤشر بسهولة أقطاب هذا المشروع الأساسيين ومن التحق معهم من الأحزاب والتيارات التي شكلت بعد سقوط النظام،أما المشروع الأمريكي والذي كان يظهر للمعارضة العراقية تأييده لمشروعها ألا انه كان يبطن مشروعه الخاص به والذي يتضمن إزالة بعض رموز النظام السابق بما لايتجاوز أل(55)وهم عدد الأشخاص المطلوبين ومن الممكن استثناء بعضهم وهذا ما اتفقت عليه الإدارة الأمريكية مع أذنابها في المنطقة،هناك قوى تعاملت مع الواقع أي أن مشروع سينتصر تكون جزء منه وتدافع عليه أكثر من أصحابه، واختارت الصوت الخافت من المشروعين وهي مع المنتصر رغم أن بعضها كان ضمن اتفاق المعارضة آنذاك وأسمت نفسها قوى واقعية وأصبحت الآن في أقصى مراحل الفراق مع المشروع الوطني من خلال الشعارات التي يطلقها قادتها وهم يعلموا أنها مجرد شعارات كالمصالحة،وإعادة ألاف البعثيين إلى السلطة وتعطيل قانون اجتثاث البعث أو المسائلة والعدالة تحت هذا الشعار الذي تريد أمريكا النفاذ من خلاله لتحقيق مشروعها الذي وئد أو في طريقه أن يوأد، وهناك أحزاب شكلت بعد سقوط النظام فلا يمكن إدراجها مع أي مشروع فهي تتصرف مع المشروع ونقيضه وهناك شخصيات سياسية أخرى انتهجت الأسلوب نفسه ،وفي الحقيقة أن كل ما جرى ويجري في العراق هو صراع بين المشروعين حيث يضغط احدهما على الأخر كي يحصل على تنازل لمشروعه،وقد اتبع أصحاب المشروع الأمريكي نهج العنف والتسقيط أي كل شي من اجل الهدف أما الطرف الأخر فقد انتهج أسلوب توعية الشعب والتعويل على هذا الوعي كثيرا،مع الإخلاص التام للمشروع والتضحية من اجله بالكثير من الاستحقاقات، وعلى خلاف ذلك تمسكت أطراف المشروع الأمريكي بمسئوليها الفاشلين لأبل والفاسدين وحتى الإرهابيين،من كل هذا نعتقد أن على الشارع العراقي أن يميز ملامح كلا المشروعين ويساند مشروعه الوطني ويتمسك به ويدعوا إليه،ولا يغفل عن ذلك لان النتائج ستكون وخيمة ووخيمة جدا،والتاريخ خير معين لإدراك هذه النتائج وتشخيص خطورتها،لذا الحذر كل الحذر من الشعارات التي لاتغني ولاتسمن كالوطنية على الطريقة الصدامية والمصالحة التي لاغاية لها إلا الانقضاض على منجزات المشروع الوطني وإعادة البعث من الشباك ولو بشكل جديد،وهذا الاستنتاج لا يحتاج إلى جهد وتفكير كبير وذلك من خلال التدقيق بمصطلح المصالحة ومعانيه،فهي تعني أن هناك خلاف بين طرفين مما يستدعي أن يتم الإصلاح فيما بينهم،فمن الطرفان اللذان يراد لهما أن يتصالحا في العراق وما خلافهما؟الحال في العراق أن هناك ضحايا بكل ماتعني الكلمة من معنى وهناك جلادين أيضا بكل ما تعني الكلمة من معنى،وهؤلاء الضحايا صفحوا عن جلاديهم ورضوا بالقانون حكما بينهم،وعندما تخلى حتى القانون عن النظر في مظلوميتهم،فوضوا أمرهم إلى الله،ولم يطلبوا من الجلاد إلا أن يتركهم ليعيشوا بسلام وأبى أن يمنحهم ذلك ،وتنازل البعض ممن يملئوا الدنيا ضجيجا بشعارات الدفاع عن المظلومين وحقوقهم إلى هؤلاء الجلادين،وأصبحت رواتبهم ترسل إليهم في سوريا واليمن ومصر وبعضهم حصل على راتب بدرجة وزير كيونس الأحمد وجليل حبوش وغيرهم ولازال أبناء الضحايا والسجناء يفترشوا الطرقات علهم يحصلوا على مايسد رمقهم،أذا ماذا بقى سوى أن يعود هؤلاء إلى سدة الحكم من جديد ليحاكموا الضحايا لا لشي إلا لأنهم ضحايا كما فعلوا بالأمس وهكذا تحقق أمريكا مشروعها،عندها ماذا سيقول من يتبنى هذا المشروع كشعار وهو يعلم حقيقته،لكن سوف لن يلحق أن يقول! فهل للشعب العراقي أن يتحمل مسؤوليته ويفكر جيدا قبل فوات الأوان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك