د. كاظم الجنابي
المتتبع والمراقب للحالة العراقية لابد ان يلاحظ التطور الايجابي في الحياة السياسية العراقية الجديدة والتي لم يتجاوز عمرها ست سنوات، وقد ولدت هذه التغيرات والتطورات في ظل حرية العمل السياسي المدعوم من قبل اعلام حر و قضاء مستقل وغيرها. فتجربة انتخابات عام 2005 ووفقا لتطور العمل السياسي في العراق كانت الحل المتاح في حينه، اصطفافات طائفية وعرقية وقومية وغياب التوجهات الليبرالية والعلمانية الا القليل منها حاول السباحة عكس التيار في حينه ولكنه لم يفلح.
اربع سنوات نضجت فيها افكار الكثير من الاحزاب والتجمعات والتكتلات، بدا الجانب الوطني يطغى ويتجاوز الحدود الضيقة، زعامات اكسبتها التجربة الحديثة حنكة ودراية وتحولت الى قيادات دولة من طراز رفيع، وصعود الكفاءات والتي يؤمل منها وعليها الكثير، والاهم من كل ذلك قناعة الكثير بان العمل السياسي والفكري وليس العنف والسلاح هو الغالب في نهاية المطاف والذي يعود بالمنفعة على الجزء والكل، كما ان الغالبية من العاملين والمهتمين بالعمل السياسي قد اقتنعوا بان الانتخابات وصناديق الاقتراع هي الحل الامثل لمعضلات البلد المستعصية فمنها يبرز المتصدون لتحمل مسؤولية قيادة البلد. كل ذلك النضوج والتطور يعود اساسا الى ان العمل السياسي قد اصبح الان تحت الشمس وفي ضوء النهار الامر الذي يضمن استمرارية تطوره ونضجه.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الجديدة والمتوقعة في منتصف كانون الثاني 2010 بدات نتائج وثمار نضوج التجربة السياسية العراقية تظهر الى السطح من خلال تعدد الافكار والتوجهات والطروحات والبرامج يصاحبها حراك سياسي لم تشهد له الساحة العراقية مثيلا مما يبشر بالصعود الايجابي لمنحنى العمل السياسي العراقي.
ورغم كل ماقيل من ايجابيات وسلبيات العمل السياسي في الساحة العراقية لابد من تاشير بعض المحاور التي يمكن ان تساعد في تعزيز وزيادة الحيوية في جسد العمل السياسي:
1. كنا نامل في ان تشهد الاحزاب والتكتلات والائتلافات المختلفة انتخابات داخلية تهدف الى اختيار الاكفأ والاصلح والانزه بعيدا عن هيمنة الزعامات التاريخية والامزجة والمحسوبية وغيرها، كما ان هذه الانتخابات هي بمثابة مران للانتخابات الاكبر وهي بمثابة تزكية وتكليف ومسؤولية وليس امتياز ومنفعة.2. ان تعدد الائتلافات يؤدي الى تعدد الخيارات امام الناخب ويعطيه حرية اكبر في الاختيار.3. الائتلافات الشاملة مع ظروف العراق غير الطبيعية قد يؤدي الى مفهوم اقرب مايكون الى البيعة والتزكية في اعطاء الاصوات.4. تعدد الائتلافات يؤدي الى بروز طروحات وبرامج عمل مختلفة مما يعمل على تسريع النضج السياسي وتقويمه.5. تعدد الائتلافات تبرز الوزن الحقيقي للاطراف المختلفة.6. تعدد الائتلافات لايؤدي كما يشاع الى ضياع الاصوات، بل الخوف هو من عزوف المواطن عن الادلاء بصوته في حالة الائتلافات الشاملة.7. ان تعدد الائتلافات يتلائم مع نظامي الانتخابات سواء في القوائم المفتوحة او المغلقة، حيث ان تعدد الائتلافات يؤدي الى وجود كيانات كثيرة وباحجام صغيرة الامر الذي يسهل على الناخب حسن الاختيار في كلا نوعي القوائم، في حين ان الائتلاف الشامل يتوجب العمل فيه في ظل القائمة المفتوحة لضمان سلامة الاختيار.8. تعدد الائتلافات هي خطوة طيبة وموفقة نحو عبور وتجاوز التخندقات الضيقة في ظل الوضع العراقي الراهن.9. برنامج الائتلاف الشامل هو حالة وسطية وترضبة لبرامج العمل السياسي للاطراف المؤتلفة بينما التعددية تؤدي الى اثراء العملية السياسية بطروحات وبرامج مختلفة.10. تعدد الائتلافات يضمن حقوق الاقليات في التعبير عن آرائها مع وجود قانون انتخابي يضمن حقوقها.11. تعدد الائتلافات اثناء العملية الانتخابية ثم امكانية الاتحاد لاحقا هو افضل من ائتلاف شامل قابل للتفكك لاحقا كما هو الحال في الانتخابات السابقة في كل من الائتلاف العراقي وجبهة التوافق وغيرها بسبب التباين العميق في الرؤى والتوجهات التي جمعت الاطراف المؤتلفة.12. الائتلافات الشاملة تعني زعامة طاغية على قمة الهرم مع تقزيم مادونها بينما تعدد الائتلافات تؤدي الى ظهور زعامات مختلفة على ائتلافات كثيرة، حيث لايمكن قيام قيادة جماعية لائتلاف واسع وشامل في ظل الظروف الحالية لصعوبة تحقيق ذلك عمليا على ارض الواقع.13. الساحة العراقية تشتمل على مزيج واسع من الاطياف والافكار والتوجهات بعضها قائم عى اساس قومي واخرى ديني وعقائدي وايديولوجي وغيرها تعمل على اغناء واثراء العمل السياسي في حالة تعدد الائتلافات وضمان التمثيل الافضل للمكونات المعنية.14. الائتلاف الشامل غير واضح المعالم والبرامج يؤدي الى بروز صراعات مابعد الانتخابات بسبب ضبابية الاحجام الحقيقة لمكوناته. 15. واخيرا يبقى الامل في قوائم وائتلافات متعددة، نظام انتخابي بقوائم مفتوحة ودوائر انتخابية متعددة رغم صعوبة تحقيق ذلك من الناحية الاجرائية والتنفيذية، لانها الضمان في صعود الكفوء والنزيه اضافة الى معرفة الوزن الحقيقي لها.
https://telegram.me/buratha