المقالات

حكومة وحدة وطنية... ام حكومة وطنية

984 11:26:00 2009-09-26

باسم العلي

الانتخابات على الابواب وجميع الكتل السياسية تدخل في تحالفات جديدة من اجل ان تقدم نفسها للناخب العراقي على انها كتل وطنية غير طائفية او عرقية. كل هذا بسبب فشل التحالفات السابقة والمحاصصة القومية والطائفية في تحقيق طموحات الشعب العراقي من اجل حياة انية افضل ومستقبل اشرق.

لقد كان للمحاصصة دورا سلبيا وايجابيا في المرحلة السابقة وربما سلبياته كانت اكبر من ايجابياته ولقد ناقشنا هذا في مقالات سابقة. ففشل الكثير من الوزارت وعلى راسها وزارة الكهرباء ووزراة الموارد المائية في تحقيق التطور المطلوب في الخدمات, كل ذلك كان بسبب تلك المحاصصة التي اصبحت في كثير من الاحيان سيفا مسلطا على الشعب والحكومة وبالتالي اددت الى تعطيل الكثير من القوانين المهمة التي تخدم الوطن, فلقد كانت المساومات صريحة وواضحة الى درجة دفعت بعض الكتل ان تقول اعطني هذا... اعطك ذلك, اما المصلحة الوطنية فلقد كانت وكانها مركونة على الرف, غائبة ومنسية.

ان الدول الاقليمية سعت, ومنذ البداية, وتسعى وسوف تسعى من اجل تحطيم وانهاء التجربة الديمقراطية الفريدة من نوعها في المنطقة العربية. ان المؤامرة على العراق وشعب العراق كبيرة جدا مما يحمل المواطن العراقي مسؤلية كبرى في هذه الدورة الانتخابية بصورة خاصة اذ انها وبحكم الدستور والاتفاق الوطني ( وكما هو معمول في الدول المتطورة والمتقدمة اقتصادية وسياسا) تجعل الكتلة الاكبر في البرلمان مالكة الحق في تشكيل الوزارة وممارسة الحكم في البلد. تلك المسؤلية تعني الانتقال من حكومة الوحدة الوطنية الى حكومة كتلة سياسية واحدة قبلها وفوضها غالبية الشعب العراقي لكي تدير امره الى فترة زمنية معينة.

من اجل الحصول على اكبر عدد ممكن من الاصوات ومن اجل ان تبرز كل قائمة متنافسة نفسها على انها وطنية, دخلت اكثرية الاحزاب في تحالفات, ولاول وهلة, تعطي انطباع العراقية فكل الكتل تحاول ان تظم فيها اطياف عراقية مختلفة, ولكن اذا تعمقنا النظر في تلك التحالفات نجد ان هنالك احتمالية كبيرة في ان تعود المحاصصة (وفي هذه المرة سياسية) مرة اخرى الى الحكومة المنتخبة فبذلك (لاسامح الله) صراعات في داخل الكتلة الجديدة الواحدة.... وتكون بذلك "عادة حليمة الى عادتها القديمة".

في العالم المتقدم توجد تحالفات لاحزاب ذات اجندة متقاربة في تشكيل كتلة انتخابية واحدة وبالرغم من ذلك تبقى حتى بعد تشكيل الحكومة كجبهة واحدة متراصة. فعلى سبيل المثال هنا في استراليا حزب الاحرار والحزب الوطني متوحدين في كتلة واحدة, و كل حزب يقدم نفسه للناخب على انفراد لكي يعرف كل منهم مقدار شعبيته, ولكن في نهاية المطاف فالمناصب موزعة حسب اتفاق مسبق ولا نزاع عليها . الجميع يعمل وكانهم صوت واحد يصوتون على القوانين في البرلمان بنفس الصورة. لي حوالي الثلاثين سنة في استراليا لم اسمع ان هنالك خلاف بين الحزبين على اي تصويت الا ما ندر وتلك الندرة اتية من ان افراد من هذا الحزب او ذالك وبسبب ضغوط ناخبيهم عليهم يصوتوا في اتجاه معاكس لاتجاه الحكومة.

اما الوزراء فهم ورغم تمايزهم الحزبي يعملون من اجل هدف واحد الا وهو تمرير ما اتفقوا عليه في مجلس الوزراء والجميع بالتالي يعمل من اجل استراليا كل بطريقته الخاصة ورويته للمصلحة الوطنية ولكن من خلاال مجلس الوزراء والبرلمان.

ان ما هو مطلوب اليوم من الناخب العراقي ومن الكتل السياسية هو حزم الامر. بالنسبة للناخب المشاركة الفعالة من اجل ان ينتخب كتلة كبيرة قادرة على ان تخدم العراق ويجعلها قادرة لوحدها (وبدون الحاجة الى تحالفات ثانوية) من تشكيل حكومة وطنية ذو اتجاه سياسي وطني واحد وواضح واضعة المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار. وعلى كل كتلة سياسية جديدة ان توحد صفوها وترصها بحيث لاتسمح لاي خلل مستقبلي.

ان من غير المصلحة الوطنية ان تدخل احزاب سياسية في تحالفات لتخرج منها بعد فيترة من الزمن وخاصة بعد تشكيل الحكومة بسبب ان امرا ما لم يكن على مزاج هذا الحزب اوذاك. يجب القبول بالمبداء الديمقراطي الذي يحتم تمرير صوت الاغلبية وليس المبداء التوافقي والذي يحتم اتفاق الجميع, لان ذلك معطل للعمل وغير مجدي ولان حصوله صعب... والا لاتخذته الدول الديمقرطية المتقدمة منهاجا.

ان مبداء الاكثرية لن يكون بناء على امورا عفوية فللجميع الحق في ابداء الراي وتقديم الحجج والبراهين على القضية المطلوب اتخذ القرار فيها ومن تكن براهينه اقوى ربما يكون هو الفائز. وبالتالي فان النتائج المتمخضة عن تلك القررات سوف تسرع وتزيد من حجم الانجازات التي يمكن للحكومة انجازها وبالتالي تكون عاملا اساسيا في رجوع تلك الكتلة الى الحكم مرة اخرى وفي الدورة الانتخابية القادمة .

انا هنا اختتم مقالتي هذه وكما بداتها نريد حكومة وطنية تخدم المصلحة الوطنية العليا والتي تعمل من اجل عراق موحد مستقل ديمقراطي يعيش المواطن فيه عزيزا, محترما, متطورا, ومخدموما. واننا لانريد حكومة وحدة وطنية تعمل فقط من اجل مصالح شخصية, فئوية,طائفية او عرقية ويكون الوطن والشعب رهينة لمحاصصة لاتخدمه بل تعيق معظم الحلول لمشاكله... وما اكثرها.

ولتحقيق ذلك...هنالك مسؤلية كبرى على الناخب العراقي فمشاركته الفعالة في الانتخابات لانتخاب كتلة سياسية واحدة قادرة على تشكيل حكومة وطنية, مما يؤدي الى وضع حدا للمساومات التي تضطر الكتل الصغيرة ان تنجر اليها من اجل تشكيل كتلة اكبر تكلف بتشكيل الحكومة. وهنالك مسؤلية على الكتل السياسية لتمتين تحالفاتها على اسس ترضي وتجبر جميع المتحالفين على الانصياع والالتزام بمبداء الاكثرية في اتخاذ القررات, وتمنع الانسحابات في حالة الخلافات في اتخاذ القررات, واضعين نصب اعينهم ان هذا الامر هو مطلب وطني وشعبي وشرعي لايمكن الحياد عنه ما داموا في تلك الدورة الانتخابية من عمر الحكومة الوطنية المشكلة من كتلتهم.

باسم العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك