ابو هاني الشمري
لان فرق الوقت بين العراق وايرلندا يبلغ ثلاث ساعات فأن هذا الوقت يجعلنا كل اسبوع نتابع خطبة الجمعة من على شاشة قناة الفرات قبل ان نتوجه الى المسجد لاداء صلاة الجمعة في العاصمة دبلن.. ولكن هذه الجمعة اختلفت عن غيرها فقد كانت عيوننا مسمرة الى الشاشة ونحن نشاهد كبار المسؤولين ينتظرون كما نحن ننتظر رغم البعد المكاني بيننا ولكن كانت قلوبنا تتابع كل شاردة وواردة وارواحنا وجوارحنا كانت معهم هناك ..وما ان هبطت الطائرة التي اقلت جثمان السيد عبد العزيز الحكيم وصعد اليها مجموعة من الرجال من بينهم سماحة السيد جلال الدين الصغير ثم بعد لحظات نزلوا ونزل معهم سماحة السيد عمار الحكيم حتى انهمرت دموعنا دون ارادتنا حينما رأينا مراسم الحزن وقد اختطت على وجهه وكأن لسان حاله يقول كنا نريده ان يعود سالما معافا وكان الشعب يريده ان يعود سالما معافى ولكن الله يفعل مايريد ... وانتهت مراسم التأبين في مطار بغداد وانتقلت قلوبنا معهم الى مسجد براثا.كان السيد عمار الحكيم يؤم الصلاة في مسجد براثا ويلقي خطبة الجمعه.
لم يترك رحمه الله صلاة الليل ولا الدعاء رغم مرضه حتى انه في ايامه الاخيرة كان يطلب ممن يرافقونه ان يقرأوا له الدعاء بعد ان عجز جسديا عن اداء الصلاة والدعاء بسبب الادوية .. هكذا كان السيد يتكلم عن سيرة والده في آخر ايامه.. قرأتُ له زيارة امين الله وما ان انتهيت من قرائتها حتى فاضت روحة الطاهرة الى بارئها آمنة مطمئنة ...قال لي انه رأى رؤيا قبل وفاته وكأن شخص جاءه وقال له لقد غفر الله لك ..فاستبشر بهذه الرؤيا خيرا ...قبل وفاته قال انا ارى سماحة آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم وبقية المراجع فعلمت انه ملاقٍ ربه عن قريب.. لقد اتهموه بأنواع التهم .. قالوا انه لديه الاموال واتهموه بشتى الاقاويل الكاذبة ولكنه لم يكن يملك الا كما يملك اي شخص عراقي متوسط الحال وسوف نقوم بكشف ممتلكاته على الملأ لكي يعرفوا حقيقته.كان رحمه الله لايصرف فلسا واحد من الراتب الذي يتقاضاه من الحكومة وانما كان يوزعه على المحتاجين والايتام والفقراء وهذا هو دأبه...
لم يكن يبغي من وراء عمله منصبا ولا جاهاً بل دخل في هكذا منصب لان المرجعيه طلبت منه ذلك..حينما ذهب الى الولايات المتحدة الامريكية كان همه الاول هو الشعب العراقي رغم كل ما كان يتوقعه من التقولات التي يطلقها الاعداء وكان اول كلماته التي نطقها في البيت الابيض هي( بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..) ولا اعتقد ان احد سبقه بهذا الكلام في ذلك المكان..هذه لقطات من كلام السيد عمار الحكيم في تأبين والده نقلتها بتصرف , وكنا نسمع تلك الكلمات والدموع تجري رغما عنا .. لقد فقدنا علما من اعلام العراق الذين ضحوا بكل مايملكون من اجل عزتنا ورفعتنا فما قيمة دموعنا مقابل تلك التضحيات الجسام لتلك الشخصية الفريدة ولعائلة الحكيم التي اعطت عشرات الشهداء رجالا ونساءا وشيوخا واطفالا وارست بعد كل تلك التضحيات معالم العراق الجديد الذي يشيد بناءه مرة اخرى بعد تخريبه من قبل عصابات البعث الاجرامية.انا لله وانا اليه راجعون ..فلقد ثلم في جدار العراق ثلمة بفقدك يا أبا عمار عسى ان يعوضها نجلك الذي نتوسم فيه كل الخير والبركة.
https://telegram.me/buratha