قاسم حول
ظهرت على شاشة أحدى الفضائيات العراقية قبل أكثر من عام ندوة عن الأموال التي تصرف على الإعلانات العراقية والتي تنتج عراقيا وتنفذ عربيا وتبث في فضائيات المنطقة. وكان موضوعها ميزانية ما صرف على الإعلانات العراقية وهو مائتي مليون دولارا في سنة واحدة. وكانت وكيلة إحدى الوزارات مشاركة في النقاش. وعندما وجه لها السؤال عن هذا المبلغ الذي يدرج في مجال "هدر المال العام" عقبت المسئولة العراقية قائلة "رجال اللي يعبي بالسكلة رقي" وهو مثل عراقي يعني "الشطارة" بمعنى أن هناك سرقات وشاطر من يحصل على نصيبه منها.!!
بقي الموضوع الذي أثارته الندوة التلفزيونية تلك يشغلني كثيراَ لأن الرقم الذي تناولته تلك الحلقة كان مخيفا، سيما وإن مدير القناة العراقية في أول تأسيسها قدم إستقالته لوجود صفقة شراء أفلام كرتون قدرت بستة وتسعين مليون دولاراَ أعلنها في مؤتمر صحفي وهذا المبلغ الذي يمثل صفقة كبيرة لتزويد القناة بأفلام كرتون يبلغ سعر الساعة منها في سوق الأشرطة الجاهزة ثلثمائة دولار فقط. ولو أردنا على سبيل الإفتراض أننا نحتاج إلى ثلثمائة وستين ساعة على مدار السنة فإننا نحتاج إلى مليون دولار لشراء هذه الأشرطة التي بلغت قيمة العقد فيها ستة وتسعين مليون دورلارا لم تلتزم الشركة في نفس الوقت على تزويد القناة بما إلتزمت بها مع جسامة المبلغ بل توقفت عن إرسال الأشرطة بعد ستة شهور من توقيع العقد الذي يلزمها بسنة واحدة وطلبت من القناة تجديد العقد بستة وتسعين مليون أخرى ما حدا بمدير القناة حفاظا على شرف المهنة من تقديم إستقالته وهو غير مسئول عن توقيع ذلك العقد بالأساس. فتم تجديد العقد بمكالمة من مسئول كبير في الدولة ليصبح مبلغ شراء الأشرطة التي لا تستحق مليون دولار، مائة وإثنين وتسعين مليونا من الدولارات!!!!؟؟؟؟
الحادثتان. حادثة المبلغ المخصص للإعلان ومبلغ شراء أفلام الكرتون بقيتا شغلي الشاغل وبشكل خاص محاولة معرفة الجهة التي تنتج الإعلان العراقي والمذيلة إعلاناتها بتوقيع "عراق الغد" التي أراها مرسومة إلى جانب خارطة العراق في نهاية كل إعلان تبثه الفضائيات في المنطقة العربية.
فما هي حقيقة "عراق الغد" ؟ ومجموعة "عراق الغد"؟
هذا التعبير في نهاية الإعلانات يدعو للشك والتساؤل المنطقي. حيث لا يصح ولا يوجد في عالم آليات جميع البلدان في العالم مؤسسة تطلق على نفسها تعبير "مجموعة" أو تعبير "عراق الغد". في منطق بناء الدولة هناك "هيئة" وهناك "لجنة" وهناك "مؤسسة" وهناك "شركة" وهناك "شبكة" أما تعبير "مجموعة" فهو تعبير غير وارد على الإطلاق في اللجان المشرفة على الإعلام والإعلان. فأنا كمواطن عراقي، إفترض وجود مقر لهذه المجموعة وأطالب بمعرفة عنوان المقر ورقم الهاتف والبريد الإلكتروني وأطالب بأسماء هذه المجموعة ورئيسها .. فهل حقيقة توجد مثل هذه المؤسسة؟هذه المجموعة تنتج الإعلان العراقي وتبثه من على شاشات العديد من الفضائيات التي نراها أو التي لا نراها أو التي لا يسمح لنا الوقت بمشاهدتها حيث في سماء المنطقة ما يقرب من الف وخمسمائة قناة فضائية ومن غير المعقول أن يصطاد الصحن الفضائي وخلال حتى أربعا وعشرين ساعة كل هذه الفضائيات لذلك تقتصر المشاهدة على عدد من الفضائيات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
مدة الإعلان القياسية عالميا
الإعلان الذي تنتجه كل شركات الإعلان في العالم، وكل الشركات العملاقة التي تريد الإعلان عن بضاعتها لا يجوز أن يتجاوز العشرين ثانية سوى فيما ندر. وهناك أغلب الإعلانات الكبيرة والمتقنة الصنع حتى وإن بلغت كلفة الإعلان في الغرب ملايين الدولارات فإن مدة ذلك الإعلان تتراوح بين عشر ثوان وعشرين ثانية والسبب يعود أولا إلى تقليل كلفة البث ولذلك يسعى الإعلان ومن خلال الثواني العشرين لأن يقول كل شيء وفق مبدأ القول "خير الكلام ما قل ودل" تنتج "جماعة عراق الغد" إعلانات حقيقة تدعو إلى الضحك ولكنه ضحك كالبكاء. فكل ما ينتج من إعلانات عن العراق لا يمت إلى فكرة الإعلان بصلة. هو إنتاج فحسب الهدف منه هدر الأموال في غير مكانها!!! كما إن الإعلان ينتج بزمن يتجاوز العشرين ثانية. فهناك إعلانات بأربعين ثانية وإعلانات بستين ثانية وحتى بدقيقة وعشرين ثانية. وهكذا!!! لذلك فإن شركات توزيع الإعلانات تحدد أسعارها بالمدة القياسية للإعلان وهي عشرين ثانية وبأسعار باهضة الثمن.
قيمة بث الإعلاناتلدعم القنوات المعادية للعراق!!!
ترى كم من القنوات تعرض هذه الإعلانات العراقية؟! وما هو موقف هذه القنوات الفضائية من التحول الجاري في العراق؟! أغلب المسئولين العراقيين في مؤتمراتهم الصحفية يسمونها القنوات المشبوهة. والقنوات المعادية والقنوات التي تحرض على الإرهاب! حسنا لماذا نزود هذه القنوات الفضائية المشبوهة والمعادية والمحرضة على الإرهاب بالإعلانات؟! وكم يا ترى تدفع الحكومة العراقية من أموالها على إنتاج هذه الإعلانات؟! وكم تدفع مقابل بثها؟! وكما ورد في الندوة التلفزيونية فإن ميزانية عام 2008 في الإنتاج بلغت مائتي مليون دولاراَ وهو رقم مذهل إذا ماعرفنا طبيعة الإعلانات وطبيعة إنتاجها التي أرى أنا كمخرج سينمائي بأن الإعلانات التي أشاهدها لا تزيد كلفته الإعلان الواحد إنتاجيا على خمسة آلاف دولار في أحسن أحواله.! وما يقدم لا ينتمي إلى فن الإعلان وهو ضحك على الناس وعلى الدولة بكاملها وبكل مسئوليها!!؟؟ "عذرا فسوف أكثر في مقالتي هذه من علامات التعجب والإستفهام!؟"تابعت بحكم مهنتي وبالوثيقة أسعار البث التلفزيوني الذي يتم تنظيمه من "بيروت!؟" فحصلت من الشركة التي تتعهد بتوزيع الإعلانات على القنوات الفضائية على الأرقام التي أدرجها في هذه المقالة وهي موثقة برسالة موجهة إلى شركة إنتاج أنا طلبتها منهم فجاءتني الأسعار للإعلان الواحد للعرض الواحد سوف لن اذكرها هنا بل أذكر السعر الخاص للإعلان "وما يطلق عليه تجاريا إسم السعر التشجيعي" الذي يتم التعاقد معه لأأكثر من عرض مع السعر الخاص لكل شهرين. مفترضين الحصول على مثل هذه السعر التشجيعي، لأن الإعلانات العراقية "ما شاء الله" تعرض بشكل دائم ويومي.
سعر العشرين ثانية من البث في نشرة الأخبار ما بعد الظهر "يرجى الإنتباه للعشرين ثانية، المدة القياسية والنظامية لللإعلان" هو 225 دولاراَسعر العشرين ثانية لنشرة الأخبار الرئيسية 562 دولاراَ سعر العشرين ثانية لنشرة أخبار آخر الليل 225 دولاراوهناك سعر للعشرين ثانية لثلاثة عروض في اليوم وفي نشرة الأخبار للإعلان الواحد على مدى شهرين "ويسمونه السعر التشجيعي" وهو ستون ألف وسبعمائة وخمسون دولاراَ للعشرين ثانية ولثلاث مرات في اليوم على مدى شهرين.
راقبت قناة العربية في نشرة أخبار ما بعد الظهر من الساعة الخامسة وحتى الساعة السادسة من مساء يوم الأحد المصادف الثامن عشر من شهر تموز 2009 فشاهدت النشرة وسجلت طبيعة الإعلانات وزمنها. وقد تم في النشرة بث عدد من الإعلانات العراقية وغير العراقية. ومع سذاجة وشكل الإعلان العراقي الذي يحمل توقيع "عراق الغد" في نهايته، فإن القناة خلال بثها للإعلانات فإنها تبثه كما هو، ولكن عندما تبث الإعلان العراقي فإنهم يكتبون على الشاشة جملة "مادة إعلانية" وهذا التعبير لا يستعمل إلا إذا كانت المادة التي تبث هي مادة مضرة بالصالح العام!!!! وكان هذا التعبير يكتب على إعلانات الخمور والسكائر سابقا قبل أن تمنع الأمم المتحدة نشر إعلانات الخمور والسكائر بشكل كامل في وسائل الإعلام بإعتبارها مادة مضرة بالصالح العام ولا يصح الإعلان عنها. فإعلاناتنا سادتي هي مادة مضرة بالصالح العام لأنها تتحدث ضد الإرهاب "ولعيون العراق فتح عيونك" . في هذه النشرة الإخبارية التي مدتها نصف ساعة مضافا إليها نصف ساعة نشرة إقتصادية تم بث سبع إعلانات عراقية مكتوب فوقها تعبير "مادة إعلانية". وهي بالشكل التالي.1- أعلان مدته دقيقة وعشرين ثانية 2 - إعلان مدته أربعين ثانية 3 - إعلان مدته ستين ثانية 4 - إعلان مدته 40 ثانية 5 - إعلان مدته 40 ثانية 6- إعلان مدته ستين ثانية 7 - إعلان مدته أربعين ثانية. "يرجى ملاحظة إن جميع الإعلانات هي مضاعفات العشرين ثانية"!!!
ولو جمعنا أسعار بث هذه الإعلانات التي يدفع العراق ثمنها نقدا عبر "الشركة الوسيطة " ووفق أسعار نشرة الأخبار بعد الظهيرة فإن مجموع ما يدفع لهذه الإعلانات سبعة وستين ألف وخمسمائة دولاراَ للمرة الواحدة في النشرة الواحدة!!! ولو إفترضنا بأن هذه الإعلانات بإعتبارها إعلانات دائمة وحسبناها ضمن السعر التشجيعي ووفق مدة الإعلان غير النظامية التي ينتج بها العراق إعلاناته فإن العراق يدفع للقناة الواحدة لهذه الإعلانات السبعة وعلى مدى شهرين حيث المدة الإعلانية لهذه الإعلانات السبعة هي 400 ثانية أي بزيادة على المدة النظامية لللإعلان مدتها 260 ثانية خارج الوقت النظامي لللإعلان. فإن العراق يدفع كل شهرين للإعلانات السبعة لثلاث مرات للبث للإعلان الواحد وبالثواني المذكورة ما قيمته مائة وإثنان وثمانين ألف دولار للقناة الفضائية الواحدة. وعلى حساب ميزانية السنة فإن كل قناة يدفع لها فقط في نشرات الأخبار مليون ومائة ألف دولار.
هذا فقط ضمن "ثلاث نشرات إخبارية" علما بأن الإعلانات العراقية تبث في نفس هذه القنوات ضمن البرامج الترفيهية والمنوعات والغنائية. وهذا يضاعف الأرقام. في سماء المنطقة أكثر من ألف وخمسمائة فضائية تبث باللغة العربية. دعونا نفترض أن العراق "يدعم" بإعلاناته عشر قنوات فضائية فقط ولا أفترض مائة فضائية. فإن المبلغ الذي يدفع للبث ضمن نشرات الأخبار لسبع إعلانات تافهة "جدا" شكلا ومضمونا أحد عشر مليون دولار تقريبا. هذا فقط في مجال البث أما أرقام الإنتاج فقد إعلنتها الندوة وأنا لست مسئولا عن الرقم وبحضور وكيلة إحدى الوزرات حددتها بمائتي مليون دولار وحسب تعبير السيدة الوكيلة "رجال اللي يعبي بالسكلة رقي!!"
وأنا في حيرة من ألأمر، يقع بين يدي تقرير أعتبره خطيرا جدا. هذا التقرير مكتوب من قبل مسئول عراقي "كبير" وموجه إلى الكونغرس الأمريكي بصدد ميزانية الإعلانات العراقية، فاشعرني شاكرا كاتبه بالراحة النفسية وأجاب على كافة التساؤلات التي في ذهني وأكد صحة ما كتبته وصحة هواجسي ومخاوفي. وفيه أسرار خطيرة. وهو مثلي يتساءل عن طبيعة "جماعة عراق الغد" التي يعتقد بعدم وجود مادي لها على ارض الواقع فهو إسم وهمي لا أعرف إن كان ذلك حقيقة، وإذا كان كذلك، فما هو موقف الدولة منه؟! وإذا لم يكن له وجود مادي ومقر ومكتب وميزانية فكيف يتم التعاقد بينه وبين الجهة التي تنفذ الإعلانات تصويرا وإخراجا وكيف يتم إرسال الأشرطة إلى بيروت؟! وكيف يتم توزيعها على القنوات الفضائية وخاصة "المعادية" لإنعاش ميزانياتها بمبالغ تدخل الكتابة عنها في دائرة الكذب والمبالغة واللامعقولية.!!!
قبل أن أدعم حديثي بفقرات من التقرير وعليه شعار الحزب الذي ينتمي إليه المسؤول كاتب التقرير. أتساءل ما علاقة الكونغرس الأمريكي بالإعلانات التي ينتجها العراق؟! نحن من المفترض أن نكون دولة مستقلة ذات سيادة ولنا مؤسساتنا والنظام البائد قد ولى والحمد لله إلى غير رجعة ومضى على ذلك التاريخ قرابة الست سنوات وهي كفيلة لأن يعاد خلالها بناء الدولة وتعيد هذه الدولة إنشاء مؤسساتها وفق أسس حديثة وعادلة فلماذا يوجه ذلك المسئول مثل هذا التقرير إلى الكونغرس ألأمريكي ولا يوجهه مع خطورته إلى رئاسة مجلس الوزراء ويقفون جميعا بوعي أزاء هذه الظاهرة الخطيرة على مستوى النزف المالي والخطيرة أكثر على المستوى السياسي حيث يصار إلى دعم مؤسسات إعلامية تقف بالضد تماما من التجربة العراقية وتسيء ليس فقط إلى التجربة السياسية وتسيء إلى رجال الدولة والحكومة وحتى إلى أعلى مستوى فيها، بل تسيء إلى الإنسان العراقي وتكوينه وتاريخه وغده . فهل لا تزال مفاتيح العراق السياسية ومفاتيح خزائنه المالية في يد الكونغرس الأمريكي؟! لنقتطع فقرة من هذا التقرير الخطير.
" ... لذا نجد لزاماً علينا توضيح تلك التفصيلات إلى سعادة السيناتور أرنولد هيل والسادة أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي الموقر، بعد أن انفق المسؤولون العسكريون الاميركيون والمتعاقدون معهم من الاميركيون والعراقيين واللبنانيين مئات الملايين من الدولارات على الاعلانات الساذجة والكتيبات عديمة الجدوى والفترات الاذاعية والتلفزيونية مدفوعة الثمن خلال السنوات الست الماضية بدعوى تلميع صورة الجيش الاميركي، وتهميش المتشددين والترويج للديمقراطية ورعاية المصالحة، كما أعتبرت تلك الإعلانات باهضة الثمن كجوائز ترضية لوسائل الإعلام المعادية للوضع العراقي الجديد متوهمين بأن مثل هذه التصرفات ستجعل من تلك الوسائل أصواتأً معارضة لتنشيط الديمقراطية في العراق. وقد صممت بعض الحملات لتشجيع العراقيين لقلب مواقفهم ضد المتمردين والتعاون مع القوات الاميركية وقوات الامن العراقية"
هذا ما يؤكد بان التقرير مرسل إلى ألكونغرس الأمريكي. وأنا هنا لا أستهين بالتقرير فهو مكتوب بناء على معلومات دقيقة وفيه أسماء الذين يشرفون على هذه المؤسسات الوهمية ومنها مؤسسة وهمية تم تشكيلها في لبنان. ويبدو أنها صلة الوصل بين المؤسسة الوهمية المسماة "عراق الغد" وبين وسائل الإعلام وترتيب كل الحصص المالية والسياسية عبر هذه القناة الفضائية أو تلك.
يقول التقرير ما يؤكد تصوري عن مجموعة عراق الغد :"... كما أن البروبغندا التي صدرت من مجموعة تسمي نفسها جمعية عراق الغد، أصبحت مباشرة ومفضوحة في كل مكان، ويقول الموقع الالكتروني - المتصف بالمكر- للمجموعة بانه (مستقل وليس منظمة حكومية ، ويضم عددا من الاكاديميين ورجال الاعمال ، والناشطين والذين يشتركون في الاعتقاد الراسخ بالحرية والتقدم لكل شعب العراق)، ولا يضع الموقع اسماء لاعضاء او عنوانا للاتصال به، سوى عنوان بريدي عام على الانترنت. ويرفض الجيش الاميركي التعليق حول نسبة هذه المجموعة اليه، على الرغم من أن معظم الناس يعتقدون انها بروبغندا اميركية مباشرة ومكشوفة."
أما فيما يتعلق الأمر بالشركة الوهمية في لبنان والموازية للشركة الوهمية في العراق، فلقد جاء في التقرير:"... فقد عمدت تلك اللجنة في العام 2004 إلى إطلاق حملة إعلامية كبيرة لإنتاج مئات المواد الإعلانية المباشرة والساذجة التي تنتج وما تزال في بيروت بواسطة شركة وهمية للإنتاج الإعلامي أسسها على عجالة صهر "............ " اللبناني الجنسية وحولت اللجنة المذكورة إلى حسابها ما يقرب من المائة وخمسين مليون دولار دفعة واحدة على الرغم من أن تلك الشركة الجديدة لم يمض على تأسيسها أكثر من ثلاثة أسابيع، وفق عقد بين اللجنة والشركة المذكورة أمده خمس سنوات أنتهت في 26 مارس- آذار الماضي، إلا أن الغريب في الأمر أن اللجنة قامت من جدبد بدفع خمسة عشر مليون دولار للشركة المذكورة في شهر فبراير- شباط الماضي، أي قبل أنتهاء مدة العقد بشهر واحد فقط، الأمر الذي من شأنه أن يثير الشكوك في صدق النوايا وصواب السلوكيات التي تنتهجها لجنة الإعلام والحرب النفسية"ملاحطة - يذكر التقرير في النقاط بين القوسين في الفقرة أعلاه المسئول بالإسم ، وأتحاشى ذكره في هذه المقالة حتى لا يفسر الأمر تفسيرا خاطئا لمناسبة قرب موعد الإنتخابات -
إنني أتساءل هنا تساؤلات مشروعة في تقديري وبعد تردد كبير وإستشارات في كتابة هذا المقال أو عدم الخوض في هذا المعترك الخطير الذي ينبغي أن تكون الدولة مسئولة عنه مسئولية مباشرة لما يحمله من خطورة تتعلق بالفساد الذي شهر دولة رئيس الوزراء سيفه في محاربته ولكن أيضا الخطورة الكبرى في هذه العملية الإعلامية الملتبسة على المستوى السياسي حيث ثمة أجندات خارجية متمكنة وذات مصالح ستراتيجية في المنطقة ودول جوار لا تريد للتجربة العراقية أن تأخذ مداها السليم والطبيعي والإنساني في الخارطة المجتمعية. ذلك يحتم الوقوف أمام هذه الظاهرة الخطيرة التي مضى عليها أكثر من ست سنوات وهي تستنزف طاقات العراق وتجعل أبناءه المغتربين من المثقفين وذوي الإختصاصات الثقافية والإعلامية والمصابين بالذهول حتى اليوم أزاء ما يجري في وطنهم، فيبرز التساؤل أزاء الموقف الأمريكي الذي ذكر التقرير إسم الشخص الأمريكي أيضا والذي يدير هذه العملية ومقر إقامته في المنطقة الخضراء، فيروح التقرير إلى أبعد من الفساد المالي ويقول إن المسئولين الأمريكيين عملوا على إفشال التجربة الإعلامية ومنحوا أحد الصحفيين مبلغ خمسة وعشرين مليون دولارا كي يساهم في إفشال التجربة الإعلامية "دون أن يذكر إسم الصحفي ولكنه ينوه عن إسمه ضمنا من خلال إسم صحيفته"ترى هل يصح السكوت عما يجري في العراق من عملية خطيرة تستهدف الوجود العراقي وتروج بشكل واضح لعراق زجه نظام سابق في العصر الحجري المتأخر في حين تعيش شعوب صغيرة ليس لها تاريخ وخالية من البعد الثقافي والحضاري، تعيش حياة مرفهة، ليأتي الإعلام المضاد وبدعم من خلال إعلانات تلفزيونية عراقية ساذجة تدفع الدولة مقابلها الملايين من الدولارات لفضائيات تساهم في إيذاء العراق وطنا ومواطنين ؟!
سينمائي عراقي مقيم في هولندا
https://telegram.me/buratha