المقالات

الحصانة مطية الفاسدين

1286 19:55:00 2009-08-08

علي محمد البهادلي

بعد الاتصال الحضاري الذي حصل نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بين العالمين العربي والإسلامي وبين الغرب، اتضح للعرب والمسلمين حجم الهوة التي تفصلهم عن ما وصل إليه الغرب؛ فانبهروا أيّما انبهاربالمكتشفات والفتوحات العلمية؛ مما دفعهم لإرسال البعثات العلمية إلى أوربا. فماذا حصل ؟ إن كثيراً من الطلاب الذين أُرسلوا إلى هناك حدثت لهم صدمة، جعلتهم ينهزمون ثقافياً ونفسياً جراء ما وجدوه هناك، فلم يميزوا بين التطور العلمي وبين المنجز الحضاري والقيمي لتلك البلاد، فقاموا بعد رجوعهم من أُوربا إلى الدعوة لنبذ كل ما هو قديم ومرتبط بالتراث؛ لأنهم اعتقدوا أن سبب تخلفنا هو بسبب تمسكنا بالموروث الثقافي الذي أنجزته الأُمة، وراحوا يبشرون بالقيم والثقافة الغربية دون تمييز بين غثها من سمينها. أصبحت هذه الدول تتلقف كل شيء قادم من الغرب على اعتبارأنه يحمل صفة التطور والتقدم، فكان من ضمن ما استوردته الدول العربية والإسلامية هو الدستور، فاعتمدت كثيرمن تلك الدول على لائحة حقوق الإنسان المشهورة التي أصدرتها الجمعية الوطنية التي تشكَّلت بعد انتصار الثورة الفرنسية، وكانت كثير من مواد تلك اللائحة تخدم الطبقة البرجوازية التي ساهمت في انتصار الثورة، ومن ضمن تلك المواد هو ما يُعرف بالحصانة بشقيها ( الحصانة السياسية والحصانة الجنائية) إذ يتمتع السياسي بنوع من الحصانة تمنع القضاء من محاسبته إلا في حالة تلبسه بالجرم، أو بعد أن يتم رفع هذه الحصانة من قبل البرلمان لكن رفعها مقيد وصعب التحقق.

`والعراق أحد البلدان التي تضمن دستورها كثيراً من مواد هذه القوانين الوضعية، بما فيها الحصانة، وهذه أحدى الكوارث التي جرت على البلاد الويلات والمآسي؛ فبعض من السياسيين (برلمانيين، وزراء) متهمون بقضايا فساد أو التعاون مع الجماعات الإرهابية، لكن القضاء العراقي شبه مشلول ويقف مكتوف الأيدي ازاء هذا الأمر؛ بسبب صعوبة مقاضاة هؤلاء السياسيين المتمتعين بصفة الحصانة التي يصعب على مجلس النواب رفعها؛ بسبب التخندق الطائفي والإثني والحزبي، وشيوع منطق(سدلي وسدلك) وإذا ما لاح في الأُفق أن مجلس النواب عازم على رفع الحصانة عن أحد السياسيين فقبل أن يرفع المجلس الحصانة عن هذا المسؤول أو ذاك، امتطى صهوته وهرب إلى خارج البلاد.

 إن الخطأ الفادح الذي نقع فيه كثيراً هو عدم تمييزنا بين ما هو منجز تكنلوجي صناعي وبين ما هو منجز حضاري، فكثير مما صدَّره لنا الغرب هو غير جيد وغير صالح. فالسياسي حاله حال أي موظف في الدولة فإذا أخطأ أو أساء استخدام منصبه يجب عليه المثول أمام السلطة القضائية. فالسياسي والمسؤول الحكومي في الدولة والحكومة الإسلامية حاله حال أي موظف في الدولة، فإذا أخطأ أو أساء استخدام سلطته يجب عليه المثول أمام القضاء، وفي التأريخ الإسلامي هناك أكثر من قصة وحادثة تدل على أن مثل هكذا قوانين لا وجود له في قاموس التشريع الإسلامي كمثول أمير المؤمنين علي (ع) أمام القضاء؛ بسبب دعوة قضائية رفعها أحد رجال اليهود أمام القاضي ضده، فما كان من أمير المؤمنين إلا أن مثل أمام القاضي دون أن يقول إني رئيس دولة تمتد حدودها من شمال أفريقيا غرباً حتى حدود الصين شرقاً ولا يمكن أن أمثل أمام القاضي الذي هو أحد رعيتي، وهناك حادثة مماثلة جرت مع الرسول الأكرم نعرض عنها تجنباً للإطالة. كنا نتمنى لو أن لجنة التعديلات الدستوريةـ لاسيما أنها تقترب من إنهاء مهمتها، تضع الحصانة كإحدى القضايا التي سينالها التغيير، فيصبح رفعها يسيراً غير عسير إذا ما اقتضت الضرورة رفعها لغرض الاستجواب والمثول أمام القضاء، ولا ندعو إلى إلغائها الآن؛ لأن الوضع السياسي لا يحتمل ذلك، إذ قد تستخدم ورقة ضغط أو ابتزاز سياسي في إطار لعبة ليِّ الأذرع التي تمارسها القوى السياسية ضد خصومها السياسيين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو الصراحة الواقعية الهادفه
2009-08-08
ان من أعان ادنس المجرمين على الهزيمة كالجرذان لهو أمام الشعب وكشف زيفه ورجسه وبيعه الأمانة نهارا جهارا ولو لم تكن الحصانة مطيتهم الجوفاء لوجدوا الف الف مطي وحمار وكديش ونجس لفرارهم وها قد احتضنتهم الأحضان التي لا تسمح للشرفاء منا الا يالف يا علي اما ان تكون دفانا او ذياحا او مشرد أشراف اومدنس أعراض او لطام صدور القذارة بأنجسها فأهلين وسهلين ومرحبتين سجل يا تاريخ؟ لكن مو تجونه مثل الكويت تطاليون البلد الشريف يتعويض السحر المقلوب عليكم اي دفن وتهجير وتفخيخ وذبح شعيكم ممن تضيفون حسوا ؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك