( بقلم : حامد جعفر )
أقتربت الانتخابات وشمر من شمر عن ساعديه وفي قلبه أمل لا يعلم بمكنونه الا الله تعالى. أما عامة الناس فيتصارع في قلوبهم اليأس والامل والانكسار والتطلع , فقد خيب ظنهم بأنانيتهم كثير ممن ظنوا فيهم الخير بالسعي لبناء المهدوم وتجبير خاطر الارامل والايتام والمظلوم واغاثة الفقراء والمعدمين وانقاذ المرضى المساكين والسعي الحثيث لتحسين الخدمات الاجتماعية , واذا بهم لا يسعون الا لانفسهم. فامتلأت جيوبهم الفارغة بالدولار الاخضر والذهب الاصفر من فساد ذمة من رشوة واعتلال ضمير رانوا عليه من زمان العفالقة الاسود, فخسروا الدنيا والاخرة.وتفاديا من ان يقع اهلنا في نفس الخطأ, و قد أريد للانتخابات القادمة ان تكون أكثر شفافية وان يعرف الناس من ينتخبون , فاننا نحذر اهلنا من الانسياق وراء البهرجة والاعلام المضلل واقامة المأدب وتظاهر المرشح بما يخلو منه قلبه وليس بهدف له, فهؤلاء يقولون ما لا يفعلون. ولنا عبرة بالمسلسلات المصرية , وفي كثير منها تجرى الانتخابات واذا المرشح يقيم الاحتفالات وينفق الاموال ويذبح العجول ليتبرع بلحومها للفقراء , وهذا ما لم يفعله قبل ذلك قط , ويطلق الوعود البراقة. ويلتف حوله عملاء مأجورون يهتفون له ويصفونه بكل خصلة حميدة وهو في حقيقته لص خبيث جمع ماله بالسحت والحرام.
ولقد روى لي صديق لي كان يعمل في الثمانينات في شركة الصناعات الالكترونية, التابعة انذاك للقطاع المختلط ,كيف جرت الانتخابات في هذه الشركة لاختيار مجلس ادارة, وكيف فاز بها اللوبي الشرير الشره الذي كان يقوده المدير المفوض, رغم ان الانتخابات كانت نزيهة ظاهريا وحرصوا على عد الاصوات امام العمال والموظفين...!! قال صاحبي وهو ثقة : كان المدير المفوض الذي لم يكن العمال يرونه الا كما يرى الناس النجم المذنب الذي لا يظهر في سماء الدنيا الا في ازمنة متباعدة من سنين طويلة , قد ظهر بكل نشاط في الايام القليلة السابقة ليوم الانتخاب الموعود. ولم يكن سيادته يلتفت الى العمال والموظفين البسطاء لانهم في نظره اتفه من ان يلقي اليهم بالا, بل كان يجتمع بمدراء المعامل والمهندسين المؤثرين ويأمرهم مهددا بان لا يساندوا اي مرشح من خارج عصابته وأن يدعوا العمال الى ذلك بالقوة تارة وطورا بالمروة. وفي أخر الاجتماع كان هذا المدير المفوض البعثي المعروف بعنصريته لاقاربه الموظفين بالشركة يهدد مدراء المعامل والمهندسين المسؤولين بأن له عيونا ترصدهم كما ترصد الجوارح فئران الحقول والويل كل الويل لمن يخالف توجيهاته, والامتيازات والمناصب الرفيعة ستكون من نصيب المخلصين.
وفي تلك الايام الصدامية السوداء ظهرت مشكلة الفائضين عن العمل , لمزيد من الاذلال للعراقيين البسطاء الجائعين, هذه المشكلة التي القت بثقلها على صدور العمال والموظفين البسطاء المحرومين. فاستغل المدير المفوض وعصابته ذلك, وكان التهديد الاخطر للعمال بأنهم سيطردون الكثيرين منهم على أنهم فائضون عن العمل اذا لم ينتخبوا لوبي المدير المفوض!! هذا ما كان يفعله المدير المفوض. أما أعضاء عصابته من المرشحين فكان لكل دوره في التهديد والوعيد وشراء الاصوات حسب مكانته الوظيفية ومجال نفوذه. ولما كان أحدهم مديرا للحسابات فان عملاءه كانوا يبثون عنه انه ان خسر سينتقم من العمال بان يلغي الكثير من امتيازاتهم المادية ويتشدد في تسليفهم ويعمل وهو القادر لانه من اللوبي على تفييضهم . أما اذا فاز فالامن والامان وزيادة المرتبات ووعد أكيد بحصول كل عامل بين الفينة والاخرى على جهاز تلفزيون بسعر الدولة طبعا ليبيعه بعشرة أضعاف ثمنه بل زعم بأنه وزملاءه من اللوبي اذا فازوا سيجبرون الشركة على شراء الارض الزراعية المجاورة للشركة لتوزيعها على المنتسبين الفقراء مجانا كأراض سكنية!!
ولكن ويا لها من لكن , فبعد فوز العصابة الفاسدة بالترهيب والترغيب , لم تنفذ الوعود بل تلاشت كما يتلاشى الدخان في أجواز الفضاء , وساءت الامور وتدهورت الاوضاع وازدادت دكتاتورية المدير المفوض وأقاربه والمقربين منه واستحوذوا على مزيد من الامتيازات وكثرت السرقات وطبق قانون التفييض الظالم على العمال البؤساء . اما أجهزة التلفزيون فقد وزعت مجانا وبكرم حاتمي وسخاء برمكي ولكن ليس على العمال الفقراء الذين لا يكادون يجدون قوت يومهم بل على اعضاء مجلس الادارة المنتخب بالقوة من اللوبي الفاسد ليزدادوا غنى على غناهم وطغيانا على طغيانهم.
ونحن نقول ايها العراقي , وقد رأيت الموت بأم عينك, كفاك خوفا وضعفا, فقد تغيرت الاحوال وتقلبت الدنيا, فلا تغتر بعد اليوم بشيطان في ثوب بشر ولا تخش بعد معاناتك الطويلة الا من ربك العظيم, ومحص كل مرشح حتى اذا وجدت فيهم شريفا ذا ماض نزيه وسمعة طيبة وعفة ومروءة فانتخبه لتكون من الفائزين... وأياك اياك أن تقع في شرك البعثيين المجرمين الذين تسللوا الى العملية السياسية تسلل الذئب بين قطيع الخراف بعد ان ارتدى صوف خروف ضفر به واكله... انهم هم العدو والخطر الاكبر ومرض العراق القاتل ودجالو العصور فلا تغتر ايها العراقي العزيز بشعاراتهم البراقة ووعودهم الرقراقة ولقد خبرتهم وعرفت ان الكذب يسري في دمائهم واكتويت بنارهم التي اتت على الاخضر واليابس ذلك بانهم ألهة الفساد ومافية الذبح والفجور والاستبداد!!
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha