( بقلم : جميل الحسن )
اعلان مقتدى الصدر الاخير وتهديده للقوات الامريكية في العراق بالرحيل عنه فورا يمثل حلقة اخرى من مسلسل اشعال الحروب وتعكير صفو الامن والاستقرار في العراق ومحاولته جر الاوضاع في العراق الى تعقيدات ليست في صالحه .فمن حق مقتدى الصدر الاعتراض على الوجود الامريكي في العراق والمطالبة بانهائه في اسرع وقت لكن ليس من حقه التكلم باسم الشعب العراقي ودعوته الى اشعال نيران التمرد والحروب من جديد والتي سبق له وان جربها في السابق ولم تعط النتائج التي كان يتمناها ,
بل كاد مقتدى ان يذهب ضحية لها والتي لا تمثل المصلحة الحقيقية للشعب العراقي بل ان المصلحة الحقيقية للعراقيين هي في الواقع من خلال اعتماد الاساليب السلمية في مناهضة المحتل الامريكي الذي يرغب هو في مغادرة العراق باسرع وقت ممكن كما ان وجود حكومة منتخبة في العراق يجعلها دستوريا هي صاحبة الحق الشرعي في مطالبة الامريكيين بالانسحاب والتفاوض معهم بشان هذا الموضوع من دون الحاجة الى اية مزايدات او شعارات مجانية تعمق الجرح العراقي وتزيده اتساعا في الوقت الذي نحتاج فيه الى من يداوي جروحنا ويشفيها .ثم انه ما الغاية من هذا الاعلان وفي مثل هذا التوقيت بالذات فهل يرغب مقتدى في منح الامريكيين فرصة لقتل المزيد من المواطنين الفقراء الابرياء من اهالي مدن الصدر والشعلة والبياع وحي العامل الذين تتعرض مناطقهم الى مداهمات واعمال قصف مستمرة نتيجة للهجمات التي يتعرضون لها من قبل عناصر جيش المهدي .وهل ان خروج القوات الامريكية من العراق يتم بهذه الطريقة التي يرغب بها مقتدى نفسه الذي لم يسأل نفسه يوما كم عددا من المواطنين العراقيين الابرياء قد قتلتهم العبوات الناسفة التي كان يزرعها انصاره في الشوارع والطرقات لكي تستهدف القوات الامريكية والتي كانت وما تزال تقتل المزيد من العراقيين ممن يشاء حظهم العاثر المرور بالقرب منها وقت التفجير .
ان مقتدى الصدر يعلم جيدا ان امريكا لن تخرج من العراق بطريقته ,بل بطريقتها التي ترغب بها وبالامكان ممارسة الضغوط عليها من اجل اخراجها بوسائل اخرى اكثر رقيا وتحضرا وبشكل سلمي كما فعل غاندي في الهند عندما انتزع الاستقلال لبلاده من المحتل البريطاني ولكن من دون ان يطلق رصاصة واحدة او يزرع قنبلة او يقتل جنديا بريطانيا واحدا في وقت استلهم فيه شجاعنه واسلوبه السلمي في الكفاح من الامام الحسين (ع) من خلال مقولته الشهيرة :لقد تعلمت من الامام الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر .
ان في العراق اليوم حكومة وبرلمان منتخب يملك فيه مقتدى الصدر العديد من المقاعد والنواب وكان عضوا مشاركا في الحكومة ويعلم جيدا بعد التجارب المرة التي حصدها مقتدى من خلال اسلوبه في المواجهة مع الامريكيين من خلال حروب العام 2004 والتي كانت خسارة كبيرة لمقتدى وللعراق عندما فقدنا الاف الشبان الذين اندفعوا بشكل عاطفي غير محسوب الى المواجهة مع الامريكيين من دون ادنى تكافؤ او مبررلتكون النتيجة مصرع خمسة الاف شاب عراقي وتدمير البنى التحتية والمنازل والمدارس في اغلب المحافظات العراقية التي كانت مسرحا لمثل هذه المواجهات ,
بل كادت ان تتسبب بمصرع مقتدى نفسه .ان تصريحات مقتدى بشان شن الهجمات على القوات الامريكية لا تعدوا مجرد دعاية اعلامية نظرا لعدم امكانية جيش المهدي على القيام بشن مثل هذه الحرب خاصة وان عناصره لم تعد موجودة في داخل العراق فضلا عن عدم جدوى هذه العمليات التي لن تحقق اية اهداف سوى منح الامريكيين الفرصة لقتل المزيد من العراقيين ويجعل امريكا توظف جميع امكاناتها لتدمير جيش المهدي والغائه من الوجود كما فعلت مع عناصر القاعدة .
https://telegram.me/buratha