( بقلم : ناهدة التميمي )
ذهبت في دمشق الى احدى مكاتب الطيران لاحجز للذهاب جوا الى بغداد .. وجدت بعض العراقيين هناك فاستغربوا الامر قائلين ( لاتتورطي ) لان المسافرين في مطار دمشق الى بغداد يبقون اياما وليالي يفترشون ارض المطار بانتظار الطائرة العراقية .. فقد تتاخر بسبب قدوم او سفر مسؤول يحتجز الطائرة له ولمرافقية لحين عودته او غبار او امطار او اسباب امنية او اوامر امريكية تعطل الطائرة اياما وليالي .. وقالوا لي ان السيارة اسرع ( تصوروا) .
اقتنعت بما قالوا واستقللت سيارة جي م سي. كنا خمسة .. رجل وابنه الصغير جلسا في المقعدين الخلفيين وقد جاء الى سوريا على نفقة الحكومة العراقية لاجراء عملية زرع جهاز في اذن ابنه الصغير الاطرش .. وفي الحوض الوسطي جلست انا وامراة اخرى وفي الصدر جلس شاب يافع يبدو عليه البؤس من مظهره وثيابه الرثة .. انطلقت بنا السيارة عبر الحدود وكنت متوجسة من الطريق وخصوصا ان الانطلاق كان في الثانية صباحا ثم شقشق الفجر والسيارة مازالت تسير .. اتصل زوج السيدة التي معي عدة مرات بها من سوريا ليطمئن عليها ويبدو انه من المتنفذين البعثيين ايام زمان والان.. ولما وصلنا معبر الوليد حوالي الثامنة صباحا اجرى اتصالاته بالضباط من معارفه من الغربية فتقدمت سيارتنا على جميع السيارات من طريق جانبي وجاء احد الضباط واخذ جوازاتنا واشرها واعادها لنا دون ان ننزل ودخلت السيارة دون تفتيش يذكر وهذا اول خرق امني ..
انطلقت السيارة ثانية لتواصل المسير وكنت اترقب كيف سيكون الطريق وهل سيكون امنا .. لم نسر كثيرا عن معبر الوليد حتى انعطف السائق وبشكل مفاجيء الى الصحراء بجانب الشارع العام ودخل في عمقها قليلا نحو دكاكين او كراجات مهجورة موحشة .. هناك كان بانتظاره حوالي عشرة رجال من الملتحين و ذوي الدشاديش البيضاء المريبة وكانت معهم سيارة تشبه الجي ام سي .. ثم طلب مني ومن المراة الاخرى ان ننزل .. وبقي الاخرون في السيارة .. نزلنا.. ولكن ماكان يطمئنني ان هذه المراة معروفة لدى السائق ,, وزوجها من ذوي النفوذ والسطوة عليه ..
عندها اطبق الكرسي الاول من الوسط ليخرج من ظهر الكرسي الوسطي ومن جيب سري فيه ( ضبه من الجوازات ولوحة سيارة ) عادت المراة الى السيارة وبقيت انا لان الكرسي الذي اجلس عليه هو المطلوب وفيه كل الاسرار وقال معللا الامر لي ان هؤلاء حجاج عراقيين منعوهم من الدخول ونحن نساعدهم في الدخول للعراق .. ثم وزع الجوازات عليهم .. حتى انني اتذكر اسم احدهم حسب ماناداه به .. ومن الواضح ان هؤلاء ارهابيون تم تزوير جوازاتهم في سورية ولعلهم هم انفسهم الذين يفجرون العراقيين اليوم خصوصا وان الارهابي هذه الايام في سوق النخاسة يباع بخمسين دولارا في الدول العربية للبعثيين ولكل ذي اجندة مريبة ولمن لايريد للانتخابات ان تجري في موعدها ولمن يرفض مجالس الاسناد ولمن يرفض التعديلات الدستورية وللمخابرات الاقليمية التي تريد عراقا ضعيفا ولمن يريد ان يضعف الحكومة ويسقطها فيفجر الابرياء والفقراء والمساكين تنفيذا لاجندات ظالمة حقيرة ومكاسب دنيوية ضيقة ...
بعد ذلك قام السائق بتغيير لوحة السيارة الخاصة ( بالحجاج ) باللوحة التي اخرجها من الجيب السري من ظهر الكرسي الوسطي اي تم تبديل لوحة السيارة لهؤلاء الاشخاص .. واستقلوا السيارة او عدد منهم وتبعوا السائق ليرشدهم الطريق هذه الجوازات كانت ليعبروا بها نقاط التفتيش على الطريق والتي لم ارها لمسافة طويلة.. ثم قريبا من الرمادي اختفت السيارة فلم اعد ارها لا اعرف اين اتجهت او ذهبت المهم انها عبرت التفتيش بالجوازات المزورة... وهذا ثاني خرق امني خطير .. ادركت بعدها ان الارهابيين يتدفقون فعلا من الحدود ووثائقهم يتم تزويرها في سوريا ...
والغريب في الامر ان احدا من المسافرين لم يابه بالامر او يعير اليه اي اهتمام وكان الامر عادي او كانهم صدقوا انهم حجاج عراقيون منعوا من الدخول الى العراق عبر منافذ اخرى .. وبعد ان انتهى من توزيع الجوازات وتغيير لوحة سيارة ( الحجاج) واعادة اشياء او اوراق الى ظهر الكرسي في الجيب السري صعدت السيارة وانطلقت بنا بوجل .. قرب الرمادي شعرت بالامان لوجود دوريات عراقية وامريكية ولكنها متباعدة والمسافات الكبيرة بينهم تثير الخوف ..
راح هذا السائق يحدثنا عن امجاد صدام وانجازاته وامجاد المقاومة ثم اشار الى الطريق قبل الرمادي وقال هنا كانوا ينزلون البعض ويقتلونهم واشار الى بقعة معينة على جانب الطريق وقال هنا كانوا ينحرونهم و هنا كانت ترمى الجثث واضاف بانه شهد عدة حالات وحدثنا عن شخص كبيرالسن وقال توسل بهم بانه شيخ ولكنهم اخذوه خلف هذه التلة واطلقوا عليه النار وكانت الجثث تملا هذا المكان وهذا الطريق .. طبعا استمعنا اليه ولم يعلق احد بشيء عدا هذه المراة التي اجابته ( اكثر شي على الشيعة ) فقال الشيعة وغير الشيعة الشرطة والحرس ورجال الدولة والموظفين كانوا يقتلون من اي ملة كانت.
بعدها اخذ يحدثنا كيف اشترى سيارته هذه قائلا ,,, هذه اشتريتها من نقل ( المجاهدين ) كنت انقلهم بسيارتي القديمة النفر ب 150 دولار( وحصلت منهم على خوش فلوس ) ومنهم اشتريت هذه السيارة.. عندها سالته وكيف كنت تجلبهم الم يكن هنالك تفتيش اجاب اعرف المترجم في السيطرة الامريكية وهو كان يؤشر للامريكان بادخالي دون تدقيق .. طوال الطريق من سوريا الى العراق لم يفتشنا احد او يدقق جوازاتنا .. عكس ماهو عليه الحال عند عودتنا فقد تم تدقيق جوازاتنا عدة مرات ...
في بغداد المزدحمة المقطعة الاوصال بالكتل الكونكريتية والسيارات الكثيرة التي تزاحمها الارتال العسكرية عراقية وامريكية التقيت بارهابي اخر .. ذباح اصلي يتبع
https://telegram.me/buratha