لم يتفق شعب من شعوب الارض على مهنة كما اجتمع العراقيون على امتهان الفلسفة في تحليل كل شيء ، فمن النادر ان تجد عراقي صامت عند طرح اي موضوع اجتماعي كان ام فلكي علمي كان ام ادبي محلي كان ام دولي اذ لابد للعراقي من ابداء رأيه وكأنه مجبر على ذلك أو ان كبريائه لايسمح له بأن يكتفي بالصمت ان جهل عن معرفة معلومة وكيف لا وكلمة لا اعرف هي الابعد عن قاموس كلماته والابعد منها كلمتي اسف واعتذر مما يجعل اي نقاش لاينفض الا بخصام وان كان الموضوع يخص كرة القدم!!!.
وهذا العيب الخطير هو التفسير الوحيد على عدم اجتماعه على شيء واحد ومنذ قرون ان لم يكن من عهد أدم (ع) اذ لم يتفق هذا الشعب على معصوم ذاك هو أمير المؤمنين (ع) ولم يتفقوا على ظالم كالحجاج لعنه الله كذلك فكل واحد منا يتكلم من صدى عقله وقناعاته المستمدة من استنتاجه الفكري والتي يعتمد على الكم المعرفي للشخص او من ترديد ما تتناقله الالسن حتى لايكون من الذين لايعلمون!!!! وعندما نقول اجماع لانقصد المعنى اللامنطقي الذي تصل فيه النسب كما في الاجماع على القائد الضرورة الى 99.6% !غير ان تدني نسبة الاغلبية وتشتت الاراء والجدل العقيم هو ما يمكن اعتباره مؤشر خطير فكثرة الجداول لنهر واحد يغيّب ملامحه وتصدّره .
الان والاتفاقية الامنية هي الشغل الشاغل للشارع العراقي والفضائيات والسياسيين الذين استمر البعض منهم في مجالس عزائهم التي نصبوها منذ السقوط ولحد الان للنوح على جرح العراق الذين يقفون امامه متفرجين فلا يسألون عن المتسبب ولا عن العلاج والبعض الاخر تحمل المسؤولية فهو في صدد شرح الايجابيات والسلبيات للاتفاقية وتهيئة الشارع العراق لاستقبال بنودها رفضا او قبولا والحيرة البادية على كل الوجوه هي ما نستغربه حقيقة فلا موجب لها فنحن قد انتخبنا من هم اعلى درجات منا من الذين امنوا والذين اوتوا العلم وصدرناهم للبت في قضايانا فلماذا نحار في كل شيء ؟ .
ان الكون كله بني على تخصصات وحتى الرسالة الالهية اختص بها الله الانبياء والرسل وهم بدورهم ينشروناها ويفسرونها وليس على المستقبل الا ان يتقنع او لا وليس ان يجادل في كل شي وفي ادق التفاصيل فعند هذه النقطة تحديدا سوف يضيع خاصة اذا كان الجدال حول امر هو اعلى من مداركه فلا بد له من ان يثق بمن له مدارك اعلى ويأخذ برأيه وطبعا لا نعني الرضوخ الاعمى في كل شىء غير ان الجدل العقيم هو من اودى بمن كرمهم الله عز وجل بأن اصبحوا اعداءه ذلكم هم اليهود فمسألة البقرة كان لتكون بسيطة لو انهم لم يعقدوها بالجدل والاستفسار حتى صار الامر صعب واختلط عليهم رغم ان الباري لم يطلب منهم الا ان يذبحوا بقرة ليس الا !!!.
وبعيدا عن رفض وقبول الاتفاقية لكن وجودها بحد ذاته كسر لما يسمى ( يبقى الحال على ما هو عليه ) فنحن نعيش حالة من السيطرة الاجنبية تحت اي مسمى من مسميات الاحتلال ام التحرير وهذه السيطرة لايمكن ان نتوقع الخلاص منها بحل نرسمه بخطوط وردية لاننا شانا ام ابينا في موقف لانحسد عليه فخروجنا من هاوية البعث لا يعني باننا في مامن حيث اننا لا زلنا على بعد اشبار من تلك الهاوية وربما لو اختل توازننا سنعود لنسقط فيها لا سامح الله وكي لا يحدث ذلك لابد من لملمة الافكار وتوحيد الصفوف لتكون العجيبة الثامنة في العالم .
الاتفاقية طعمها مر وهذا اكيد لكن ربما تلك المرارة ستشفي جراحا عميقة وان اعتلت جوانب اخرى وهذا ما نوكله الى السياسي من توضيح السلبيات والايجابيات وترجيح كفة لاحد منهما على ضوء دراسة من ضمير يقرر من اجل بلد ومن ثم ستعرض الاتفاقية على مراجعنا العظام لابداء الراي وهنا لابد للمواطن ان يقبل بالنتيجة مهما كانت ليس اذعانا وانما لمنطقية تسلسل الاحداث فالاتفاقية في مد وجزر بين العراق وامريكا وصولا الى صيغة نهائية يدرسها من انتخبناهم ويعرضونها الى من نحمد الله بانهم بيننا يرشدوننا امثال شخص السيد المفدى على السيستاني دام الله ظله الوارف فلم يبقى لنا سوى ان ناخذ النتيجة بدون فوضى واثارة جدل يسحبنا عن اعمالنا وواجباتنا وكم هي كثيرة وعجيب هذا الوقت الذي يخسره العراقي في الجدل رغم كم المعاناة التي يجب ان تستهلك وقته والتي كانت السبب في ان يفقد الكثير من منطقيته .
اقولها اسفة ومتألمة ان كثيرا من العراقيين اصبح لا يجيد حتى لملمة جملة مفيدة ويكفي ان تراقب قناة العراقية في البرامج التي تلتقي بالجمهور لتدرك المأساة شباب بثقافة متدنية او ثقافة العصبية لا يفهم حتى السؤال الموجه له وموجة صوته عالية حتى لا يسمع الاخرين حقيقة شيء مؤلم سببه ترك الدراسة والاحداث الاليمة التي مر بها المواطن وللمستقبل نتوقع الاسوء في بلد الارامل حيث الايتام اصبحوا رجالا مسؤوليتهم ايجاد لقمة العيش ، لابد ان نعترف ان مص الماء من (صنودة) الماطور وترتيب المولدة والجري على المخابز والبقالة قوقعتنا في دائرة مغلقة بعيدا عن نور العلم وهذا ليس ذنبنا ورغم ذلك فلقد انعكس على شخصياتنا وكلامنا فان شعرنا باننا لا نستطيع التفكير والتفريق بين الجك والبك فلنترك الامر لمن يستطيع اسلم لنا واتقى فاذا كان الكلام من الفضة فالسكوت من ذهب في اغلب الاحيان .
هذا ونسأل الله الفرج على يد صاحب الزمان ع الذي طال انتظاره والى ذاك الموعد المرتقب ليس لنا الا الصبر الايجابي والدعاء وصدق النية وحب الاخرين وختاماا تقبوا مني كل الاحترام والتقدير وارجو ان لا تعتبر المقالة هجوما على ابناء بلدي فاخي من اهدى لي عيوبي . اسال الله ان يحسن عاقبتنا وينور قلوبنا بما يرضيه انه سميع مجيب .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha