( بقلم : محسن عبد علي دهش )
يبدو أن السيد المالكي ماضٍ في خطته الرامية لتشكيل مجالس إسناد عشائرية لحزبه حزب الدعوة ، رغم المخاطر التي من شأنها أن تترتب على عملية خلط السياسي الحزبي بالمؤسسة الأمنية أو بعبارة أدق إقحام الحزبية بالمؤسسات الأمنية عن طريق مجالس الإسناد هذا من جانب و من جانب آخر التأسيس لقضية استغلال المنصب من قبل المسؤول الأول في الحكومة لأغراض ضيقة تتعلق بحزبه و رفع شعبيته بهذه الطريقة التي فيها الكثير من المخاطرة . وهو ما يعد ضربة توجه في صميم العملية الديمقراطية حيث أن استغلال المنصب الحكومي لأغراض حزبية أمر لا يسوغ في النظم الديمقراطية لما ينطوي عليه من ظلم و إجحاف بل و السير تدريجيا نحو العودة للدكتاتورية و لكن بصورة مقنعة و غير مباشرة .
لقد خصص السيد المالكي جزء من موارد الدولة لا سيما مخصصات رئاسة الوزراء لإنشاء مجالس الإسناد و شراء ذمم بعض شيوخ العشائر الذين كانوا ينتظرون مثل هذه الفرصة التي اعتادوا عليها في زمن النظام الصدامي البائد و أغلب هؤلاء ممن تشربوا بروح التملق و خدمة النظام مقابل المال و الجاه و الأبهة . إن إنشاء هذه المجالس لا يمكن أن يكون للغايات و الأهداف التي يعلنها رئيس الوزراء و حاشيته فالملف الأمني في المحافظات التي جرى و يجري فتح مكاتب الإسناد العشائري فيها كانت ذات يوم أحوج ما تكون لفعاليات من هذا النوع و لكن لم يقم بها رئيس الوزراء فيما نرى أنه بعد استقرار الأوضاع بشكل تام في بعض المدن و شبه تام في مدن أخرى يأتي قرار تشكيل هذه المجالس و متزامنا مع بدء الحملات الانتخابية للأحزاب التي ستتنافس على مقاعد مجالس المحافظات بعد قرابة أحد عشر أسبوعا من الآن ! ليس من شك لدى أي مراقب أن هذه المجالس إنما وجدت لغرض واحد هو محاولة زيادة شعبية حزب الدعوة جناح نوري المالكي و هي فكرة تفتقت في ذهن المالكي و مستشاريه من الحزب بعد نجاح صولة الفرسان و كأن هذا النجاح حققه حزب الدعوة لنفسه و بنفسه فقط و لم تكن حصيلة توحد المواقف من قبل الأحزاب الأخرى لا سيما المؤثرة في المناطق التي يجري الآن فتح مكاتب الإسناد فيها ! إضافة إلى تعاون المواطنين للخلاص من عصابات جيش المهدي و غيرها .
لقد دعمت أحزاب و جهات عديدة صولة الفرسان في البصرة و الصولات التي تبعتها و دفعت في سبيل ذلك ثمنا غير يسير حيث تعرض بعض كوادرها للتصفية و الاغتيالات من قبل المليشيات الخارجة عن القانون كذلك وجت لها التهم على خلفية بعض الانتهاكات التي قامت بها عناصر من الجيش في مناطق معينة . و قد روجت المليشيات و الجهات الساندة و الداعمة لها أن أحزاب معينة كالمجلس الأعلى هو من يقف وراء تلك العمليات العسكرية و يبدو أن هذا الترويج كان لغرض وضع خط رجعة لحزب المالكي كي يعيد تحالفاته السابقة مع تلك الجهات و بالفعل فإن ما يحدث مؤخرا من مغازلة للصدريين يبرهن على حقيقة ما يحاول البعض إخفاءه .
إن استغلال منصب حكومي و توظيف المال العام لأغراض و أهداف حزبية أمر مخز و مفجع و لا سيما أن صاحب المنصب يصدع رأسنا ليل نهار بالشعارات الديمقراطية و الحرص على عدم تسييس الأجهزة الأمنية و يبدي نفسه و كأنه قديس المرحلة الديمقراطية في حين يوجه لها ضربة موجعة بسن سنة سيئة هي أن من حق صاحب المنصب الأول في الحكومة تسخير طاقات الدولة لأجل حزبه !!
https://telegram.me/buratha