بقلم : سامي جواد كاظم
الفيلسوف الحكيم الالماني ــ ماربين ــ قال في كتابه ( السياسة الاسلامية )ان الحسين قد احيا بقتله دين جده وقوانين الاسلام ولو لم تقع تلك الواقعة ولم تظهر تلك الحسيات الصادقة بين المسلمين لاجل الحسين لم يكن الاسلام على ماهو عليه الان قطعا .
جعلت هذه العبارات مقدمة لحديثي عن واقعة يمكن لنا ان نصنف الاسئلة التي اثيرت حولها الى ثلاثة اصناف منها العلمية حتى وان كان ظاهرها تشكيك في بعض مواقف الحسين عليه السلام حيث الاحرى بنا توضيحها حتى لا تكن متكأ يتكئ عليها الجاهلون واسئلة فوضوية لا فائدة ترجى منها مجرد اللغو واسئلة غايتها الطعن واثارة الشبهة بواقعة الطف او بشخص الحسين عليه السلام . ومن هنا اصبح الحسين عليه السلام ملتقى كل شيء فالذي يريد ان يعرف الشيعة فانه سيقرأ عن الحسين والذي يريد ان يتهجم على الشيعة فانه يبتدأ بالحسين والذي يريد ادانة الشيعة فدليل ادانة الشيعة هو حفاظهم ومزاولتهم بالرغم من الظروف القاسية على الشعائر الحسينية ، ولهذا نرى ان الحرب فتحت على الشيعة من عدة جهات مرورا بالبوابة الحسينية .
ولعل اول شبهة ترددها الوهابية كثيرا هو اذا كان الحسين يعلم بموته اذن اصبح امر كتبه الله على يزيد وهذا هو الجبر الذي لا نؤمن به نحن الشيعة الامامية بل نؤمن بالوسطية بين الجبر والتفويض وعليه لا يحاسب يزيد على امر الزمه الله بتنفيذه !!
المسالة الاولى المتعلقة بان الحسين يعلم بمقتله حيث اتضح ذلك من خلال استدعاء والي المدينة الاموي الوليد بن عتبة طالبا من الحسين وبمحضر من مروان ان يبايع وبعد نجاح الحسين (ع) في احتواء المسالة من خلال طلبه من الوليد ان تكون البيعة امام المسلمين وموافقة الاخير على ذلك جاء اعتراض مروان وبشدة على هذا الطلب الذي يظهر ان هنالك نية مبيتة على قتل الحسين حيث ان الحسين عندما تم استدعائه من قبل الوالي الاموي استصحب معه جمع من صحابته واتفق معهم على اشارة معينة اذا حصل مكروه له ان يقتحموا المكان وهذا يعني تحسب الحسين لامر قتله في أي لحظة .
وبطبيعة المرء الذي يعيش المبادئ الحقة وانه يعلم بان هنالك من يحاول قتله بسبب مبادئه نجده دائما يتوقع القتل مع أي خطوة يقدم عليها وكم من سجين في سجن الطاغية صدام طلب منه التنازل عن مبادئه او الاعتراف على جماعته على ان يعفى عنه ويطلق سراحه وبعد تنازله يتم اعدامه ومثالنا عدو الحسين المقبور حسين كامل الم يعفو عنه صدام ومن ثم ارسل من قتله .
والسعيد الحظ الذي يرفض ذلك كما رفضها السيد الشهيد محمد باقر الصدر عندما عرض عليه الطاغية خمس خيارات تافهة على ان يوافق على احداها ويطلق سراحه فرفضها كلها لانه يعلم بانه سيعدم . ولعل عبارة هيهات منا الذلة التي اطلقها الحسين عليه السلام قبل استشهاده لهي خير دليل وشعار على رفض الاستسلام والخضوع للطواغيت .
المسالة الثانية التي تستحق توضيح هي ان سبب خروج الحسين هو اخلاقي صرف كما ذكرت كثير من المؤلفات والموسوعات ذلك حسب مقولة الحسين (ع) ــ انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ــ .هذه العبارة لها وجهان من التفسير غير المتعارف عليه بين اغلب الكتاب الوجه الاول وهو الذي استطيع ان اعتبره تاكيدا لما اعتقده انا وهو ان احد اسباب خروج الحسين عليه السلام هو السطلة والسلطة هنا وسيلة وليست غاية وكان طلبها من قبل الحسين عليه السلام لامرين الاول انها كانت من حقه وطبقا لوثيقة الصلح الموقعة بين اخيه الحسن عليه السلام والطليق معاوية والتي احدى بنودها ان تعود الخلافة للحسن عليه السلام بعد معاوية واذا توفى تكون من حصة الحسين (ع) وعليه فاذا ما طلب الحسين عليه السلام السلطة فهذا حقه فيها وان كانت الهية لا تقبل الجدل الا ان الحصول عليها في هذه الحالة جاءت حسب وثيقة الصلح .
والثاني ان طلب الحسين عليه السلام اصلاح امة جده لا يمكن له ان يكون الا اذا تمتع بصلاحيات الحاكم وهذا الامر لا يمكن له الا اذا كانت له الخلافة والا ان يتركه يزيد لنشر دين جده هذا امر مستحيل الوقوع لان دين جد الحسين يرفض وجود يزيد على الارض من غير قصاص واعتقد ان هذا لم يغب عن بال الحسين (ع) .ولو اكملنا مقولة الحسين عليه السلام فقد قال (اريد ان امر بالمعروف وانهي عن المنكر واسير سيرة جدي محمد (ص) وسيرة ابي علي بن ابي طالب (ع) فمن قبلني بقبول الحق .... الى اخر حديثه ) حيث ارادة الحسين هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب سيرة جده وابيه دون اخيه هذا يعني انه طلب ماكان لدى النبي والولي دون الحسن عليهم السلام الا وهي الخلافة
والوجه الثاني لمقولة الحسين (ع) ـ طلب الاصلاح ....... هو ان خروجه بهذا الشكل من مكة الى كربلاء والصورة التي انتهت عليها الماساة هذه الصورة هي التي تعتبر المقود والمحرك لمن يعيشها في طلب الاصلاح لأمة جد الحسين عليه السلام في يومنا هذا الى قيام الساعة ، فاذا عشنا مأساة الحسين سنجد مقولة الحسين تتردد على السنتنا وسنعمل على تحقيقها من خلال الاصلاح ورفض الحرام ، بل حتى ان الشعائر الحسينية سيكون لها طعم خاص وصورة طبق الاصل من المأساة اذا عشنا مبادئ الحسين واهداف الحسين وما يرضي الحسين قبل أحيائنا شعائر الحسين (ع) .
شعائر الحسين تعتبر احد الاسباب التي جعلت كثيرا من الذين يجهلون الحسين يعرفونه والسعيد الحظ هو الذي من خلال شعائر الحسين بدأ يبحث عن ماهية الحسين (ع) وعند ذلك تكون الشعائر قد اضافت الى ما حققت من اهداف وهو الاروع ، والفيلسوف الالماني خير دليل لنا فالحسيات الصادقة التي قصدها الفيلسوف هي الشعائر الحسينية.وجود الحسين في ضمائر الذين يحيون الشعائر الحسينية ومن يتعايش مع الشعائر الحسينية امر لا شك فيه واتمنى كما تمنى الشهيد باقر الصدر ان نرتقي بالمواكب الحسينية بشكل افضل بحيث تكون المعبرة عن مبادئ الحسين بنفس القوة التي تعبر بها عن ماساة الحسين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha