( بقلم : محمد المرهون (القطيف) )
من يتابع الساحة المحلية يلحظ بشكل جلي العمق الذي تتحلى به بعض الشخصيات الحقوقية من آراء ورؤى متقدمة في قضايا الحقوق، تتجاوز في فهمها الأطر المحلية والإقليمية إلى الأطر الأممية والدولية بكل ما تحمل مسألة الحقوق من حس إنساني، إلا أن هذه الشخصيات بهذا الفهم المتقدم لا تروق للأطراف الأمنية التابعة للحكومات القمعية والاستبدادية، بحكم تضرر مصالحها من تفتيح عيون الشعب المهضوم على أدنى الحقوق الطبيعية.إن أدنى عمل يمكن أن تقوم به الحكومات الظالمة تجاه هذه الشخصيات هو محاولة إخراسها أو اعتقالها وزجها في سجون القهر والكبت من اجل قطع صوتها عن الناس وحرمانها من توجيهاتهم ورؤاهم. وهذا العمل في حقيقته ظلمٌ آخر يمارس على الناس في مصادرة من يمثل أصواتهم وأفكارهم، وكبت للكلمة التي أفصحت عن مكنوناتهم، وسحق للكرامة والمشاعر الدينية التي تتنمي له هذه الشخصيات، إذ لا تكتفي السلطات بمصادرة الحقوق وإنما بتجريمها باتهام أصحابها أو المطالبين بها.وإن ما يمارس الآن من تجاوز على العلماء والمثقفين الإسلاميين الشيعة في السعودية إنما يمثل تجاوز على الطائفة في العالم بشكل عام- والتي تمثل ثقلاً كبيراً في العالم الإسلامية لا يُتجاوز لأهميته وفاعليته - من جهة وعلى كبت سياسي وطائفية دينية في داخل بلدهم بشكل خاص.إن اعتقال سماحة العلامة الشيخ نمر باقر النمر من قبل السلطات السعودية لعدة مرات – وآخرها وبشكل خبيث من داخل مبنى محافظة القطيف قبل أشهر- يُعد تعدّي سافر على المقدسات التي تمثلها العمامة، الهدف منه إخراس الصوت الذي يندد بهضم الحقوق ويطالب بإعادتها وفتح المجال لها، وهو أمر مرفوض من عامة المجتمع والطائفة، لأن الشيخ نمر إنما كان يطالب بالحق، ولم يكن تحركه من اجل منصب أو وجاهة وإنما من اجل أن تُعاد الحقوق لأصحابها، ومن اجل أن يمارس الناس حياتهم ودينهم بحرية أكبر.كما أن الضغط والإكراه الذي مورس ضد سماحة الحجة الشيخ توفيق العامر بالإحساء – مدينة الهفوف- من قبل السلطة هناك في شأن شعيرة دينية، لم تسفر إلا عن وجه الاستبداد المستشري في كيان الدولة.وآخرها اعتقال أحد الشخصيات المثقفة والأدبية والناشطة، وهو الأستاذ فريد النمر- من مدينة العوامية- من على جسر الملك فهد (السعودية-البحرين) قبل أيام وهو قادم مع أهله يثبت ويرسخ الصورة النمطية لسياسة التخويف والتخوين الحكومي.إن هكذا سياسة تمارس ضد الناس لهي سياسة خرقاء ومشوهة، إذ أن هذه السياسة تريد أن تلغي حقوق الشعب في التنعم بحريته وكرامته ودينه، في حين أن الله قد ضمنها لهم في الحياة.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha