( بقلم : كاظم شلتاغ )
ظاهرة الانترنت والمواقع الصحفية والادبية والفكرية والسياسية.. فيه ليست من الظواهر القديمة في عالمنا الانساني البشري ، وانما هي ظواهر صناعية وتكنلوجية خلقتها روح العصر مابعد عالم الطاقة الذريّة ، ولهذا يعتبر توفر مواد الاتصال الحديثة والمتطورة احد سمات العصر الحديث الذي نقل الانسان نقلة اتصالات غير مسبوقة في حياته البشرية من قبل ، فهنا نحن امام مجرد ضغطة زرّ لتصل بفكرك وبمخاطراتك وبأتصالاتك اينما تشاء ، حتى الى المجهول او المفترض بالامكان الوصول اليه ومخاطبته من خلال ادوات الاتصال الحديثة المتمثلة بالانترنت ، ومن هنا نحن الكتّاب نتصل بقرّاء افتراضيون لانعرفهم ابدا ولكننا نشعر بوجودهم وبانهم يقرؤون لنا افكارنا كيفما كانت ، وبالفعل يصل احدنا عشرات ومئات الرسائل والخطابات من اقطار الدنيا المتنوعة تسأل وتنتقد وتدعم .... وهكذا لما نكتبه في الانترنت ومانطرحه من فكر في السياسة والفلسفة والادب وباقي الكوارث الاخرى !.
كما انه وللتنويه فحسب فان عالم الانترنت فتح افاقا غريبة عجيبة للنشر ، بحيث ان هناك مواقع تستقبل كل شيئ كل شيئ صالح او غير صالح للعرض والنشر ليطرح في هذا الانترنت اللعين ، بحيث وخلاصة للموضوع بالامكان القول ان ليس هناك سلطة بامكانها حجب الكاتب عن الانترنت مهما كانت سلطة عالمية !. نعم يأتي هنا خبث الانسان خالق الانترنت ليتدخل في قوانين وعمل ووظائف الانترنت ، ليحجب مرّة مقالة عن النشر ليرسل لك بكل ادب رسالة مفادها : نعتذر عن النشر ، او ليزرع فيروسا يدمر من خلاله مواقع وملفات على الانترنت ، او ..... ليعمل اي شيئ هو خارج سياق روح عصر الانترنت وصناعته لالشيئ الا لانه يريد ان يقول :( انا الانسان لم ازل سيد الكون والقابض بيميني على حركته )!.
والى هنا يجب ان نحترم هذا الانسان الذي يريد ان يدافع عن اخر قلاع سلطته الدكتاتورية التي تنتمي الى عالم ماقبل الانترنت من منطلق انه يريد ويحاول ان يبقي على كرامته كانسان مشهور وله صفة ممارسة السلطة والقمع فحسب ، ولكنّ لنا مؤاخذة على هذا الحق الانساني من انه يريد ان يمارس الذاتية والهوية بشيئ تجاوزه الزمن بالفعل ، بحيث ان الهيمنة والدكتاتورية وممارسة السلطة بهذا الشكل اصبحت حتى هذه الممارسة لاتعبر في الحقيقة عن الوجود الانساني الطبيعي ، او لاتعبر عن الهوية الانسانية امام الانترنت ، فالانترنت نزع قانونية وشرعية الدكتاتورية والقمع والارهاب والحجر على الكلمة ، بل وجعل الانسان نفسه لايعير اهتمام لمثل هذه الممارسات السلطوية داخل الانترنت لتثبيت حياة الهوية الانسانية السلطوية ، ومن هنا كان الاولى بالانسان ان لايبحث داخل صناعته هو ليثبت وجوده الانساني السلطوي ، بل كان عليه ان يفهم ان مجال اثبات الوجود قبالة الانترنت هي في ترك عالم الاتصالات الحديث يتحدث عن خالقه بتلقائية ليحمل رسالة مفادها : ان الله خلق الانسانية للحرية ، وليس هناك هوية لهذا الانسان الا الحرية !.
الى هنا انتهينا من الانترنت ومشاكله ، فدعونا نعود لصديقنا صاحب :( الاخ كاظم احترامي نعتذر عن النشر ) لنسأل هذه الظاهرة قبل ان نسأل صاحبنا هذا الذي امتلك موقعا بفضل تكنلوجيا العصر الا انه يبدو انه لم يزل يعتقد ان هناك اشياء تسمى بسياسات المواقع الالكترونية التي تصنف المواقع الصحفية حسب الميول الفكرية او السياسية لاصحاب المواقع هذه ، نسأل : لماذا يحاول الانسان مستخدم الانترنت ومالك الموقع ان يصبغ موقعه الاتصالي بصبغة فكرية او سياسية معينة ويمنع الراي الاخر من الظهور ؟.بمعنى اخر : لماذا هذا الموقع يساري ويمتنع عن نشر الديني ، وهذا الموقع اسلامي يمتنع عن نشر المسيحي والاخر ليبرالي يمتنع عن نشر الاشتراكي ، والاخر امريكي ويمتنع عن نشر كل ماهو ضد السياسة الامريكية ........وهكذا ؟.ربما لأرادة ان يعطي الانسان هوية لتكنلوجيا العصر الحديث في الاتصالات الانترنيتية ، ولذالك سمّينا هذه المواقع بتسميات افكارنا الانسانية الايدلوجية او السياسية ؟.او لربما اردنا ان نمارس صفة الانسانية القديمة في حب الهيمنة والسيطرة المخلوقة داخل كياننا البشري ، ولهذا انعكست صفاتنا البشرية على اسماء مواقعنا الانترنيتية التي لاتفهم في الحقيقة اي عنوان غير الصناعة ولكن اردنا ان نمارس السلطة والمنع فقررنا حجب مايجب ان ينشر وماهو مسموح به للنشر ؟.او ربما يعتقد صاحب الموقع انه مسؤول مسؤولية كاملة عن ماينشر في موقعه من افكار ومقالات ، ولهذا هو يرى انه لابد عليه من ممارسة سلطة الرقابة والمنع و النشر على كل مايظهر على موقعه الانترنيتي ، ولهذا يرى من حقه النشر ومن حقه المنع او من حقه الرزق ومن حقه القبض مثل رب العالمين سبحانه وتعالى !!.ولكن حتى مع هذه الفرضيات في الاجابة او تلك ، الم يستطع صاحب الموقع الانترنيتي ان يدرك ان الشيئ الذي يريد ان يمارس سادية عليه ليمنعه من النشر او ليعطيه صبغة سياسية معينة انه يستطيع ان ينشر كلمته على اي حال في الانترنت وفي اماكن اخرى من هذه الساحة العصرية الجديدة !.اذن لماذا محاولة ممارسة السلطة على الكاتب والنشر ومحاولة المنع له ان كان قانون الانترنت اوسع بكثير جدا من قانون المنع والقمع الانساني ؟. طبعا بامكان صاحب اي موقع ان يقول لك : كفيني شرّك واذهب انشر في اي موقع تشاء !. وهذا مفهوم من لغة البشر ، لكننا هنا نريد ان نفهم الحالة المرضية باعتبار انها حالة بحاجة الى تأمل عقلي يعطيها بعد ظاهرة الصراع بين الانسان وتكنلوجيا العصر الحديث ، ولانريد ان نفتح نقاش شلتاغي للصراع الشخصي !.
لا ... لانستهدف ذالك الشيئ الصغير ، ولكننا نهدف الى معرفة ماهية الازدواجية الانسانية امام تكنلوجيا العصر الانترنيتية التي اعطت حقوق قانونية لصاحب اي موقع ان يكتب في الواجهة (( المقالات لاتعبر عن راي الموقع بل عن رأي اصحابها )) لحمايته من الملاحقات القانونية والادبية وما الى ذالك ، ومع هذه الضمانة القانونية يمارس اصحاب المواقع سلطة المنع على مايريد الكتّاب نشره من افكار في مواقعهم تحت مسميات ماانزل الانترنت بها من سلطان !. هنا من حقنا ان نسأل ب ( لماذا ) لتكون نافذة نطلّ من خلالها على كوميديا الانسان في القرن الواحد والعشرين ، وانه هو الانسان نفسه سواء عاش في زمن نوح الخشبي او هو يعيش في عصر الانترنت ، حاملا للعقد ، ممارسا لهويته السلطوية ، ذائبا في رؤية التميز له وتقمص دور وحق الاله المانع القابض المعطي الباسط المعاقب !.
اخواني اصحاب المواقع الانترنيتية العراقية بالخصوص العربية بالعموم !.مع احترامي الكبير لما تبذلونه من جهد كبير وماتساهمون به من حلقة وصل بين الكاتب والقارئ ، وما تنفقون على هذه الخدمة التطوعية من اموالكم وراحتكم ووقتكم الثمين من اجل اثراء الثقافة الانسانية ببعد اخر عصري وجديد اسمه انشاء المواقع الانترنيتية ، لكن ينبغي عليكم ان تدركوا ان الكاتب انسان مساهم معكم بنفس الطريق وله من الحق ان يعبر عن توجهاته السياسية والفكرية بالشكل الذي يؤمن به هو وبالكيفية والاسلوب الذي ينتخبه هو وليس اي شخص اخر باعتبار انه متحمل المسؤولية كاملة امام القانون ، فليس من المعقول والانساني ان يُفرض عليه المنع والحجب لمجرد انه يحمل رأيا مختلفا عن راي صاحب الموقع ومالك الساحة الانترنيتية ؟.كما انه ليس من العصري الانترنيتي ان نتدخل بتوجهات الكاتب والمفكر لاخضاعها بالقسر لتوجهات هذا او ذاك من مواقع الانترنت العراقية ، وألاّ يكون المنع والحجب لما يكتب اسهل سبل العقاب له وممارسة السلطه على فكره ؟.ثم قولوا لي ياسادتي اصحاب المواقع ياكرام : أليس من النجاح في عصر الانترنت ان يتميز هذا الموقع او ذاك على اقرانه انه الموقع الذي تتصارع فيه جميع التوجهات الفكرية والاخرى السياسية التي لاتوجد في اي مكان اخر على الانترنت لضمان كثافة الحضور ومن ثم التأثير الاعلامي المرجو على المتصفحين ؟.وما معنى التميّز اذا لم يكن الموقع يتسع لمجموع الفكر الانساني من اقصى اليمين الى اقصى الشمال وبكل الكلمات وبمختلف المفردات وبانواع الاساليب والكتابات ليشبع جميع اذواق القرّاء الذين يجدون مبتغاهم جميعا في موقع واحد شامل للفكر الانساني المتنوع ؟.
ان طبيعة العصر الحديث ان تتحدث التكنلوجيا بكل مافي داخل الانسان من عقد وتشنجات وافكار وصراعات .....الخ ، فكيف لعاقل يريد النجاح ان لا يأخذ بهذا القانون ويفتح الباب على مصراعيه للفكر الانساني وان يُخرج كل مافي داخله لتكون الحياة الانسانية بمساعدة التكنلوجيا العصرية كتاب مفتوح من السهل قراءته والتعرف عليه والتفهم لمشكلاته والتلمس لتطلعاته وباقي الموبقات ؟.وكيف لعاقل صاحب رسالة اعلامية يريد النجاح في عصر الانترنت ومابعده ان يحجب مقالا سياسيا لالشيئ الا لانه يحمل توجها سياسيا مغايرا ، ولنقل شتائما لنظام سياسي لايعتقد بقدسيته ولكن يرى صاحب الموقع انه من النظم التي لها فضل على قومية صاحب الموقع او طائفته او دينه او ماشاكل ذالك ؟.ارجو ان تعذرو شلتاغ يا اصحاب المواقع الانترنيتية لانه يريد ان يكون العصر صورة مفهومة ومقروءة ومحسوسة الملامح ، ولايريد ان يختصر العصر بالانسان الفردي هنا وهناك ، ومن هذا قرأ شلتاغ عصر الانترنت على اساس انه منظومة واليات عمل متكاملة الابعاد من المصنع الى الاتصال الى الفن الى السياسة الى الابرة الى العسكرة الى السلاح الى المطبخ ومنه الى .... باقي التعويذات ، اذا انسجمت حركة الانسان معها كان الصلاح ، واذا لم يدرك الانسان العصر بالياته وتطوراته وابعاده كانت الكارثة وبقي التخلف وطرد شلتاغ وانتعل سلفة سلفاه ولم يقرأ له احدا بسبب اعداء اصحاب المواقع له !.
https://telegram.me/buratha