( بقلم : اسعد راشد )
كان متوقعا فوز اصف علي زرداري رئيس حزب الشعب بالوكالة بمنصب رئيس دولة باكستان على منافسيه الاثنان المنتميان الى حزب 'الرابطة الاسلامية' المدعوم عربيا وخاصة من قبل الدولة الوهابية وهما القاضي سعيد الزمان صديقي ومشاهد حسين ‘ وقد فاز اصف علي باغلبية ساحقة من اصوات اعضاء البرلمان 458 من مجموع 702 فيما حصد الاثنان بالتوالي 111 صوتا و43 لمشاهد حسين ‘ وهذه هي المرة الاولى التي ينتخب فيها مدنيا بطريقة ديمقراطية لمنصب رئيس باكستان بعد اعدام ذو الفقار علي بوتوا على يد الوهابي ضياء الحق والذي بدوره قتل في حادث غامض حيث كل الرؤساء بعد اعدام الشهيد ذوالفقار علي بوتوا جاءوا اما عبر الانقلاب العسكري واما من خلال تنصيب صوري يقوم به البرلمان .
ومن خلال ردود الافعال الدولية وخاصة العربية يمكن معرفة اهمية انتخاب الرئيس اصف علي لهذا المنصب ‘ والمعروف ان البرلمان الجديد قد تم تشكيله عبر انتخابات حرة ونزيهة شارك فيها الشعب الباكستاني بزخم وقد فاز حزب الشهيدة بي نظير بوتوا باغلبية الاصوات التي اهلته لتولي يوسف الجيلاني منصب رئاسة الوزراء ‘ كما ان البرلمان هو المخول بتعيين الرئيس لدولة باكستان وهو نظام ديمقراطي برلماني شبيه بما عندنا في العراق الديمقراطي الجديد .
ورغم تحفظ أغلب الدول العربية من التعليق رسميا على انتخاب اصف علي ـ المنحدر من عائلة شيعية حسب وصف مراسل قناة الجزيرة ـ الا ان وسائل الاعلام العربية بادرت نيابة عن انظمتها من اصدار مواقف وتعليقات اغلبها جاءت بالضد والسلبية وبعضها مثل المواقع الوهابية ناصبت العداء والكراهية وحرضت على استمرار الارهاب والعنف بطريفتها المعروفة في باكستان .
وكعادة الاعراب ومن اجل التشويس على عملية انتخاب اصف علي رئيسا لباكستان قامت قناة الجزيرة بنشر تقريرا حول عملية الانتخاب بصورة مشوهة معتمدة على مواقف طائفية واخرى متعاطفة مع الجماعات الارهابية مثل القاعدة والطالبان و دعايات خصوم حزب الشعب والتي بدأت باختلاق وصفة 'المستر 10%' بزعم ان اصف علي كان يشترط الحصول على 10% من اي صفقة تجارية تعقدها الدولة مع الشركات .
الموقف العربي ازاء هذا لانتخاب لم يكن فقط سلبيا بل مخزيا ومتعاطفا مع اعداء الانسانية والديمقراطية ولم تكن قناة الجزيرة الاولى او الوحيدة المساهمة في نشر مثل تلك السلبية والصورة المشوشة عن اصف علي وعن عملية انتخابه كرئيس لباكستان بل هناك العديد من القنواة الفضائية التي حذت حذو الجزيرة الا ان اكثر المواقف عدائية وارهابية تجاه انتخاب اصف علي جاءت من قبل حلفاء الدولة الوهابية ولعل ابرز مثال على ذلك هو المقال الذي نشره موقع ذلك الارهابي المدعوا 'سليمان ناصر العمر' وهو احد شيوخ الافتاء ايضا في المملكة ويحظى بعلاقة جيدة وتعاون مع مؤسسات حكومية وامراء لمناطق وقربه لامير منطقة الرياض ‘ فقد نشر موقع 'المسلم' التابع لهذا الارهابي مقالا تحت عنوان 'باكستان نموذجا..الفصام النكد بين الشعوب والقيادات المفروضة' ـ !! ـ لم يحمل اسم كاتبه وهو ما يعني ان المقال يمثل وجة نظر الموقع وصاحبه الارهابي ناصر العمر الذي يعيش بحرية وامان في السعودية ويحظى برعاية الجهات الرسمية حيث وصف الموقع انتخاب اصف علي بانه ' الخسارة الفادحة التي لا تعوض الا على ايدي الشعب الباكستاني الذي اثبتت التجارب العديدة قدرته على افشال المؤامرات المتتالية التي يحيكها الغرب الصليبي بالتعاون مع العدو الهندوسي والخصم المجوسي'!!
ولم يتردد الموقع من اعادة السيمفونية الاعرابية بربط كل مشاكل الكون وكوارث الطبيعة وعواصف الكاريبي والغوستاف والحنا بالصفويين !! حيث اعتبر ان انتخاب اصف علي خليفة بي نظير بوتوا لم يأتي مصادفة ولا بغتة وانما هو 'حصيلة مؤامرة عريقة بين الصليبية الجديدة والصفوية المجوسية ' معتبرا ان التقاء طهران ولندن وواشنطن على الاعتراف والترحيب بهذا الانتخاب دليل على تلك المؤامرة ! مستشهدا كاتبه حسب مخيلته الوهابية ببعض الاحداث التي تجري في المنطقة وذلك بقوله ' فهما يتقاسمان النفوذ الاستراتيجي في منتهى الجلاء في كل من العراق وافغانستان ولبنان ‘ويتركون لمساكين المسلمين الشعور بالصدمة ' ويضيف الكاتب المجهول (...) ' وهاهي باكستان البلد النووي اليتيم بين دول الاسلام تصبح رهينة في قبضة محافظين الجدد والمجوس الجدد وهي خسارة عميقة عميقة الغور وبعيدة المدى '!!
هذه خلاصة المواقف العربية وخاصة تلك المحسوبة على الوهابيين حيث كلهم يشعرون بالاحباط واليأس والهزيمة وسقوط في مستنقع اوهام الامجاد الماضية المزعومة وخرابيط 'خراب الدين' ولااصلاحه واشباهه السابقين !
وجاء الموقف الاوروبي الغربي مشرفا وخاصة الموقف الامريكي الذي اثنى على هذا الانتخاب واعتبره مهما كما لم يكن الموقف الايراني غائبا حيث رحب احمدي نجاد بهذا الانتخاب وهنأ زرداري به فيما دعت بريطانيا بعد الترحيب بانتخاب اصف علي رئيسا الى باكستان الى التعاون الوثيق من اجل نشر الديمقراطية في البلاد ومكافحة التطرف الذي يعتبر خطرا مشتركا ..
فيما اعتبر عدد كبير من المراقبين ان انتخاب اصف علي زرداري جاء وفق سياق مدروس مكن الامريكيين من افشال مشروع الوهابيين الذين كانوا يسعون لدفع حليفهم 'نواز شريف' او حزبه لتولي مثل هذا المنصب خاصة و ان شخصية شريف المهزوزة وسهولة انصياعه لجماعات التطرف والوهابية وتغلغل تلك الجماعات في حزبه لن يجعل من اي انتخاب او دور اساسي وسيادي لحزبه باكستان واسلحتها النووية في مأن من السقوط بايدي الارهاب .
ومن هنا فان الامريكان بانتخاب زرداري 'اصف علي' رئيسا لباكستان قد وجهوا لطمة قوية للارهابيين وامنياتهم واسقطوا المشروع الوهابي للسيطرة على باكستان في مزبلة اخرى من مزابل التاريخ !
https://telegram.me/buratha