( بقلم : علي الاوسي )
لم اكن متحاملاً هذه المرة في مقالي بل ناصحاً وحريصاً على السيد نوري المالكي الذي عرفته قبل اكثر من عشرين عاماً مسؤولاً للمكتب الجهادي لحزب الدعوة وقوات الشهيد الصدر التابعة للحزب المذكور.احبه كثيراً لانه كان شديداً في مواقفه وغيوراً في دينه لن يناور او يجامل في مبادئه وقد يستغضب بسرعة اذا خدشت مكابرته او جرحت مشاعره وهذه السمة وان تعد سلبية في ظروف ما لكنها كانت ايجابية في الواقع العراقي الجديد خصوصاً مع اناس لم يروا الحلم والتسامح الا ضعفاً وجبناً فنتذكر وقفته في مجلس النواب مع النائب الهارب مشعان الجبوري الذي صرخ في البرلمان بان المالكي يريد ان يعدمني ووقفته مع النائب الهارب الى القاعدة الشيخ ناصر الجنابي الذي استفز المالكي بانه لا يثق به فاجاب المالكي ببداهة سريعة طيب جمعت عليك وثائق لضلوعكم في جرائم ارهابية حتى اقدمكم للمحاكمة.
كان عنيداً ومكابراً وشجاعاً وقد قادته هذه السجايا والمزايا التي قد لا تتوفر مجتمعة في غيره الى ان يحقق النصر الحاسم في صولة الفرسان ولم يتراجع او يتردد في دخول المواجهة والتحدي رغم تكالب الاعداء عليه من الخارجين على القانون وعصابات التهريب والخطف والاغتيال المنظمة.
بحسب التقديرات الامريكية الاستخبارية ان المواجهة في البصرة بالطريقة التي جرت بحضور المالكي نفسه قد تكون مغامرة عسكرية كبرى لا تفكر القوات الامريكية بالدخول فيها دون احراز النصر السريع عبر المعلومات الاستخبارية وقراءة تفصيلية للواقع الميداني في البصرة وقد تكون هناك مخاوف امريكية بعدم تحقيق نصر سريع على العصابات الاجرامية في البصرة بسبب اعلانها الحرب الشاملة والمفتوحة في البصرة والدعم الاقليمي اللامحدود لها.
والانتصار الكبير الذي حققه نور المالكي أدى الى نتائح سياسية ودبلوماسية كبيرة بالاضافة الى فرضه لهيبة الدولة والقانون في كل المحافظات وقد ادى الى انفتاح عربي كبير عكس التفهم العربي الرسمي للحكومة التي كانت متهمة بالطائفية او الانتقائية في تطبيق القانون وفرض الامن.
وما نخشاه على المالكي هو استثمار النصر المؤزر في صولة الفرسان استثماراً حزبياً ضيقاً ولاسباب انتخابية وتعبوية بينما الواقع ان النصر الذي تحقق لم يكن بقناعة مستشاريه او مقربيه من عناصر حزب الدعوة الذي تحفظوا كثيراً على اصرار المالكي على ضرب جيش المهدي لاعتقادهم ان هذا يوفر الفرصة لقوى سياسية فاعلة ومنافسة من الانفراد بالساحة بعد تغييب الصدريين منها.
على المالكي ان لا يصغي الى مستشاريه ومقربيه من الدعاة لكيلا بضللوه كثيراً او يورطوه في خطوات كارثية لا تجوز للمالكي ولا تليق بالعراق الجديد وقد حاول بعضهم من استدراج المالكي عبر النفخ المتواصل والتحريض المستمر باتجاه الشخصنة والطغيان والفردية. هؤلاء خبراء بصناعة الديكتاتور والطاغية ويحاولون بكل وسعهم الى تسويق المالكي بانه القائد الفذ والبطل المنفرد وفارض القانون وذلك من خلال بعض الاخطاء القاتلة نشير اليها بشكل عابر واجمالي وهي:
1- تأسيس مجالس الاسناد في محافظات الوسط والجنوب التي تميزت اغليها بالامن وسيطرة الحكومات المحلية عليها في فرض القانون والنظام، وهذه الخطوة الخطيرة في تأسيس مجالس الاسناد باموال الحكومة واشراف مكاتب حزب الدعوة في المحافظات يعنيس استغلال للمال الحكومي لاغراض حزبية خاصة وهو مخالفة قانونية صارخة من المالكي الذي هو المعني بفرض القانون وليس خرقه. والمستغرب ان هذه المجالس هي بديلة لمراكز حزب الدعوة الثقافية وهي وجودها استفزازي لمجالس المحافظة المنتخبة والمعنية بحفظ النظام والامن وتوفير الخدمات في المحافظات.
2- تعيين قادة الشرطة في المحافظات من صلاحية مجلس المحافظة والمحافظ بعد اقتراح وزارة الداخلية لاشخاص معينين بينما تم تعيين وتغيير قادة شرطة بامر مجلس الوزراء دون الرجوع الى مجالس المحافظة وحتى قضية مؤسسة السجناء كانت خرقاً قانونياً من المالكي بتعيينه رئيساً جديداً بدلاً عن الرئيس السابق.
3- احالة الضباط المستبسلين في صولة الفرسان الى بغداد وادخالهم دورات شكلية دون مكافئتهم كما يفترض ارضاء لبعض القوى الحزبية التي اعتبرت استبسال هؤلاء الضباط سبباً في هزيمة ميليشياتها في البصرة.
4- التعامل مع ملف خانقين بطريقة الانسجام مع العقل الجمعي وكسب الشارع دون ترشيده وان الصخب والضجيج حول خانقين مع تقديرنا للموقف العربي والدولي والاقليمي الرافض للتمدد الكردي على الصلاحيات الجغرافية والاستحقاقية لكن الوقوف ضدهم خطأ فادح قد يكسبنا الشارع وانفعالاته ولكنه سيفقدنا الحكومة وفقدان الحكومة اخطر علينا من شارع يمكن تثويره او اخماده بالشعارات فلماذا هذا الانسياق وراء الصولة القومية التي يقف البعثيون وراءها.
ان اولى الناس بتطبيق القانون هم فارضوه بما فيهم نوري المالكي وليس من الصحيح ان يفرض القانون من حيث يخرق ويخالف فهذه انتقائية لا تليق بقادة العراق الجديد. فليحذر المالكي من النفاخين المداحين المضللين فان ظاهرة البطل والرمز الاوحد قد انتهت منذ التاسع من نيسان 2003 بلا عودة ولا رجعة.
https://telegram.me/buratha