( بقلم : عواد عباس الموسوي )
يعرّف التيار الصدري على نطاق واسع كونه أتباع السيد محمد صادق الصدر الذي اغتاله النظام المقبور مع اثنين من أولاده . و الحقيقة أن التيار الصدري قبل عام 2003 و ليس بعده قد انقسم على نفسه و تجزأ إلى أكثر من ستة أجزاء و لكن ابرز أجزائه الموجودة حاليا هم أتباع مقتدى الصدر – أتباع الشيخ اليعقوبي أتباع محمود الصرخي .. فيما هنالك مجاميع صغيرة تبعت فيما بعد ما يعرف بالحركات المهدوية و السلوكية و بعض آخر ترك الولاء للسيد الصدر باعتباره مرجعا إفتائيا و قلد مراجع أخرى .
الغريب في التاريخ الإسلامي أن تيارات و حركات القطيعة تنشأ بشكل مشابه للكيفية التي نشا فيها التيار الصدري الحالي . و تنطوي كل هذه الحركات على أفكار قائمة على تقسيمات ثنائية لأصحاب المذهب الواحد أو المسلمين بشكل عام . و التيار الصدري يعتبر واحدا من أكثر التيارات الدينية التي أقامت فكرها على التقسيم الثنائي للطائفة . بل لم تقف عند حدود الطائفة المذهبية بشكلها العام و إنما غاصت إلى الفئات الخاصة كالمرجعيات فراحت تقسمهم إلى صامتين و ناطقين مع عبثية واضحة لدلالة هذا التقسيم و ما يحمله من رغبة حادة في إقصاء الآخر و شرذمة الملة الواحدة ، و إلى الساسة من مذهبها فقسمتهم إلى موالين للمحتل و موالين للمقاومة مع أن جميع القوى و الأحزاب السياسية رفعت شعار المقاومة بصيغتها السلمية أي صيغة استرداد الحقوق عن طريق العمل السياسي و الصدريون أنفسهم أظهروا إيمانهم بهذا الطرح العقلاني و لكنه إيمان لم يؤثر لا على خطابهم و لا على طريقة تفكيرهم . و بهذا فقد كسب الحزب الصدري أعداء كثيرين و لكن في نفس الوقت جذب بعض المتعاطفين معهم ممن ليسوا بالضرورة قريبين من طرحهم الفكري أو سياقهم المذهبي العام بل يمكن القول أن تلك الجهات رأت في حركة مقتدى الصدر خير عون لها على الجهات و الأحزاب السياسية و القوى الوطنية التي رأت من الصعوبة هزيمتها أو إقلاقها و إعادة المعادلة الظالمة السابقة ، فكان تيار مقتدى الصدر خير من يمثل الأداة المستقلة التي يمكن الضرب بها من الداخل لهز وحدة الصف الشيعي خاصة . إن الصدريين ينهجون نهج القطيعة مع محيطهم المذهبي و البيئة الاجتماعية التي يفترض أن تتواشج صلاتهم معها ، و بهذا يعيدون أخطاء بعض الجماعات التي ظهرت في البيئة الشيعية و لجأت إلى قطيعة من الذات فأدى هذا المسلك إلى إعادة صياغة الأفكار المذهبية نفسها و جعلها في نهاية المطاف ملفوظة خارج النطاق الشيعي ككل .
لا يمكن بعد كل هذه السنوات تبرير مواقف و سلوك الصدريين بقلة التجربة و المراهقة السياسية و الغباء لقيادات الحزب الصدري ، بل لا بد من النظر في تشريح العقلية الصدرية و خلفيات تكوينها و كيف وصل الحال إلى ما وصل إليه من انهيار مقومات عرفية و أخلاقية و شرعية ضربت عرض الحائط بكل هذه السهولة و بروح تمرد طاغية لا تكاد تقف عند حد . ليس في جعبة مقتدى الصدر سوى مقاطعة محيطه و التمرد على أية حالة وئام و دفع حطابه المتكرر الذي يصف الأحزاب العراقية الأخرى بكونها أحزاب الاحتلال كما ورد في بيانه الأخير بأتباعه إلى ترسيخ قناعة المعارضة السلبية و تاكيد مفاهيم غريبة على الشعب العراقي و لنكن واضحين أنها مفاهيم مستوردة من طبيعة لذهن سياسي مختلف إن كان جاء بثمرات في مكانه فليس مجديا العمل به هنا بناء على طبيعة الشعب العراقي و تعدديته الاثنية و المذهبية . وقد استفحل تماهي مقتدى في هذا النحو من التكفير منذ خروجه من العراق و إقامته في قم و قد أصبح الرجل مطيعا في إعادة ضبط بوصلة توجهاته السياسية و لينا جدا لتقبل تلك الذهنية الغير ملائمة للمعترك العراقي سياسيا و اجتماعيا ...
https://telegram.me/buratha