بقلم: عبد الرزاق السلطاني
رغم التقدم الكبير والواسع في العملية السياسية، فلا زال العراق في صدارة النشرات الاخبارية لما له من ثقل في المنطقة والعالم ولما يلعبه من دور اساس في الخارطة الشرق اوسطية، ولم يعد خافياً ما تتعرض له الحكومة والبرلمان من ضغوط غير مبررة لايصال البناء الوطني الى طرق موصدة وهذا متات أما من ضغط الثقافة القديمة الموروثة، او بسبب ثقل الواقع الذي يحاول سحب المكونات العراقية في اتجاهات متضادة لخلق فتنة قومية بعد ان فشلت القوى الظلامية في اشعال الفتنة الطائفية، اذ ان الخارطة المطروحة لهذه الاتجاهات تحاول تأزيم مشكلة كركوك واعطاءها ابعاداً قوميه من خلال تكتيكات خبيثة لرفع درجة حرارة ملف المدينة، وبالتالي فان التجربة العراقية ظلمت كثيرا ممن ينظرون اليها بسوداوية كونها لا تنسجم مع تطلعاتهم، في الوقت الذي نشهد فيه اجماعا وطنيا للحفاظ على هيبة الدولة وتسييد القانون ودعم واسناد الحكومة، فان ثقافة التسامح تعد قيمة جوهرية في العلاقات وهي اسلوب تقدير التنوع للمفاهيم والآراء وطرق ممارستها بانساقها الصحيحة، كما انها انسجام في الاختلاف القائم في العدل ونبذ التسلط وقبول الآخر، التي لا تنشأ بمقتضى امر معين مرحلي لكنها تنبع من عقلية واسلوب ذاتي تتمظهر في سلوكيات الفرد والجماعة، لذا فالتسامح قد اصبح في فضائنا العراقي ضرورة وحاجة، وعليه فالحوار والتواصل ثقافة منطلقها الفرد وهدفها الجماعة لاقامة علاقات التواصل في البنية المجتمعية للوصول الى مراتب متطورة في التعايش وقبول الآخر لتشكيل الاطار الصائب لدفع المشروع الديمقراطي نحو التعدد وتهيئة الجو العام نحو مسارات تغييرية حقيقية لمنع التدافع القومي والمذهبي وضمن الآليات الديمقراطية.
اننا نعتقد ان المناخات الجديدة تحمل الحكومة مسئولية مضاعفة لتأخذ دورها الطبيعي في التعاطي مع جميع الملفات العالقة باعتبارها حكومة منتخبة وممثلة للعراقيين، كما يتوجب عليها اعتماد محورية اساسها احترام موارد الدستور وعدم تجاوزها واعطاء الصلاحيات الواسعة الى المجالس التي هي مسئولية الحكومة والوزارات، فان ممثلي الشعب في البرلمان والمجالس هم الاقرب الى الجماهير وتشخيصهم الاولويات، وبالتأكيد سيكون ذلك نابعا من صميم الارادة الوطنية وضرورات المرحلة، فضلاً عن توسيع الصلاحيات التي اقرها الدستور للعراق الجديد كونه ضماناً اكيداً لسلطة البلد من الرجوع الى الحالة الرئاسية التي قادت العراق الى مآس لا زال يئن من آثارها التدميرية، لذا فان تدعيم بناء دولة المؤسسات الدستورية مورد مفروغ منه دستورياً وهي الخطوة الاساس على صعيد البناء الوطني الديمقراطي للعراق البرلماني الفيدرالي التعددي الدستوري.
https://telegram.me/buratha