قصي كريم الشويلي
سماحة السيد هاشم صفي الدين(رض) ، ذلك الرجل الذي كان منارةً من منارات الجهاد، وقبسًا من نور الصمود، لم يكن يومًا بعيدًا عن ساحات النضال. حياته كانت رحلة مليئة بالعطاء والتضحية، وموته كان ختامًا عظيمًا لمسيرة طويلة من الجهاد، لكنه لم يكن الخاتمة لنوره الذي ظل يتوهج في قلوب الذين ساروا على دربه.
ما كان أشد على الأمة من خبر استشهاد السيد حسن نصر الله (رض) ، ذاك الأسد الذي واجه الصعاب ووقف في وجه أعتى طغاة العصر. وفي وسط هذا الحزن، جاء استشهاد السيد هاشم صفي الدين ليزيد الجراح عمقًا، وليؤكد للعالم أن رجال المقاومة لا يتركون ساحة المعركة إلا شهداء.
لقد سقط السيد هاشم، لكنه لم يسقط من قلوب محبيه. على تلك الأرض التي أحبها وضحى من أجلها، لقي مصيره المحتوم، وسُجّل في سجل الشهداء الأبرار. وكم كان له من مواقف، كان فيها يتقدم الصفوف، يتحدث بصوته الهادئ الثابت، وكأنه يطمئن القلوب بأن النصر قريب، ولو كثر الأعداء.
أذكره في يومه الأخير، وكان بين جنوده، يُلقي كلماتٍ تفيض إيمانًا، وتلهب النفوس عزيمة. كان وجهه يتوهج بنورٍ لا يخطئه البصر، نور الأمل الذي لا ينطفئ، حتى في أحلك اللحظات. كان يحمل في قلبه إرث السيد حسن نصر الله(رض) ، ذاك الإرث الثقيل الذي لم يكن لأحدٍ أن يحمله إلا أولئك الذين رُزقوا بإيمانٍ لا يتزعزع، وإرادةٍ لا تُقهر.
يقال إن الموت نهاية كل إنسان، ولكن هل الموت نهاية للذين عاشوا حياتهم على طريق الحق؟ هاشم صفي الدين كان من هؤلاء الذين لا يموتون بموت أجسادهم، بل يبقون أحياءً في ضمائر الأجيال التي استلهمت منهم معاني الصمود والتحدي. هو لم يمت، لأنه كان ولا يزال رمزًا حيًا للمقاومة، جسّد بتضحياته معنى الحياة الأسمى.
وكما نُقل عن الحكماء، "ليس الشهداء من يغيبون عن الدنيا، بل من يغيبون عن ذاكرة الناس". وهاشم صفي الدين لم يغب، ولن يغيب، لأنه ترك خلفه إرثًا حيًا، يُنير دروب المقاومين الذين يواصلون المسير.
لما سقط السيد هاشم شهيدًا، لم تكن دماؤه إلا شاهدًا على إيمانه العميق بأن الحق لا بد أن ينتصر، مهما بلغت التضحيات. مشهد استشهاده كان كأنما خُتمت به صفحات النضال الكبرى في زمنٍ ظن فيه البعض أن المقاومة قد أنهكتها الجراح. لكنه، وهو يقف على مشارف الأبدية، أثبت أن درب الجهاد لا يطويه زمن، ولا تقطعه قوة.
في موته، كان السيد هاشم صفي الدين، كما كان في حياته، رمزًا للعزيمة الصادقة، رجلًا لم يخشَ الموت يومًا، لأنه كان يؤمن بأن الحياة الحقيقية لا تُكتب إلا على جبهات القتال، حيث يُختبر الإنسان في صراعه مع الطغيان.
الآن، وقد رحل السيد هاشم صفي الدين عن دنيانا، نراه في قلوب كل من آمن بقضيته، ونسير على خطاه، واثقين بأن الشهداء لا يموتون، بل يظلون مشاعل تنير لنا طريق الحرية. وكما قال احد الادباء في كتاباته عن الشهداء: "هم الذين تخلوا عن الحياة طوعًا، ليمنحوا الآخرين فرصة للعيش بكرامة".
https://telegram.me/buratha