*أبو فاطمه الشويلي*
في إحدى الليالي المظلمة، حيث اجتمع القمر مع النجوم ليشهدوا صراع الأقدار، هزّت الدنيا كلها نبأ استشهاد الرجل الذي كان سندًا للأمة، وملاذًا لكل ضعيف ومظلوم. ذاك السيد الذي عرفته الأرض كما تعرف السماء؛ هو السيد حسن نصرالله، الرجل الذي كرّس حياته في سبيل الحق.
كأنما نعى الزمان نفسه حين ضجّت الأصوات تردد: "استشهد السيد!"، وكأنما الكون كلّه حزن لفراقه. كانت لحظة تقشعر لها الأبدان وتدمع لها الأعين.
ولكن، في ظلال هذه الفاجعة، كان هناك من فقد سندًا أكبر من أي قائد. كانوا هناك، في زوايا الدنيا، الأيتام الذين احتضنهم السيد بكلماته وفعاله، فأحبوه كأب، واتخذوا من نصره وسيرته نبراسًا ينير دروبهم المعتمة. لم يكن السيد بالنسبة لهم قائدًا فحسب، بل كان رمزًا للحياة ذاتها. هؤلاء الأطفال الذين غابت عنهم ملامح آبائهم في ساحات النضال، كانوا يجدون في السيد وجه الأب الذي انتظروه طويلًا.
بعد استشهاد السيد، خيّم الحزن العميق على قلوبهم الصغيرة. كيف لا، وهو الذي كان يواسيهم في كل لحظةٍ تذرف أعينهم الدموع على فقدان آبائهم؟ كيف لا، وهو الذي وعدهم يومًا أن الحق سيعود، وأن الشمس ستشرق من جديد على تلك الوجوه التي اغتالتها الحرب؟
في مشهدٍ مؤثر، رأيت طفلةً صغيرة، تحتضن صورة السيد وتبكي كما لو كانت تحاكي روح أبيها الشهيد. كانت تمسح دموعها بيدين صغيرتين، وتقول بصوتٍ مرتعش: "من سيعطينا الأمل الآن؟". وتقدّم نحوها شابٌ صغير، عاقدًا العزم في قلبه، وكأنه يقول للعالم بأسره: "لن ننسى ما علّمنا السيد".
لقد ترك السيد خلفه إرثًا من القيم والإيمان الذي لن يمحوه الزمن. وبينما قد يكون العالم قد فقد رجلًا عظيمًا، فإن أيتامه لن يفقدوا البوصلة التي أرشدتهم نحو الطريق المستقيم. سيظل ذكراه حيًّا في قلوبهم، وستمضي أرواحهم مستنيرة بذلك النور الذي زرعه فيهم
https://telegram.me/buratha