المقالات

لماذا تصاعدت الهجرة العكسية من اسرائيل بعد معركة طوفان الاقصى؟!

557 2024-09-16

د. جاسم يونس الحريري ||

 

 

لاشك أن معركة “طوفان الأقصى” البطولية زرعت الخوف والرعب والهلع في قلوب “المستوطنين” بغلاف غزة، والتجربة القاسية التي عاشوها، مع عجز الكيان الإسرائيلي وجيشه عن حمايتهم، قد دفعتهم إلى الهروب في “هجرة عكسية”، وهو ما تخشاه ((إسرائيل))، التي تسعى لجذب يهود العالم للهجرة إليها. كما أن “الطوفان” مزق تماما الصورة التي لطالما رسمتها ((إسرائيل)) لنفسها باعتبارها دولة قوية لا تُهزم، ولا تنال منها أي قوة، وهو ما جعلها مهجرا ليهود العالم.”لقد هربنا إلى قبرص مباشرة بعد انطلاق صفارة الإنذار الأولى يوم السبت الموافق7اكتوبر2023، أخبرني حدسي أن هذه لم تكن مجرد جولة أخرى، وكانت أعصابي متوترة لمدة 10 أشهر بسبب هذا البلد الذي جن جنونه علينا” هذا ما جاء في شهادة أحد الفارين في تحقيق لصحيفة ((هآرتس)) الاسرائيلية بعنوان “قاتل حماس أو اهرب”.

لم يتعود الإسرائيليون على “النزوح” كان هذا مصطلحا لصيقا بالفلسطينيين والعرب في الأماكن التي تطالها الاعتداءات الإسرائيلية، وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023بات الإسرائيليون ينزحون أيضا، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أن 500 ألف نزحوا داخل ((إسرائيل)) وهم مستوطنون مهاجرون في الأصل، فيما أخليت مدينة((سديروت))بالكامل،وهي تضم نحو 20 ألف مستوطن، كما يتم إخلاء المستوطنات القريبة من الحدود الشمالية مع لبنان.ويشير دخول الإسرائيليين إلى دائرة النزوح وسقوط صواريخ المقاومة في تل أبيب وجنوب القدس وتعطيل جلسات أعضاء الكنيست وهروبهم إلى الملاجئ بالصورة القاتمة إلى زيف مقولة الأمن والاستقرار، ويعطي انطباعا للإسرائيليين عما قد يحصل مستقبلا، فباتوا يتفقدون جوازاتهم البديلة المكتسبة بحكم جنسياتهم الأصلية القديمة أو تلك التي حصلوا عليها لاحقا لاستخدامها عند الضرورة.

وكانت مشاهد الازدحام غير المسبوق في مطار تل أبيب -الذي تعطل بعد قصف المقاومة في ذلك اليوم- والمطارات الأخرى أكبر من أن تفسر بسياقات السفر العادية، فمعظم من يخرجون باتوا لا يعودون، ويضرب كل ذلك عمق العقيدة الصهيونية التي تقوم على عنصر الإحلال والاستقرار وتشجيع الهجرة المكثفة إلى “أرض الميعاد”، والذي كان هاجس ((الوكالة اليهودية))منذ تأسيسها عام 1922. وتشير ظاهرة الهجرة العكسية المتزايدة إلى انكسار أسباب الاستقرار المبنية على الأمن، فبالنسبة للكثيرين لم تعد إسرائيل دولة آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار الأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وذلك تبعا لما يلي:- – لم تعد المواجهات العسكرية محدودة، بل أصبحت ضربات المقاومة تستهدف كل ((إسرائيل)) وبشكل موجع.– أصبحت المواجهات متواترة، والخسائر الإسرائيلية في ارتفاع تدريجي.–عدد القتلى والجرحى في ازدياد متواصل، ولم يعد أحد بمنأى عن ذلك.– لم تعد القوة العسكرية أو الاستخباراتية الإسرائيلية قادرة على تجنيب الإسرائيليين الموت.

– فقد الجيش الإسرائيلي قدرة الردع، وظهرت حقيقة ضعفه.– زيادة قوة “الحزام المعادي لإسرائيل”، حيث أصبح يشكل تهديدا وجوديا لها.– تفاقم المشاكل الداخلية الإسرائيلية سياسيا وانعكاسها على الوضع الاقتصادي والأمني.– سيطرة اليمين على مفاصل السلطة واعتماد سياسة عنصرية متطرفة مثّلا عنصرا طاردا – أدت الأوضاع الداخلية والخارجية إلى زيادة منسوب التشاؤم والإحباط لدى الإسرائيليين. وفي هذا المجال كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية الخاصة، يوم الأربعاء الموافق11/9/2024، عن تزايد ملحوظ في عدد اليهود الذين يغادرون ((إسرائيل)) منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحثا عن أماكن أكثر أمانا، واصفة ذلك بأنها “عودة إلى التِّيهِ من جديد”.وفي تقرير نُشر تحت عنوان “في إسرائيل وخارجها: اليهود يغادرون منازلهم بحثا عن أماكن أكثر أمانا”، عرضت الصحيفة قصصا لأشخاص تركوا((إسرائيل))؛إما بسبب الحرب أو بسبب تراجع الديمقراطية.من بين هؤلاء، ((إيما ماغن توكتالي)) التي لم تفكر سابقا بمغادرة ((إسرائيل)). لكن في أغسطس/آب 2024قامت هي وزوجها ببيع جميع ممتلكاتهما، واستأجرا شقة في ((تايلاند)) قبل أن ينتقلا مع طفليهما للعيش هناك. ووفقا لـ”هآرتس”، فإن الزوجين “لا يعرفان أين سيستقران في المستقبل، ولا ما إذا كانا سيعودان إلى إسرائيل من عدمه”.

أما ((درور سدوت)) (29 عاما)، فغادرت إلى العاصمة الألمانية برلين مع شريكها في نوفمبر/ تشرين الثاني2023. وذكرت صحيفة هآرتس: “منذ 7 أكتوبر2023، غادر عشرات الآلاف من اليهود في إسرائيل وخارجها بحثا عن وطن جديد، على أمل أن يكون أكثر أمانا”.

 

وأوضحت الصحيفة أن الدوافع تتنوع بين الخوف من الحرب، انهيار الديمقراطية، معارضة الحكومة، ارتفاع تكاليف المعيشة، أو الخوف من معاداة السامية، والتضامن مع ((إسرائيل)). وأشارت إلى أن يهود القرن الحادي والعشرين قد يعودون إلى حالة التيه مجددا.ووفقا للبيانات، غادر 42 ألفا و185 إسرائيليا بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومارس/ آذار 2024، ولم يعودوا حتى يوليو/ تموز2024، بزيادة قدرها 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

أما في أكتوبر 2023، مع اندلاع الحرب، فشهدت الهجرة قفزة دراماتيكية؛ حيث غادر 12 ألفا و300 إسرائيليا ولم يعودوا بعد؛ ما يمثل زيادة بنسبة 400 % مقارنة بأكتوبر 2022.غير أن موجة الهجرة بدأت بالفعل في الصيف السابق للحرب، نتيجة رد الفعل على خطة نتنياهو لإصلاح القضاء. ففي الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2023، غادر 34 ألفا و500 إسرائيلي ولم يعودوا حتى نهاية مايو/ أيار 2024، وهو ضعف العدد مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك