بقلم:محمد التميمي
يمثل خضير "طاهر" الكاتب الحاضر دائما في موقع كتابات، نموذجا قد يعتبره البعض غريبا، وقد يعتبره البعض الاخر جزءا من ظاهرة سلبية لاغرابة فيها،عبر موقع كتابات عنها اصدق تعبير من خلال ما يطرح فيه من قضايا مختلفة بلغة هابطة للغاية اخلاقيا ومهنيا، تعكس طبيعة وخلفيات اصحابها ليس الا. لماذا يعتبر البعض خضير "طاهر" نموذجا غريبا؟..
ربما لسبب بسيط يتمثل في ان التصور القائم لدى عموم الناس ان الكاتب انسان مثقف ولابد انه يمتلك خزينا معرفيا جيدا، الى جانب معايير وضوابط وقيود اخلاقية تجعله يستخدم للتعبير عن افكاره ورؤاه وموقفه لغة تختلف عن اللغة التي يستخدمها اناس اخرين من شرائح وفئات اخرى في المجتمع ، وانه –أي الكاتب-لابد ان يستخدم الادلة والوقائع الدقيقة والارقام والمعلومات المؤكدة لصياغة مواقفه وتصوراته ورؤاه، تجاه الاخرين، سواء كانت بالاتجاه الايجابي، او الاتجاه السلبي، لان الامانة وشرف المهنة تحتم ذلك، فلا يمدح كثيرا بمناسبة ومن دون مناسبة لما يراه صحيحا وصائبا، ولايذم بأسلوب القذف والتشهير والتجريح من خلال اللجوء الى العبارات والمفردات السوقية الهابطة، وكأن المصالح والحسابات الخاصة هي التي تحدد بوصلة مواقفه من هذا الطرف او ذاك.
وهناك مصاديق واضحة بالنسبة لهذا الامر مع خضير "طاهر"، فهو جعل من رئيس جهاز المخابرات العراقي محمد عبد الله الشهواني حالة فريدة ونادرة في الوطنية والاخلاص والنزاهة والصدق والشرف، بحيث انه لم يكن عسيرا على أي قاريء بسيط لما كتبه بهذا الشأن ان يستنتج ان هناك مصلحة ما لـ"طاهر"، وبالفعل هو افصح عن ذلك، فهو كان يريد ان يأتي الى العراق-بحسب ادعاءه، وكان يبحث عمن يوفر له الحماية ويتكفل بنفقات سفره واقامته وتجواله في العراق، وبكل شيء، وخاطب الشهواني برسالة مثل تلك التي كان يخاطب بها الملوك والاباطرة في حقب سابقة. ويبدو ان رسالته اثارت حمية ونخوة رئيس جهاز المخابرات، لذلك بادر الى تكفل كافة تكاليف سفره واستنفار جهاز المخابرات لتوفير الحماية اللازمة له!.
ومن غير الواضح بالنسبة لنا وللكثيرين فيما اذا كان الشهواني قد دفع تكاليف رحلة خضير من جيبه الخاص ام من ميزانية جهاز المخابرات التي لا علاقة لها بميزانية الدولة العراقية.ماذا لو لم يستجب الشهواني لالتماس خضير "طاهر"؟.. لاشك انه لوكان الامر كذلك لرسم صورة مغايرة له تماما، ولتحدث عن طبيعة عمل جهاز المخابرات، ولقال ان جهاز مخابرات الشهواني لايختلف عن جهاز مخابرات برزان، ولقال ان جهاز مخابرات الشهواني يمول من وكالة المخابرات المركزية الاميركية ومن اجهزة مخابرات عربية واجنبية من بينها جهاز الموساد الاسرائيلي، وان جهاز مخابرات الشهواني بدفع اموالا طائلة لمواقع انترنت ولكتاب، لتشويه صورة رجالات الدولة العراقية والناس المخلصين،ومن دون ان يسوق أي دليل، كما يفعل حينما يخصص مقالات مطولة لكيل شتى انواع السباب والشتائم لاشخاص بعض غادروا الحياة الدنيا وبعض مازالوا على قيد الحياة، معروفين بالوطنية والنزاهة والتأريخ المشرف، ومن دون ان يكلف ويجهد نفسه بتقييم مواقف هؤلاء الاشخاص ووضعها في الميزان.
ان افتراض قيام خضير "طاهر" برسم صورة سيئة عبر كتاباته لمحمد الشهواني فيما لو كان قد تجاهل طلبه، هو في حال تم التيقن من ان خضير ليس له أي ارتباط وظيفي بجهاز الشهواني، وهذا ما تؤشر المعطيات الى عكسه تماما. اما لماذا يعتبر البعض الاخر خضير "طاهر" جزءا من ظاهرة سلبية لا غرابة فيها؟.. فذلك انطلاقا من مفهوم الشطر الثاني لبيت الشعر المشهور للشاعر ابي الطيب المتنبي ".. وكل اناء بالذي فيه ينضح"..فـ"طاهر" كان من الممكن ان يناقش القضايا التي يطرحها، ومواقفه من هذا الشخص او ذاك بطريقة مهنية وموضوعية اكبر دون اللجوء الى عبارات ومفردات قد يأنف من يمتلك قدرا من الخلق الاجتماعي الرفيع، والبعد المهني، الذي يعطي لمهنة الكتابة حرمتها ومكانتها، بعدم دفعها الى مستويات متدنية في سلم السلوك الاخلاقي القويم
ولكن من الخطأ ان يلام الكاتب "طاهر" على ما سطره ويسطره قلمه، فهو يعبر من خلال كتاباته عما في داخله من نزعات، ويعبر عن طبيعته شخصيته، وعن حقيقة خزينه المعرفي والثقافي، ومن غير المنطقي ان نطلب منه اظهار شيء يتناقض مع ما يختزنه ويحتويه كيانه الداخلي.الاناء الذي فيه ماء لابد ينضح ماء، ولايمكن ان ينضح شيئا اخر.و"طاهر" مثل الاناء الذي لاينضح الا بما فيه.
https://telegram.me/buratha